حفيظة بوضرة
تم بوجدة تنظيم الدورة الأولى لملتقى القرب للمشاركة المواطنة في دورته الأولى، المنظم من طرف هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع، وفضاء التشاور والحوار والوساطة المواطنة بجماعة وجدة.
ويشكل هذا المنتدى الذي يأتي في إطار تقييم وتتبع السياسات العمومية، مناسبة لتلاقي الرؤى، وتبادل الأفكار حول موضوع جوهري في مسار التنمية الديمقراطية المحلية، وتقديم إضافات نوعية للفعل الديمقراطي التشاركي.
وفي كلمة لها، قالت رئيسة هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع لطيفة رزوق، أن مفهوم القرب لم يعد يقتصر على البعد الجغرافي أو الإداري، بل أصبح يجسد أسلوبا في الحكامة يقوم على الإنصات، والتفاعل و المشاركة، ويعيد الاعتبار لدور المواطن، ليس فقط كمتلق للخدمة، بل كشريك في اتخاذ القرار، وفي بناء السياسات العمومية التي تستجيب لحاجياته وتطلعاته.
وأوضحت رزوق، أن المواطنة ليست صفة قانونية، بل منظومة من الحقوق والواجبات، مضيفة أن هذا المنتدى يشكل فرصة سانحة لمناقشة التحديات التي تواجهنا في ترسيخ هذه القيم.
من جانبه، تطرق الإطار بجماعة وجدة، نور الدين رحو، خلال هذا الملتقى المنظم تحت شعار: “الفعل التشاركي وحده الكفيل بتحقيق تنمية شاملة”
للقصور الذي تعرفه الديمقراطية التمثيلية، بالنظر لبعد المجالس المنتخبة عن انشغالات المواطن والمجتمع.
وقال الباحث في سلك الدكتوراه في القانون العام في مداخلته التي تناولت الإطار المعياري لآليات الديمقراطية التشاركية، أن الرهان أمسى على المعطى الاجتماعي في التدبير السياسي، من خلال توسيع دائرة المشاركة السياسية للأفراد وجمعيات المجتمع المدني، من خلال اعتماد مقاربات تجعل الفعل العمومي مواكبا للفعل السياسي التمثيلي، عبر نهج مقاربات تشاركية تجعل من المواطن والمجتمع في صلب سياسات اتخاذ القرار السياسي العمومي.
من جهتها، تحدثت نائبة رئيس مصلحة التخطيط والتنمية المستدامة بجماعة وجدة كريمة طالب، عن برنامج عمل الجماعة في الفترة الممتدة من 2022 إلى 2027، وكذا المشاركة المواطنة التي تهم أساسا العرائض والملتمسات في مجال التشريع، إن على المستوى الوطني أو الترابي، بما يتيح للمواطنات والمواطنين كيفية المشاركة في الآليات العامة.
في سياق متصل، تحدث الخبير في الحكامة والتخطيط الترابي عبد السلام أمختاري، عن التحولات السياسية والاجتماعية المتسارعة التي أدت إلى إعادة التفكير في نموذج الحكامة السائدة من منطلق التمثيلية المحدودة، إلى أفق الديمقراطية التشاركية التي تجعل المواطن في قلب العملية التنموية، مشيرا إلى أن الديمقراطية التمثيلية تعاني من عدة اختلالات، منها ضعف الثقة بالمؤسسات، والرفع من منسوب الشفافية، وتهميش الفئات الهشة.
وتطرق المتحدث للحكامة الترابية، باعتبارها آلية فعالة لتجسيد التنمية المستدامة، من خلال تفعيل اللامركزية والتكامل بين الفاعل الترابي، وتحقيق العدالة المجالية.
واعتبر أمختاري، أن آليات المشاركة هي من أجل تعزيز الفعل المباشر للمواطن في إنتاج القرار.
وخلص إلى القول، أنه لايمكن الحديث عن تنمية دون مشاركة، ولا مشاركة دون حكامة ديمقراطية، وأنه يجب تقوية قدرات الفاعلين، وإدماج التربية على المواطنة في المنظومة التربوية، حتى يتم الانتقال من التمثيلية إلى التشاركية، ضمن نسق تكاملي غير إقصائي.
وبصفتها عضوة هيئة المساواة وتكافؤ الفرص، أبرزت مليكة العلمي في عرض لها، أن الهيئة تستمد قوتها من المواثيق الدولية المؤسسة لحقوق الإنسان، ومن الفصل ال 19 و 136 من دستور 2011، وكذلك من القوانين التنظيمية خاصة المادة 113، 14 وكذلك من النظام الداخلي لمجلس جماعة وجدة، خاصة المتعلق منه بإحدات هيئة المساواة وتكافؤ الفرص.
ومايميز هذه التجربة، تضيف المتحدثة، هو وجود جماعة منفتحة على الهيئة، وكذا وجود لجنة تقنية تابعة للهيئة تقوم بتتبع أشغالها، ووجود جمعيات حاملة للمشروع لتأسيس المشهد الديمقراطي لجهة الشرق، كجمعية عين غزال 2000، وجمعية التعاون للتنمية والثقافة، وجمعيةالعمل التنموي، وجمعية تسغناس للثقافة والتنمية بالناظور، إلى جانب المنظمة البلجيكية إينابيل.
وكشفت العلمي، أن الهيئة شاركت في عدة محطات لتقوية قدراتها، وقدمت آراء استشارية للجماعات الترابية كالتمكين الاقتصادي للنساء، وتجويد النقل العمومي، وخطة استشارية لتحيين برنامج عمل الجماعة خلال مدة انتداب المجلس الجماعي.
وفي كلمة له، أشار رشيد بووشمة، منسق فضاء التشاور والحوار، إلى نقطتين رئيسيتين، أولهما قرب نهاية مدة انتداب مجلس جماعة وجدة، وبالتالي الحاجة الملحة لتتبع سياسات الجماعة وبرنامج عملها، فضلا عن مآل مقترحات هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع الاجتماعي بهذه الجماعة، ومقترحات فضاء التشاور والحوار والوساطة المواطنة، وثانيهما، ما تخوله وتقتضيه مضامين مذكرة التفاهم المبرمة بين الهيئة والفضاء بتاريخ 25 فبراير 2025.
هذا، ويمكن إجمال الأهداف الرئيسية من هذا الملتقى في التعريف بدور الهيئة والفضاء في تعزيز المساواة والحوار، وفي توسيع المشاركة المواطنة في صناعة القرارات التنموية، فضلا عن تعزيز الشراكة بين الجماعة والمجتمع المدني
.إلى ذلك، ساهمت الحوارات الغنية، والمداخلات التي عرفتها أشغال هذا المنتدى في الخروج بتوصيات عملية قابلة للتفعيل، تساهم في بلورة مقاربات أكثر نجاعة في خدمة المواطن، وتساهم في تعزيز الانخراط الجماعي في بناء مجتمع أكثر عدلا وشفا
