الترحال السياسي أو الميركاتو الانتخابي

بقلم زكرياء بالحاجوج

معروف في المجال الكروي، وفي إطار الاستعدادات للمواسم الكروية، أن الأندية الكروية تعمل على استقطاب لاعبين محترفين من أندية أخرى لتدعيم صفوف النادي استعدادا لموسم كروي ناجح، يحقق معه الفريق نتائج إيجابية ترضي الجمهور.
هذا النهج هو ما أصبحت تسير عليه الأحزاب السياسية مع اقتراب كل موسم أو موعد انتخابي، حيث تجدها تتسابق لاستقطاب منتخبين محترفين استعدادا للموسم.

فإذا كان النادي الكروي يبحث في اللاعب عن المهارة والانضباط والقدرة على العمل الجماعي داخل الفريق الواحد لتحقيق النتائج المتوخاة، فغالبية الأحزاب السياسية لا تبحث عن المرشح الكفء والنزيه الذي يُرضي المواطنين بإنجازاته وقدرته على الترافع خدمة للصالح العام، بقدر ما تبحث عن ذلك المرشح صاحب “الشكارة”، محترف الانتخابات الذي يدفع أكثر، والمستعد لاستغلال فقر وعوز المواطنين العاديين وبائعي ذممهم لشرائهم بدريهمات سبق أن أخذها منهم.

هذه الظاهرة، والتي أصبحت شبه عادية عند بعض الأحزاب التي لا تهمها المصلحة العامة ولا مصلحة الوطن، هي ما جعلت شريحة عريضة من المواطنين تنفر من العمل السياسي، وتفقد الثقة في العملية الانتخابية برُمتها باعتبارها مجرد مسرحية يؤدي فيها المرشح دورا يتقنه لإيهام الناخبين بنزاهته، في حين أن واقعه عكس ما يدَّعيه.

وبالرغم من تنصيص الدستور المغربي في الفصل 61 على أنه “يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها”، إلا أن واقع الحال، وخاصة مع اقتراب كل موعد انتخابي، يثبت أن الأحزاب لا تهتم بتخليق العمل السياسي بجعله أداة لخدمة المجتمع، بقدر ما تهتم بحصولها على مقاعد تخولها الدخول لمجالس التسيير خدمة لمصالحها الضيقة، وهو مايجعلها، مع اقتراب كل موعد انتخابي، تتنافس وتتسابق فيما بينها على استقطاب الأعيان والمنتخَبين المحترفين بأحزاب أخرى، دون مراعاة لمستوى المرشح ولا لمبادئه وتاريخه وكل همها المناصب وما يأتي من وراء المناصب من مكاسب.

هذا الوضع الذي أصبحت تعيشه غالبية الأحزاب، جعل البعض ينظر للعمل السياسي نظرة استثمارية، يستثمر فيه بعضا من ثروته للحصول على تزكية تمكنه من أحد المراكز الأولى في اللائحة الانتخابية التي يضمن بها لنفسه الفوز بأحد المقاعد المتنافس عليها، وهذا ما يفسر تهافت الأعيان وأصحاب المال على دخول غمار الانتخابات، لأنهم يعلمون أن الاستثمار فيها مربح…

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الساحة الثقافية بتاوريرت تتعزز بإصدار جديد: “بوح عاشقة” للمبدعة الواعدة إيمان مقور

كساد تجارة الدين في سوق السياسة أمر مريح لكن قوة المال ما زالت أمامها أيام واعدة…