تحت شعار: “تعاقد لتجديد العمل النقابي في إطار تقدمي، ديمقراطي وتشاركي”، التأمت المكونات النقابية لاتحاد القوى العاملة بالمغرب، لعقد المؤتمر الوطني التأسيسي للاتحاد، يوم الأحد 9 يناير 2022 بالرباط.
ويأتي تأسيس اتحاد القوى العاملة بالمغرب، كتعبير عن إرادة جماعية لفئات معتبرة من الشغيلة المغربية، وكإجابة موضوعية عن حاجة ملحة لانبثاق هيئة نقابية تقدمية ديمقراطية وتشاركية، برؤية ومقاربة مجددة للفعل النقابي، وبصيغ تنظيمية مبتكرة تروم بالأساس، تعضيد وتعزيز صف القوى الديمقراطية الاجتماعية ببلادنا، بإدراك عميق للأدوار الدستورية والمجتمعية المنوطة بالفاعلين النقابيين، سواء منها التأطيرية والتمثيلية، بغية تثمين وترقية مفهوم الوساطة الاجتماعية مع الشركاء من أرباب العمل والسلطات الحكومية المتدخلة في المنظومة الشغلية بكل أبعادها الاجتماعية والرمزية والمؤسسية، مع الانفتاح على الهيئات والمنظمات النقابية الديمقراطية والتقدمية، العربية والإفريقية والدولية، والتي تقاسم الاتحاد نفس الأهداف، ومن ضمنها الحركة النقابية بفلسطين الشقيقة، والسعي لربط وتمتين جسور التعاون والشراكة معها.
وينعقد المؤتمر الوطني التأسيسي للاتحاد، بعد سلسلة من اللقاءات التحضيرية الوطنية، دامت لما يقارب ثلاثة أشهر من التداول والنقاشات المستفيضة، توجت بالمصادقة على مشروعي القانون الأساسي وميثاق المبادئ المرجعية.
وتأسيسا عليه، يروم اتحاد القوى العاملة بالمغرب، المساهمة النوعية إلى جانب الهيئات النقابية المغربية والفعاليات والقوى الفكرية الحقوقية والمدنية الحية في إبراز وتثمين وتعزيز القيم والثوابت الحضارية والدستورية للأمة المغربية، تعضيد الفعل النقابي الوحدوي المنافح عن مصالح القوى العاملة وعموم الأجراء، بما يعزز الشراكة والتعاون، ومأسسة الحوار الاجتماعي بين الشركاء، وبالتالي تصليب دعائم السلم الاجتماعي في أفق إرساء مقومات الدولة الاجتماعية كأساس لتنزيل النموذج التنموي الجديد للمغرب.
إن المؤتمر الوطني التأسيسي لاتحاد القوى العاملة بالمغرب، يستحضر بانشغال كبير استمرار تردي الأوضاع الاجتماعية لفئات عريضة من المغاربة، ولعموم الشغيلة المغربية على وجه الخصوص، جراء مواصلة الحكومة الحالية لنفس نهج سابقاتها، من خلال الاختيارات والتدابير المعتمدة في معالجة المسألة الاجتماعية بالمغرب.
وفي هذا الإطار، يلفت المؤتمر الوطني التأسيسي لاتحاد القوى العاملة بالمغرب انتباه الحكومة، إلى ضرورة الوفاء بالتزاماتها الانتخابية، ومراجعة مجمل القرارات والتدابير ذات الوقع القاسي على المعيش اليومي للفئات الهشة والمتوسطة، لتلافي تداعياتها المحدقة بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية، نتيجة تطورات الحالة الوبائية ببلادنا، والتدابير الاحترازية المصاحبة لها، وتأثيراتها السلبية على أوضاع العاملات والعاملين بقطاع الصحة، مع ظهور متحورات جديدة في عدة دول، مما أدى إلى إغلاق الحدود، وتدهور القطاع السياحي، والى انعكاسات مقلقة على أوضاع العاملين في القطاع.
من جهة ثانية، وعلى المستوى الاجتماعي، يسجل المؤتمر الوطني التأسيسي لاتحاد القوى العاملة بقلق بالغ، التطورات السلبية التي طالت قفة عيش فئات عريضة من الشغيلة المغربية وعموم الأجراء، التي أثقلتها الزيادات المهولة في أسعار العديد من المنتجات الاستهلاكية، بما ينعكس سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين، وكذلك الحيف الذي يطال فئة المتقاعدين (ات)،الشيء الذي يهدد السلم الاجتماعي الهش، داعيا الحكومة إلى إعادة النظر في آختياراتها الإقتصادية والاجتماعية بما ينسجم والدولة الاجتماعية المأمولة.
وعلى المستوى التشريعي، يطالب الاتحاد بضرورة التسريع بإصلاح وتجويد منظومة العلاقات الشغلية وعلاقات الإنتاج السائدة اليوم، من خلال الدعوة إلى إخراج القوانين المؤطرة لعالم الشغل، والمتمثلة في القانون المنظم للنقابات، قانون الإضراب، ومأسسة الحوار الاجتماعي بين الحكومة وأرباب العمل والهيئات النقابية.
من جهة أخرى، يثمن الاتحاد، باعتزاز كبير، التطورات المتلاحقة لملف الوحدة الوطنية وما يحققه المغرب من انتصارات و إنجازات في ذات الموضوع نتيجة للجهود الديبلوماسية المتواصلة التي يبذلها المغرب تحت قيادة جلالة الملك، وفي هذا الإطار يدعو الاتحاد إلى تشكيل تكتل وطني يجمع القوى النقابية والحقوقية والمدنية، كجبهة وطنية داعمة لجهود الدولة المغربية في أفق حسم وطي ملف قضية الوحدة الترابية، ومواصلة العمل على تعزيز و تقوية العلاقات مع حلفاء المغرب، والتمكن من تملك التكنولوجيا في مختلف مجالاتها، بما يجعله متملكا لكل مقومات الحسم النهائي للملف، رغم المحاولات التي تقوم بها الأوساط المعادية للمغرب، من توتير للأجواء بالمنطقة بغرض ربح المزيد من الوقت جراء تداعيات أزمتها الداخلية، و ذلك عبر إطالة أمد النزاع مع ما يترتب عن ذلك من مضاعفات في أوساط المحتجزين المغاربة في مخيمات تندوف.
وفي هذا السياق، يدعو المؤتمر الوطني التأسيسي للاتحاد، إلى ضرورة تعزيز شروط التعبئة الوطنية لتقوية وتحصين الجبهة الداخلية، للوقوف في وجه كل المؤامرات التي أصبحت تحاك علنا ضد الحقوق الوطنية الترابية والتاريخية للملكة المغربية، معتبرة في ذات السياق أن ملف الوحدة الوطنية مرتبط عضويا بمعركة البناء الديمقراطي والمؤسساتي ببلادنا، كأساس للتنمية الشاملة والمندمجة.
وختاما، إذ تعبر كل مكونات المؤتمر الوطني التأسيسي لاتحاد القوى العاملة بالمغرب عن اعتزازها بنجاح كل محطات التحضير المادي والأدبي لتأسيس الاتحاد، وانتخاب هياكل الاتحاد المتمثلة في المجلس المركزي والمكتب التنفيذي والكاتب العام، تهيب بكل المناضلات والمناضلين المنضوين تحت لواء الاتحاد عبر مختلف ربوع الوطن، إلى تعضيد وتكثيف الجهود من أجل مباشرة مهام وتوصيات المؤتمر، بدءا من الآن، ومباشرة الانكباب على البرنامج التنظيمي والتأطيري والتواصلي وطنيا، جهويا ومحليا؛
وجدير بالذكر، أن الاتحاد يحرص على الاشتغال وفق معايير العمل الدولية، الداعية للنهوض بأوضاع الشغيلة بالعالم، عبر اعتماد سياسات تنموية قائمة على الاقتصاد الجديد، وحماية البيئة والطاقات البديلة والمتجددة، بما يسهم في عصرنة وتقوية وتجويد الفعل النقابي ببلادنا، ويعبر عن التطلعات الحقيقية لمختلف فئات القوى العاملة في كل المواقع والمجالات الوظيفية والصناعية والفلاحية والتجارية والتقنية والخدماتية والحرفية والفنية والمعرفية. ولبلوغ هذا الهدف، ينبغي بلورة صيغ تنظيمية مبتكرة، متناسقة الوظائف والبنيان، دامجة لكل الحقول والتخصصات، فعالة في التواصل والأداء مركزيا وجهويا ومحليا وفي مختلف القطاعات.
كما يدعو الاتحاد، كافة مناضلاته ومناضليه، للانخراط الواعي والمسؤول إلى جانب الحركات الاجتماعية والحقوقية والمدنية، في معترك النضال والترافع حول مجمل القضايا الجوهرية للشغيلة المغربية، في أفق المساهمة الفعلية في دينامية التغيير الديمقراطي والتأثير الإيجابي على الاختيارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية، بما يكرس مجتمع العدالة الاجتماعية والمجالية والمناصفة في كنف دولة القانون والمؤسسات.