عبد القادر كتـــــرة
احتفل العالم يوم 3 دجنبر، ومن ضمنهم المغرب، باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة ليوم العالمي للإعاقة 2021، ويصادف هذا اليوم الثالث من دجنبر من كل عام، وما زال العالم منذ عام 1992م حتى اليوم يحتفل باليوم العالمي للإعاقة تأكيدًا على أهمية توعية الناس في كيفية التعامل معهم في العالم
وبهذه المناسبة، لابدد من التذكير مرة أخرى، بمعاناة العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة بمدينة وجدة، أو الوافدين عليها من جهات أخرى من التنقلات عبر شوارعها وطرقاتها إذ رغم تخصيص ولوجيات وهي معابر يجب أن تكون أرصفتها في مستوى الطريق، حتى يتمكنوا من التنقل من مكان إلى آخر بحرية تامة، ودون حاجة إلى الآخرين، وفي مأمن عن كل خطر كما في جميع الدول، أصبحت هذه الولوجيات بمثابة امتحان شديد وصعب لهؤلاء لعسر تجاوزها، إذ لا يميزها عن باقي الأرصفة إلا لون الزليج المختلف عن الباقي، أو انحناء جوانب الأرصفة قليلا.
“لا شك أن المهندس أو المقاول الذي باشر هذه المهمة المتمثلة في خلق ممر متميز لا يعلم هدفه وإلا أدرك أنه من المستحيل على المعاق صعوده ولو كان من أبطال العالم فما بالك بالشيوخ والعجزة والأطفال والنساء من ذوي الاحتياجات الخاصة المستعملين للكراسي المتحركة؟ وإذا كان ساذجا وصدق ووثق في هؤلاء المهندسين، كان مصيره مأساوي وأصابه ما أصابه…”.
عدد من هؤلاء المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة المتنقلين عبر كراسيهم المتحركة ذهب ضحية تلك الولوجيات إذا هم أصروا على تخطيها إما بانقلاب كراسيهم وإصابتهم إصابات مختلفة أو تمزقات عضلية على مستوى الأكتاف، كما يحكي أحد المعاقين، أو اضطرارهم لانتظار أحد المارة لمساعدتهم للقفز على تلك الحواجز الموضوعة والمنصوبة من طرف هؤلاء المهندسين والمسؤولين بدل حذفها وإلغائها أو اضطرارهم لاصطحابهم لأصحاء أو لذوي الاحتياجات الخاصة آخرين قادرين على المشي، أو في أحسن الحالات قطعهم لمسافات مضاعفة لتجنب تلك الحواجز مع العلم أن الأرصفة السابقة رغم عدم توفرها على ممرات للمواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة كانت أسهل تجاوزا بحكم أن مستوياتها كانت أقل ارتفاعا بكثير.
وسبق لعلي بلغود رئيس شبكة حقوق الاشخاص في وضعية إعاقة بالجنوب الشرقي، أن عبر خلال زيارة قامت بها الشبكة، لجمعية أمل للمعاقين بمدينة دبدو بإقليم تاوريرت، عن استيائه للوضعية التي يعيش فيها المعاق وقامت الشبكة برصد خروقات عديدة تتجلى في الاقصاء التام لهذه الشريحة الاجتماعية بهده المدينة المهمشة حيث غياب الولوجيات بالمؤسسات العمومية كمقرات الباشوية والبلدية والبريد ..
واعتبر رئيس الشبكة أن انعدام الولوجيات، أو عدم خضوعها للمعايير القانونية المعروفة أصبح إعاقة ثانية تضاف إلى إعاقة المعاق، رغم أن القانون يفرضها اليوم على كلّ المؤسسات العمومية والخاصة، وتسطيرها في جميع التصاميم الخاصة بالطرقات أو البنايات أو غيرها التي يرتادها المعاق.
إن العديد من المعاقين يجدون صعوبات في تحركاتهم وتنقلاتهم عبر كراسيهم المتحركة داخل المدن، لعدم وجود ولوجيات في الأرصفة بين الطرقات ، ويحتاجون لمساعد أو مرافق، رغم بحث بعضهم عن استقلالية تامة عن الآخرين.
“ما قاموا به هؤلاء المسؤولون على هذه الولوجيات لا يمكن تفسيره إلا بالجهل أو التجاهل واللامبالاة لما يقومون به . هل يستهزؤون بنا ويسخرون من إعاقتنا ؟ هل يريدون منا أن تخصص في سباق الحواجز بكراسينا وهي رياضة لم تعرفها بعد البلدان المتقدمة والمتخلفة؟” يصرخ المعاق الذي عجز عن “تَسلُّق” الممرّ وتجاوز حاجز الرصيف و”الصعود” إلى الساحة في محاولات مغامراتية انتحارية بعد أن ارتسمت على وجهه علامات القهر والظلم والغضب، قبل أن يستسلم ويطلب المساعدة من المارة.
يذكر، أن القانون رقم 10.03 المتعلق بالولوجيات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف أفرد 31 مادة موزعة على 5 أبواب منها مقتضيات عامة، والمتطلبات العامة للولوجيات، وإجراءات حماية الشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، والعقوبات ومقتضيات خاصة.
جديرة باللإشارة إلى أن منظمة الأمم المتحدة تحتفل بهذا اليوم تحت شعار واحد هو “يوم للجميع”، الهدف منه زيادة الوعي بمسألة الإعاقة وجعل التفكير بمن يملكون هذه الإعاقة جزءًا من حياة الناس، ويهدف هذا اليوم إلى زيادة وعي الناس أيضًا وتعريفهم بالواجبات التي عليهم تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة في جميع أنحاء العالم.
وتشير تقديرات المنظمة إلى معاناة أكثر من مليار شخص أي حوالي 15% من سكان العالم من شكل أو آخر من أشكال الإعاقة. ويُتوقع أن يرتفع هذا العدد نظراً إلى شيخوخة السكان وزيادة معدلات انتشار الأمراض غير السارية.
وعلى الرغم من وجود صلة بين الإعاقة والحرمان، فلا يتساوى جميع الأشخاص ذوي الإعاقة في مستوى الحرمان. والأمر يعتمد أساساً على السياق الذي يعيش فيه الأشخاص ذوو الإعاقة وعلى مدى تكافؤ الفرص في حصولهم على الخدمات الصحية والتعليمية والوظائف في جملة أمور.
ويُعد اشتمال مسألة العوق — الذي يُشار إليه كذلك بمصطلح “الإعاقة”، حسب تعريف المنظمة العالمية، شرطًا أساسيًا لدعم حقوق الإنسان والتنمية المستدامة والسلام والأمن، كما أنه من الأمور المحورية لتحقيق وعد خطة التنمية المستدامة لعام 2030 في ما يتصل بضمان ألا يتخلف أحد عن الركب. إن الالتزام بإعمال حقوق الأشخاص ذوي العوق ليس مسألة عدالة وحسب، وإنما هو كذلك استثمار في مستقبل مشترك.
وتُعمق الأزمة العالمية لجائحة كورونا (كوفيد – 19)، حسب المنظمة العالمية، أوجه التفاوت الموجودة في الأصل مسبقًا، كما أنها تكشف مدى ممارسات الاستبعاد وتسلط الضوء على حتمية دمج ذوي العوق.
والأشخاص ذوو العوق — وعددهم يصل إلى مليار نسمة — هم من أشد الفئات المُقصاة في مجتمعاتنا، فضلا عن أنهم من بين الأشد تضررًا بهذه الأزمة من حيث عدد الوفيات.
وحتى في ظل الظروف المُعتادة، تُعد قدرة الأشخاص ذوي العوق على الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والعمل والمشاركة في المجتمع ضعيفة. والمطلوب هو وجود نهج متكامل لضمان ألا يتخلف أحد عن الركب.
وسيؤدي اشتمال مسألة العوق ضمن الجهود المبذولة للتصدي لجائحة كورونا (كوفيد – 19) والتعافي منها، أمرا سيعود بالنفع على الجميع، فضلا عن الإسهام الفاعل في القضاء على الفيروس قضاء مبرما، ومن ثم إعادة البناء بصورة أفضل. كما أنه سيتيح أنظمة أكثر مرونة وقدرة على الاستجابة للمواقف المعقدة، والوصول إلى الجميع.