عبد العزيز داودي
على بعد أيام فقط من الشروع في الحملة الانتخابية استعدادا لاستحقاقات الثامن من شتنبر، والتي تهم الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية بوجدة، تطرح العديد من الأسئلة قد يكون غلافها مختلفا، لكن صميمها واحد، وهو هل ستغير فعلا هذه الانتخابات من الوضع المعيشي لساكنة مدينة الألفية؟ أم سيستمر الوضع على ما هو عليه؟ أو ربما سيتطور للأسوإ بناء على مؤشرات وأرقام رسمية للمندوبية السامية للتخطيط، والتي دقت ناقوس الخطر بخصوص عدد العاطلين عن العمل، حيث تحتل الجهة الشرقية المرتبة الأولى في عدد العاطلين عن العمل ب 18 % من السكان النشطين.
ما في جعبة هذه الأحزاب إذن من برامج حتى تعالج القضايا الكبرى للساكنة تهم المرافق العامة كالنقل الحضري وتدبير النفايات ومعالجة مطرح النفايات، ثم هشاشة البنية التحية المتمثلة في الطرق الكارثية للعديد من الأزقة والشوارع التي كانت وما زالت لا تصلح ولا ترمم إلا اثناء الزيارات الملكية؟ كيف لمجلس جماعي أن يباشر مهامه في تدبير الشأن المحلي وهو مثقل بمديونية تكبل هامش مناورته وتجعله في كل مرة وحين يستنجد بوزارة الداخلية؟ ليس من اجل تشييد الأوراش الكبرى أو المتوسطة، بل فقط من أجل تسديد رواتب موظفات وموظفي الجماعات المحلية، وفي أبعد تقدير من أجل أداء الديون المتراكمة على الجماعة، إما بناء على أحكام قضائية أو لعدم تأدية فواتير الكهرباء، والتي قدرت لوحدها بأزيد من ثمانية ملايير ستنم.
والغريب في ذلك أن نفس الوجوه ونفس الأحزاب السياسية تعد المواطنات والمواطنين بالأفضل، بل توهمهم بأن مشاكل ساكنة مدينة وجدة، ومعها الجهة الشرقية، ستحل بمجرد ترؤسهم للجهات أو الجماعات، أو حصولهم على مقاعد في البرلمان. وطبعا الحقيقة التي لا يتناطح عليها كبشان هي أن هؤلاء كلهم الذين ساهموا بشكل ما في أن تصل المدينة إلى ما هي عليه الآن، كان عليهم، ومن باب الحفاظ على ماء الوجه، أن لا يتقدموا أصلا إلى هذه الانتخابات.
أما إذا طبقنا فعلا مبدأ ربط المسؤولية بالمساءلة، وإذا كان المواطنون فعلا سواسية أمام القانون، فكان الأجدر محاسبة عدد من المنتخبين عوض تمثيل الساكنة.
وما نراه من تحضيرات وتسخينات للحملة الانتخابية يحز في النفس، حيث ومن الآن توزع الأدوار وترسم الخارطة الانتخابية على أهواء الفاعلين السياسيين الذين لا يجدون حرجا في تكليف زملائهم باللجوء إلى أحزاب أخرى قصد التحكم في تركيبة المجلس الجهوي والجماعي لوجدة. بمعنى أن هؤلاء لا يستحيون إطلاقا وهم يتنقلون بين الأحزاب السياسية بمختلف تلاوينها، ولا يستحيون أيضا وهم يشترون الذمم ويستغلون حاجة المواطنات والمواطنين وفقرهم للتصويت عليهم. وفي هذا الصدد طفت على السطح الجمعيات الرياضية والخيرية والشبابية والنسوية وحتى الدينية لتشكل بها جيوش انتخابية، خاصة في الأحياء الهامشية التي غالبا ما تصنع الفارق، وتكون بها الأصوات حاسمة لتغليب كفة حزب عن آخر. ثم بعدها تستمر حليمة على عادتها القديمة، وتستمر حرب التفويضات وترؤس المصالح بجماعة وجدة، ليس لخدمة الساكنة، وإنما للاغتناء غير المشروع، وككل مرة المواطن هو الضحية وهو كبش الفداء الذي يقدم قربانا لطواغيت عاثوا في الأرض فسادا، ومع ذلك ما زالو متمادين في ذلك ما دام الناخب غير حازم وغير مقبل وبشكل مكثف على صناديق الاقتراع لقطع الطريق على رموز الفساد والاستبداد…