اتهمت الجزائر مجموعتين صنفتهما مؤخراً ضمن المنظمات الإرهابية بالتسبب في اشتعال حرائق غابات مدمرة في الجزائر وقالت إن إحداهما مدعومة من المغرب وإسرائيل.
واعتقلت الشرطة 22 شخصاً للاشتباه بهم في إشعال تلك الحرائق، لكن مكتب الرئاسة يقول إن المسؤولية تقع بشكل أساسي على جماعتي “رشاد” الإسلامية و”ماك” الانفصالية في منطقة القبائل.
لكن “حركة استقلال منطقة القبائل” المعارضة للحكومة، نفت ضلوعها في هذه الكارثة، ودعت العالم إلى إجراء تحقيق دولي في سبب اندلاع الحرائق التي اجتاحت الجزائر، وفي حقيقة الأشخاص الذين عذبوا وقتلوا وأحرقوا الشاب جمال بن اسماعيل الذي اتّهم خطأ بإشعال الحرائق في منطقة القبائل.
ومن ناحية أخرى، ألقت السلطات الجزائرية باللوم على جارتها المغرب لدعمها المزعوم لـ “حركة استقلال منطقة القبائل” التي تُعرف اختصاراً باسم “ماك”. فما الذي نعرفه عن هاتين الحركتين ولماذا صنفتهما الحكومة كجماعتين إرهابيتين؟
حركة استقلال منطقة القبائل (ماك)
تأسست هذه الحركة، عام 2001، وتتخذ من باريس مقراً لها. وهي حركة غير مرخصة في الجزائر و صنفتها الحكومة في مايو الماضي، ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.
تأسست ماك على يد فرحات مهنا، للمطالبة بالحكم الذاتي في منطقة القبائل التي غالبية سكانها من الأمازيغ، بعد أحداث “الربيع الأسود” في عام 2001.
وقد شكل عام 2010، نقطة تحول في مسار الحركة، عندما أعلنت الحركة تشكيل حكومة مؤقتة لمنطقة القبائل بقيادة مهنا. وكانت هذه الخطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر الحديث.
تعرض قادة الحركة لملاحقة السلطات الجزائرية التي اعتقلت أعضاءها وحظرت نشاطها. لكن يعيش معظم قادة الحركة في فرنسا.
في عام 2013، طالب مهنا، الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا، بالتدخل لحل الأزمة التي حصلت في مدينة غرداية، جنوبي الجزائر بين الشعانبة (عرب) وبني ميزاب (الأمازيغ).
وتقول الحركة إنه بسبب نشاطاتها المكثفة واتصالاتها مع دول أوروبا ومشاركتها في الاحتجاجات الشعبية الأخيرة، وضعتها السلطات الجزائرية على قائمة الإرهاب.
وقال أكسل أمزيان، الناطق باسم “حكومة القبائل المؤقتة” التي أنشأتها الحركة: “إننا حركة سلمية، ولا أحد يعتبرنا منظمة إرهابية سوى حكومة الجزائر لأننا ننتقد تصرفات النظام”.
وجاءت حرائق الجزائر الأخيرة لتزيد من الطين بلة. إذ تقول السلطات الجزائرية، أن معظم الحرائق التي اندلعت في الجزائر هي بفعل فاعل، وتتهم الحركة بها على الرغم من عدم توفر الأدلة.
وشكل مقتل الشاب جمال بن اسماعيل الذي هب لنجدة منطقة القبائل للمساعدة في إخماد الحرائق، بطريقة بشعة صدمة كبيرة في العالم العربي.
واعتقلت السلطات الضالعين في الجريمة واعترف بعضهم بضرب الضحية وقتله وحرقه والتنكيل بجثته في مدينة ناث إيراثن، وبحسب السلطات، اعترف بعضهم بقتلهم للشاب وقالوا إنهم ينتمون لحركة “ماك” وإنهم على تواصل مع يعضهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب زعم السلطات.
وطلبت الجزائر توضيحا من المغرب بخصوص موقف الرباط المساند لاستقلال منطقة القبائل. وقالت الحكومة الجزائرية إنها ستعيد النظر في علاقاتها مع جارتها المغرب لقيامها بـ “أفعال عدائية”.
حركة رشاد وأهدافها
تأسّست الحركة في أبريل 2007، من قبل مجموعة من الجزائريين المستقلين أو ممن كانوا منتمين لأحزاب أخرى من بينهم: مراد دهينة ومحمد العربي زيتوت ومحمد السمراوي وعباس عروة ورشيد مصلي.
وتقول الحركة في موقعها إنها “تسعى إلى المساهمة في تغيير جذري في الجزائر، لإحداث قطيعة مع الممارسات السياسية السائدة منذ الاستقلال وتحرير الشعب الجزائري من كل وصاية. وأنها حركة ديمقراطية تحظر جميع أشكال التطرّف والإقصاء والتمييز وتتبنّى منهج اللاعنف لإحداث التغيير، ويحدّد ميثاق الحركة قيمها ومبادئها “.
وأبرز مؤسسي الحركة والأشخاص الفاعلين فيها هم قادة سابقون في “جبهة الإنقاذ الإسلامية” المصنفة ضمن القائمة الإرهابية للبلا، مثل مراد دهينة، المنسق العام للحركة، الذي حكم عليه غيابياً بالسجن لمدة 20 عاماُ بتهم تتعلق بالإرهاب.
وتقول الحركة عن نفسها إنها “حركة مقاومة جزائرية معارضة للنظام وإنها لا تؤمن باستخدام العنف وتتبنى الطرق والاحتجاجات السلمية، وتعتبر نفسها مساحة تسع جميع الجزائريين بغض النظر عن وجهات نظرهم المختلفة وتنوع ميولهم، وأنها ترفض كل ممارسات الإقصاء والتمييز”.
وتعرفها السلطات الجزائرية على أنها “حركة تمخضت عن انقلاب 1992، بعد انتصار جبهة الإنقاذ الإسلامية – التي تم حظرها منذ عام 1992- كنقطة انطلاق رئيسية لتحديد نشاطها السياسي”.
قادة رشاد
في عام 2003، قدم القضاء الجزائري مذكرة توقيف للانتربول بحق مراد دهينة، الزعيم الثاني لحركة رشاد وأحد أبرز قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، بتهمة ضلوعه في تهريب الأسلحة من سويسرا (حيث يقيم) والسودان إلى الجزائر وارتكاب العشرات من العمليات الإرهابية في فرنسا والجزائر.
في عام 2004 ، بعد الإفراج عن قادة جبهة الإنقاذ الإسلامية، وهم عباسي مدني وعلي بلحاج، رفض دهينة المصالحة الوطنية في الجزائر وقرر ترك قيادة المكتب في الخارج. ثم دعا صراحة إلى “عمل مسلح مشروع” ضد الدولة في عام 2006.
ولاحقت السلطات الجزائرية أشخاصاً محسوبين على حركة رشاد، وأصدرت مذكرات توقيف بحق قاداتها بتهمة الانتماء لجماعة إرهابية، من ضمنهم محمد العربي زيتوت، أبرز مؤسسي الحركة، الذي سافر إلى لندن عام 1995.
وتحدثت صحف محلية تركية عن مذكرة فرنسية سرية تفيد بأن المخابرات التركية استقبلت سرا كوادر حركة رشاد في كل من مدينتي أنطاليا واسطنبول، ووعدتهم بدعمهم لوجيستياً وتقديم مساعدات مالية لتعزيز نشاطهم الدعائي لاستقطاب الشارع الجزائري. وإن الأتراك حريصون على تأمين اتصالات كوادر الحركة الجزائرية مع المعارضين الإسلاميين الآخرين من الدول العربية الأخرى الذين يديرون وسائل إعلام تبث من تركيا.
إلا أن السفارة التركية في الجزائر نفت ذلك في بيان رسمي مبينة أن “هذه الادعاءات تسعى إلى تقويض العلاقات بين البلدين الصديقين”.
المصدر: بي بي سي BBC