على هامش زيارة مدير الاستخبارات الأمريكية للمغرب

نور الدين زاوش

مما لا تخطئه عين منصف، عدوا كان أو صديقا، أن المغرب بات مزارا للقوى العالمية العظمى ومسؤوليها رفيعي المستوى، وأنه بات محورا لاستراتيجيات كبرى تصاغ في المنطقة الإفريقية وفي العالم، وقد تؤثر هذه التحالفات والتكتلات على مصير المنطقة لعقود قادمة.

إن معاهدة أبراهام التي أُبرمت بين المغرب وأمريكا وإسرائيل سنة 2020م، والمعاهدات العسكرية التي ستفضي إلى جعل المغرب قوة صناعية في مجال الأسلحة، واعتزام الولايات المتحدة الأمريكية نقل مقر قيادتها العسكرية الإفريقية العامة “أفريكوم” من “شتو بكارت” إلى المغرب، ثم اللقاءات المتعددة، في وقت قصير، للمسؤولين الأمريكيين النافذين سواء في الدفاع أو الجيش أو الاستخبارات مع نظرائهم المغاربة، والتي كان آخرها استقبال عبد اللطيف الحموشي لمديرة مجمع الاستخبارات الأمريكية التي تشرف على الكثير من وكالات الاستخبارات، ومدير وكالة الاستخبارات الأمريكية، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، ليعتبر مؤشر قوي وجلي على أن المغرب في صلب المعادلات الكبرى التي ستغير مجرى التاريخ وستبدل وجه المنطقة.

من الإجحاف بما كان، أن يُحصر دور المؤسسة الأمنية المغربية في الحالات التي أبانت فيها هذه الاستخبارات عن علو كعبها في توقع ضربات الإرهابيين داخل الوطن وخارجه، أو في تمكنها، في كثير من الأحيان، من تجنيب أمريكا وبعض الدول الغربية حمامات دم كانت ستؤدي بأرواح مواطنيها الأبرياء، مثلما ما وقع مع إسبانيا وفرنسا وحتى أمريكا.

لقد بات الجميع مقتنعا بأن المغرب من يملك مفتاح إفريقيا، وأنه من بحوزته كلمة السر في إحلال السلم والسلام في الساحل والصحراء، وأنه الأقدر على تجاوز إشكالية عدم الاستقرار التي تؤرق أمريكا والغرب على حد سواء، خاصة وأن البلد، الذي حشرنا الله معه في الجوار، من يغذي هذه الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، ويوفر لها الحماية الجغرافية واللوجستيكية، بل وحتى على مستوى توفير الأسلحة، بدعم جلي من فرنسا التي خسرت مواقعها في إفريقيا، فأطلقت اللجام لصنيعتها لكي تعبث بأمن المنطقة علها تسترد أمجادها الضائعة.

إن تصريحات ماكرون الأخيرة التي حرّض فيها الاتحاد الأوروبي على الخروج من عباءة أمريكا، وزيارته المريبة للصين، حليفة روسيا في حربها على أوكرانيا، وذلك قبيل معاهدة التطبيع الأخيرة التي جرت بين السعودية وإيران برعاية صينية، وكذا تقارب فرنسا من إيران عدوة الوحدة الترابية للشعوب العربية؛ كلها مؤشرات تدل على أن التحالف الاستراتيجي المغربي الأمريكي هو رسالة ناطقة لفرنسا قبل أن تكون رسالة “للقوة الضاربة”، التي يبدو أنها لا تقوى إلا على ضرب مواطنيها الأبرياء.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جمعية الشبيبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وأصدقاؤها بوجدة توزع قففا رمضانية لفائدة منخرطيها

على هامش الرد على وكالة الأنباء الجزائرية