بقلم ذ. عبد القادر مسعودي
نحن في حاجة الى خطاب سياسي يليق بالمرحلة الدقيقة التي تمر منها البلاد، بدل اجترار خطاب مهترئ نفد مفعوله، في نمط المجالس النيابية المنتخبة التي دمرت سنين من الأحلام، وراكمت زمنا هائلا من الضياع والنحيب، دون تصور ولا برامج ولا هم يحزنون….
إن الكرة الآن أكثر من أي وقت مضى في ملعب الضمير المجتمعي، في ضمير كل من استاء ويستاء من ملامح مدننا البعيدة كل البعد عن المشروع التنموي الذي انطلق أوراقا، وانتهى متلاشيا في عقل المدبر الذي اختارته منهجية انتخابية تعطل فيها الضمير والنزاهة والشفافية…. اليوم كل كلام في مساوئ التجارب السابقة هو كلام زائد لا فائدة منه ترجى. اليوم كل المؤشرات تدفع في اتجاه مخاطبة عنصر التفاعل الإيجابي باختيار الموقع الصحيح في حلبة الصراع الحضاري من أجل اختيار أجود البرامج وأكفأ الأشخاص القادرين على التنافس من أجل مصير المجال الترابي المعني.
نتعجب كيف تناسينا مهامنا كمواطنين، أبَينا ام شئنا، فنحن مواطنين بلغة الانتماء. تمر السنون والمحطات، وننتقل من تجربة إلى تجربة، ونكتفي بمعرفة الخريطة السياسية بعد كل موعد انتخابي، والذي تحول للأسف إلى شبه موسم. طاقم الإشراف عليه معروف، والنقط المدرجة في جدول أعماله، عفوا أيامه معروفة سلفا، لينتهي كسابقيه، بمعروف للفائز تحت عبارة الله اربح.
ويبدأ مباشرة بعد كل تجربة صراخ الاحتجاجات لانعدام وضعف الخدمات المقدمة…. يا للغرابة! ينتظرون من سيناريوهات هجينة تحقيق مطالب بسيطة. أصلا لم يتقدموا ببرامج انتخابية سليمة المبنى، لم يخاطبوك أصلا، ولم يلتفتوا إلى وجودك، لم يعيروك اهتماما. أنت في نظرهم مجرد عابر سبيل بدون وطن. وطريقة استمالة الأصوات في وطننا شبيهة ببؤر مرض عضال عصي استئصاله، اللهم إذا تحركت معجزة خارقة وحركت ضميرنا التائه ليدافع عن شرط الانتماء والوجود، وينتفل لمرحلة تنزيله على أرض الواقع.
لكن بلمحة خاطفة لما يدور ويختمر، يتضح أن هذه المعجزة لن تتحقق لأننا ألفنا الاصطفافات في خنادق وهمية، وكل واحد اختار اصطفافه حسب منسوب وعيه. منسوب بعيد كل البعد عن الوعي الجماعي المطلوب لإنتاج الخطاب القادر على تعبئة الكل لاستئصال ورم البؤر الجاثمة على قلوبنا.