رحيل… (تغاريد أدبية)

تأليف المبدع ذ. الحسن مختاري

على ضفاف الوادي الأحمر، خرج صباحا مستنجدا بنسيم وكرم الآخر عَلَّهُ يجمع بضعة دراهم محكوم عليه دفعها في استئجار بيت السترة، إنه يريد أن يتستر من فضائح الزمن اللعين، زمن الغربة، زمن قل مثيله!

في كل زمان ومكان كان يلاحقه الصمت خفية وهو كان يَعِي هذه المراقبة الشديدة، كان يجمع الماضي لأن من يعرف ماضيك وعيوبك جيدا فهو أسوأ البشر في نظرك، وربما هذا شرف عند الآخرين.

هي تلك الأطلال التي أسستها الوقائع الجميلة أو القبيحة، والتي تغنت بها المناديل البيضاء في الليالي السوداء حيث تنتشر قهقهات صاخبة، فينسل الصمت لأن المكان مكان الغناء والرقص، مكان اللهو واللعب… الأشرار يغنون والآهات ترقصن… الصغار في لهو والكبار في لعب… بين هذا وذاك تتنقل الطاولة في حركة مخروطية تتوخى تمديد شريط الوادي الأحمر على نغمات الأشرار.

هو تعب من كثرة البحث في أبجديات الزخرفة عن دور من أدوار المسرحية العجيبة، دور قد يتقنه على ركح البسيطة إلا أن سماسرة الفن وضعوه في دكة البدلاء لأن المسرح نقي ويحب فقط الأتقياء…

دقات الطبل أعلنت عن الاجتماع الأخير، اجتماع من خلاله تستعد الجماعة لحفل مراسيم الدفن، سيدفون الماضي الرذيل في مقبرة الحومة المهجورة بعد الصلاة…

العزاء واحد! انهمك الجيران في التعزية القلبية والمواساة الحميمية، البعض يبكي، البعض يصرخ، البعض غير مبال، والبعض يتساءل! من بين هؤلاء الجيران يعلو صوت فيخبر الجماعة أنه سيرحل لأن المكان متسخ!؟…

رحل بسلام بعيدا عن الضوضاء من غير الأضواء الكاشفة ويداه مستوران لأنه خاف من عَضِّ بعض البشر بعد أن أكرمهم العسل…

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هام جدا: المجازر الجماعية رهن إشارة المواطنين يوم العيد

السعيدية تحتضن دوريا مفتوحا في التنس الشاطئي