يخلد الشعب المغربي من طنجة إلى الكويرة, بكل فخر أيام 16 و17 و18 نونبر ذكرى الأعياد الثلاثة المجيدة (عيد العودة, عيد الانبعاث وعيد الاستقلال), التي تجسد انتصار إرادة العرش والشعب في ملحمة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال والوحدة.وتؤرخ هذه الذكرى لعودة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس من المنفى إلى أرض الوطن معلنا انتهاء عهد الحجر والحماية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال، ومجسدا الانتقال من معركة الجهاد الأصغر إلى معركة الجهاد الأكبر وانتصار ثورة الملك والشعب المجيدة التي مثلت ملحمة عظيمة في مسيرة الكفاح الوطني الذي خاض غماره الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد من أجل حرية الوطن وتحقيق الاستقلال والوحدة الترابية.
وتعد ذكرى عودة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس وعيد الاستقلال المجيد معلمة وضاءة في المسيرة المغربية لاستقراء الأمجاد الوطنية والملاحم البطولية ومواصلة السير لإنجاز المشروع المجتمعي الحداثي الديمقراطي وتحقيق أهداف التنمية الشاملة المستدامة وإنجاح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
ولقد شكلت عودة الشرعية نصرا مبينا وحدثا تاريخيا حاسما, توج بالمجد مراحل الكفاح المرير الذي تلاحقت أطواره وتعددت صوره وأشكاله في مواجهة الوجود الاستعماري المفروض منذ عام 1912 , حيث خلد المغاربة أروع صور الوطنية الصادقة وبذلوا أغلى التضحيات في سبيل عزة الوطن وكرامته والدفاع عن مقدساته.
انها مناسبة للاحتفال بمعارك الهري وأنوال وبوغافر وجبل بادو وغيرها.. التي لقن فيها المجاهدون لقوات الاحتلال دروسا في الصمود والمقاومة والتضحية.
ومن أشكال الكفاح الوطني ما قامت به الحركة الوطنية مع مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي من نضال سياسي ارتكزت فيه بالأساس على نشر الوعي الوطني وشحذ العزائم والهمم في صفوف الشباب وداخل أوساط المجتمع المغربي بكل فئاته وطبقاته.
كما عملت على التعريف بالقضية المغربية في المحافل الدولية مما كان له تأثير ملحوظ على الوجود الاستعماري الذي كان يواجه النضال السياسي الوطني بإجراءات تعسفية ومخططات مناوئة للفكر التحرري الذي تبنته الحركة الوطنية بقيادة جلالة المغفور له محمد الخامس.
ومن أبرز هذه المخططات الاستعمارية محاولة التفريق بين أبناء الشعب المغربي الواحد وتفكيك وحدتهم وطمس هويتهم الدينية والوطنية بإصدار ما سمي بالظهير البربري في16 ماي1930 .
لكن المخطط الاستعماري التقسيمي والتمييزي سرعان ما باء بالفشل حيث أظهر رجال الحركة الوطنية للكيان الاستعماري تشبث المغاربة قاطبة بهويتهم ووحدتهم وتعلقهم بالعرش العلوي المجيد.
ومن تجليات وإفرازات النضال الوطني إقدام رجال الحركة الوطنية على تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال إلى سلطات الحماية يوم11 يناير1944 بتنسيق تام مع بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس, وما أعقب ذلك من ردود فعل استعمارية عنيفة حيث تم اعتقال بعض رموز ورجال الحركة الوطنية والتنكيل بالمغاربة الذين أظهروا حماسا وطنيا منقطع النظير عبروا من خلاله عن مساندتهم لمضمون الوثيقة التاريخية.
تثبت كل الوثائق التاريخية بأن المغرب حصل على استقلاله، بشكل رسمي، يوم 2 مارس 1956، غير أن الملك الراحل الحسن الثاني أقر يوم 18 نونبر كعيد للاستقلال.
لقد كان يوم 18 نونبر يصادف ذكرى عيد العرش، يوم اعتلاء السلطان سيدي محمد بن يوسف عرش المملكة سنة 1927، وهو يبلغ بالكاد 16 عاما.
وجاء الاحتفال بذكرى تربع سيدي محمد بن يوسف على عرش الممكلة بـ”مبادرة من شباب الحركة الوطنية المغربية ضدا في سلطات الحماية الفرنسية التي كانت تتجاهل الحدث وتستصغره أمام ذكرى العيد الوطني الفرنسي يوم 14 يوليوز”، حسب رأي أستاذ التاريخ المصطفى بوعزيز، قبل أن يضيف، في مقال له بمجلة “زمان” (العدد 13 2014)، أن التاريخ يسجل أنه، وعبر نضال مرير، فرض المغاربة عيد العرش كعيد وطني على المستعمرين الطغاة، وبذلك تم الالتحام بين الحركة الوطنية المغربية والسلطان سيدي محمد.
عن: التحدي