عبد القادر كتــرة
لا يمكن للمرء أن يفهم ويستوعب كيف تشتغل “المادة الرمادية” في عقول أشباه الصحافيين من وسائل الإعلام الجزائري وقنوات صرفه الصحي وجرائده الورقية المراحيضية، وكيف يفكرون إن كانت لهم القدرة على ذلك، وكيف يتجرؤون بدون خجل ولا حياء باختلاق الأكاذيب والإشاعات والهرطقات وينشرونها ولو لا يمكن تصديقها إلى من طرف القطيع الذي تمّ هتك وعيه وسلب إرادته وتدجينه بإطعامه التبن على أساس أنه نقانق أو كبابا والغريب أنه يتذوقه على أنه كذلك ويستمتع بمضغه ويتلذذ بابتلاعه .
مناسبة هذه المقدمة هو هجوم الإعلام الجزائري على المغرب والجامعة الملكية لكرة القدم بعد أن تمّ الانفصال مع الناخب الوطني الأسبق وحيد خليلوزيتش، وهي إقالة وإعفاء، لفشله في بناء فريق وطني متكامل متجانس متناسق متناغم، رغم أنه كان يتوفر على أحسن اللاعبين وأشهرهم عالميا، وهم أعمدة أعتى الفرق وأقواها عالميا، وبقدر ما ساهم في تفكيك الفريق بقدر ما جرّ عليه ذلك الانتقادات من داخل التركيبة البشرية للاعبين المغاربة الدوليين ومن الرياضيين المغاربة وحتى الأجانب.
ويبدو أن هذه المزابل الإعلامية الجزائرية لا تمَلُّ ولا تكِلُّ من توجيه سهامها المسمومة للمسؤولين المغاربة على الرياضة الوطنية، مجانا، بمناسبة وغير مناسبة، خاصة كلما سجلت المنتخبات الوطنية للمملكة المغربية في مختلف الرياضات إنجازات وانتصارات في المنافسات والبطولات العالمية مقابل إقصاءات وفشل منتخباتها، إذ آخر ما وجدت هذه المزابل الإعلامية، وللتعبير عن تضامنها معه، تصريحات الناخب الوطني الأسبق وحيد خليلوزيتش الشيخ الهرم (69 سنة) الذي عبّر عن استياءه، حسب قوله، ” من الظّلم الذي تعرّض له في المجال الرياضي، وقال إنه يُفكّر في اعتزال مهنة التدريب.”
وجاء في إحدى مقالات جريدة الشروق العسكرية أن الناخب الوطني الأسبق وحيد خليلوزيتش في تصريحات إعلامية للقناة التلفزيونية البوسنية N1 “أبدى استياءه من الظّلم الذي تعرّض له في المجال الرياضي، وقال إنه يُفكّر في اعتزال مهنة التدريب.
وتابع المقال :”أوضح وحيد خليلوزيتش (69 سنة) (يُمارس مهنة التدريب منذ مطلع التسعينيات) في سؤال عن نهاية مهامه مع منتخب المغرب مُؤخّرا: “لقد تألّمت كثيرا لِهذا القرار، حتى أنّني أُفكّر في إنهاء مسيرتي بِطريقة غريبة بعض الشيء. هذه هي الحياة، لقد مررت بِالعديد من التقلّبات، لكن هذا كلّه كثير جدا”.
وجاء في المقال أن “رئيس اتحاد الكرة المغربي فوزي لقجع رضخ للاعب حكيم زياش، وقرّر مُؤخّرا إعادة مهاجم نادي تشيلسي الإنجليزي إلى المنتخب. وهو أمر رفضه خليلوزيتش بِشدّة، وانتهى به المطاف إلى إعادة المئزر لِمسؤولي الكرة المغربية.”
وأثنت الجريدة على المدرب البوسني المعفى بقولها : “يُعهد عن وحيد خليلوزيتش أنه رجل ذو مبادئ، ولا يرضخ لِأيّ رئيس اتحاد كرة أو نادٍ، فقبل تركه لِمنتخب المغرب، سبق أن صدر عنه الكبرياء ذاته مع اليابان في ربيع 2018، وكوت ديفوار في فيفري 2010. وبِعبارة أخرى، يُفضّل التقني البوسني أن يُغادر الساحة بِشموخ، بدلا من المشاركة في المونديال مطأطئ الرّأس لِرئيس اتحاد الكرة. ويبقى الاستثناء لِوحيد خليلوزيتش في عام 2014، لمّا أهّل المنتخب الوطني الجزائري لِمونديال البرازيل، وواصل عمله بِاقتدار، حتى أن رجاله أحرجوا ألمانيا بطلة العالم في محطّة ثمن النهائي”.
كما لم يُقوِّت جمال بلماضي الناخب الوطني للمنتخب الوطني الجزائري، في تصريح للقاء صحفي، في 18 سبتمبر 2022 ، الإشارة إلى لِوحيد خليلوزيتش والإشادة به بقوله: ” أرفع القبعة لوحيد حليلوزش مثلا، الذي لن يلعب المونديال للأسف بالنظر إلى مبادئه. حرم عددا من اللاعبين في المغرب، رغم إمكانياتهم الكبيرة جدا، و أصرّ على ذلك”.
للتذكير فقط، وإنعاش ذاكرة القطيع الذي لا ذاكرة له، أن المنتخب الوطني السابق للمنتحب الوطني المغربي ، وحيد خليلوزيتش، بقدر ما تمسّك بالمنتخب المغربي والبقاء بأرض المملكة المغربية الشريفة الطيبة، بقدر ما أصرّ على الرحيل من الجزائر والهروب من القطيع الإعلامي ومسؤوليه المأمورين، ورفض رفضا باتا وقويا البقاء في الجزائر والاستمرار في تدريب منتخبه رغم تأهيله للمونديال، ورغم الإغراءات المالية وتودد الاتحاد الجزائري لكرة القدم واستعطاف الرئيس الجزائري المخلوع الراحل عبدالعزيز بوتفليقة.
وأكد خليلوزيتش، حسب “فرانس 24/ أ ف ب”، أنه لن ينسى “أبدا” الانتقادات الجارحة التي واجهها من الصحف المحلية خلال ممارسته لمهامه، مشيرا إلى أن “تصرف بعض الصحافيين لم يكتف فقط بانتقاد عمله بل بتوجيه الانتقادات له شخصيا ولعائلته وأنه لن ينسى ذلك ولن يسامحهم أبدا”.
ورفض دعوة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والعريضة على الإنترنت التي وقع عليها أكثر من 70 ألف جزائري ولم تكفيا لإقناع المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش البقاء على رأس “الخضر” حيث وأعلن في بيان أذاعه على موقع الاتحاد الجزائري الإلكتروني أنه يترك منصبه “لالتزامات عائلية ولخوض تجربة رياضية جديدة”.
رفض مدرب المنتخب الوطني السابق، وحيد خليلوزيتش، حسب جريدة النظام العسكري الجزائري في مقال لها نشرته في 16 أبريل 2014، “الإفصاح عن الأسباب الحقيقية التي دفعته إلى الرحيل نهائيا عن العارضة الفنية للمنتخب الوطني إلى نادي طرابزون سبور التركي، بعد ثلاث سنوات قضاها على رأس التشكيلة الوطنية، رغم الطلب الذي قدمه له رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، بالبقاء، وكذا إلحاح قطاع من الجماهير على مواصلته مدربا للمنتخب الأول عبر حملة “فايسبوكية”، بعد الوجه المشرف الذي ظهر به زملاء القائد مجيد بوڤرة في نهائيات كأس العالم الأخيرة بالبرازيل، وتوديعهم المنافسة من الدور ثمن النهائي، لأول مرة في تاريخ الكرة الجزائرية، بعد أربع مشاركات مونديالية على مدى 32 سنة، غير أن التقني البوسني فضل المغادرة دون التطرق إلى الأسباب الرئيسية التي حالت دون المواصلة مع المنتخب، غير أنه كان قد صرح في آخر ظهور إعلامي له قائلا: “قررت الاستقالة من تدريب الجزائر لسببين رئيسيين” رافضا الكشف عنهما، تاركا بذلك علامة استفهام كبيرة حول هذا الأمر”.
وحسب اللاعب الدولي السابق محمد شعيب، أن مدرب المنتخب الوطني السابق وحيد خاليلوزيتش، فضل الخروج من الباب الواسع عقب المشاركة الإيجابية في كأس العالم الأخيرة في البرازيل: “أعتقد بأن هناك أسبابا عديدة دفعت المدرب خاليلوزيتش، لمغادرة المنتخب الجزائري، فقد يكون العرض الذي قدم له من قبل الاتحادية الجزائرية لتجديد عقده غير مقنع، وربما أنه كان يرى بأنه يستحيل عليه مواصلة العمل مع محاربي الصحراء، خاصة وأن العلاقة بينه وبين رئيس الاتحاد روراوة توترت في الفترة الأخيرة، وأغلب الظن هو تفضيله الرحيل وترك صورة جميلة عنه لدى الجمهور الجزائري، لاسيما وأنه ساهم في بلوغ الجزائر للدور الثاني من المونديال لأول مرة في التاريخ”.
وقال أسطورة كرة القدم الجزائرية، رابح ماجر، “إن رحيل مدرب المنتخب الوطني السابق وحيد خليلوزيتش عن العارضة الفنية للخضر، كان مرده بنسبة كبيرة تفاوض رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، محمد روراوة مع المدرب الفرنسي، كريستيان غوركوف قبل المشاركة في نهائيات كأس العالم بالبرازيل، بهدف تولي التقني الفرنسي تدريب التشكيلة الوطنية مستقبلا، وأضاف ماجر بأن أي مدرب مكان خاليلوزيتش، كان سيتصرف بمثل ما قام به المدرب الحالي لنادي طرابزون التركي، حيث قال نجم بورتو البرتغالي سابقا في إتصال هاتفي مع الشروق أمس الأربعاء “في الحقيقة العام والخاص في بلادنا يعلم الأسباب الحقيقية التي حالت دون بقاء خاليلوزيتش على رأس المنتخب الوطني، ومن ثم رحيله فور إنتهاء مهامه بعد العودة من مونديال البرازيل، لأنه بالنسبة لي من غير المعقول لأي كان التفاوض مع مدرب جديد قبيل إنقضاء عقد الأول، وبالتالي مفاوضة “الفاف” لمدرب لوريون السابق كريستيان غوركوف، بغرض تعيينه مدربا للخضر أثر في المدرب البوسني، خاصة وأن غوركوف زار مركز تحضيرات المنتخبات الوطنية بسيدي موسى في وقت تواجد خاليلوزيتش والمنتخب الوطني هناك لتربص إعدادي، وهذا الأمر كان بمثابة صفعة في وجه خليلوزيتش الذي لم يهضم هذا التصرف، وجعله يتخذ قرار عدم الإستمرار رغم إلحاح الجماهير الجزائرية العريضة بالبقاء”.
ووصف مدرب المنتخب الوطني السابق والحالي لمولودية سعيدة، عبد الرحمن مهداوي، التصريحات التي أدلى بها المدرب البوسني السابق للخضر وحيد خاليلوزيتش والمتعلقة برفضه الحديث عن الأسباب الحقيقية لمغادرته “الخضر” وعدم رغبته في الكشف عن أمور أخرى، بأنها لم تكن في محلها، وأدرجها في إطار رغبة الأخير في استمرار الجدل المرتبط بمغادرته للمنتخب الوطني.
وقال مهداوي: “هذا نوع من النميمة.. المدرب العاقل لا يدلي بمثل هذه التصريحات، لأنه لو حاول كل طرف الحديث عن أمور خفية لما انتهينا من القصة.. خاليلوزيتش جاء بالمكتوب وغادر بالمكتوب ومن المفروض أن تنتهي الأمور هنا”.
وأضاف مدرب “الخضر” السابق: “خاليلوزيتش كان صرح مرارا أنه يحب الجزائر وتربطه علاقة قوية بمنتخبها وشعبها، ولو كان ذلك صحيحا لما غادر المنتخب الوطني.. “، مشيرا إلى أن مثل هذه العلاقات لا تحدث إلا بين المدربين المحليين والمنتخب، ولا تكون بين المدربين الأجانب والمنتخب.
وأخيرا، لا بذّ من الإشارة إلى أن الانفصال تمّ بالتراضي، لأن الوضع لم يعدْ ملائما ولا مناسبا، للطرفين، سواء للمدرب حاليلوفيتش ولا للمنتخب الوطني المغربي، وتأسف على مغادرة المغرب وحبِّه للمنتخب الوطني الذي أهَّله لمونديال قطر، لكن لم يعثر على المنتخب المثالي الذي يرضي جميع الرياضيين المغاربة، نتيجة وأداء وإقناعا وإبداعا وإمتاعا كما شاهدنا وشاهد الجميع في اللقاء ضد الشيلي تحت قيادة المدرب المغربي الركراكي الذي نتمنى له التوفيق والنجاح ومزيدا من التألق، خلال مونديال قطر كما نتمنى من الأشقاء الجزائريين أن يتابعوا مبارياته ويشجعونه، لأن فوز وانتصار المنتخب المغرب هو فوز وانتصار للمغرب الكبير.