بقلم ذ. عبد المجيد طعام
أفصحت الحملة الانتخابية عن اختلالات خطيرة شابت العمل الحزبي… اختلالات عانت منها جل الأحزاب، ولعل أخطرها طبيعة تعاملها مع المرأة.
ظهرت المرأة عكس ما يروج لها الخطاب الحزبي، بل يمكن القول إن تعامل الأحزاب مع المرأة في هذه الحملة نسف كل المكتسبات التي ناضلت من أجلها الحركة النسائية المغربية وغيب الانتظارات، إلى درجة يمكن أن نقول إن الحملة الانتخابية مثلت ردة في ما يتعلق بحقوق المرأة.
لا نريد مناقشة قضية الكم الهائل من النساء اللواتي سجلن حضورهن في هذه الاستحقاقات، وإنما نريد أن نلفت الانتباه إلى الدور الذي منحته الأحزاب للمرأة في هذه الحملة.
حينما نقوم بقراءة للحملة الانتخابية باعتبارها حملة إعلانية أول ما يلفت انتباهنا هو استثمار الأحزاب تقنيات الماركوتينغ… تعاملت بطريقة ترويجية محترفة، ولا شك أنها استعانت بخدمات الشركات المهتمة بترويج السلع، لهذا بدت هذه الحملة مختلفة عن سابقاتها، لكن الخطير في الحملة الترويجية هو استغلال المرأة والتعامل معها كأداة تؤدي وظيفة إعلانية فقط، عن طريقها يتم ترويج السلعة. هذا التوجه ذكرنا بتلك الوصلات الإشهارية العالمية للسيارات الفخمة والرياضية التي تعتمد على خلق الأثر النفسي لدى الزبون من خلال الدمج المدروس لصورتين، صورة السيارة الرائعة وصورة المرأة الجميلة.
نفس التقنية استعملتها الكثير من الأحزاب الليبيرالية، حيث تحولت المرأة في حملتها إلى مجرد سلعة لا تهدف إلى تمرير برنامج أو رؤية سياسية أو مشروع مجتمعي، وإنما تسعى إلى خلق أثر نفسي لدى المواطن / الزبون.
المنطق التجاري غلب على المنطق السياسي لدى جل الأحزاب، وكما تعمل الإعلانات التجارية على تضليل وتمويه الزبون، عملت الأحزاب كذلك على تمويه الناخب وتضليله واستمالته ليقبل على السلعة الحزبية.
لم تعد البرامج الحزبية هي ما تعول عليه الأحزاب، ذلك الزمن مضى وانتهى، المعول عليه هو الواجهة “الفيترينا”، وإن اقتضى الأمر الابتعاد عن الشعارات التي تحملها الأحزاب.
الماركوتنغ الانتخابي دفع الأحزاب إلى التخلي عن المرأة، بل لم تجد أي حرج في تشييئها وتسليعها من أجل كسب أكبر عدد من الزبائن.
نفس الأحزاب التي سلعت المرأة تصرفت تصرفا غريبا حينما تعمدت حجب صور بعض المرشحات من الملصقات الإعلانية بحجة احترام الخصوصية والحرية الشخصية. كما عملت نفس الأحزاب على استقطاب الكثير من المرشحات المحجبات. وهكذا ومرة ثانية سيتم استغلال المرأة كسلعة لتمرير صورة المحافظة واحترام الشعور الديني لاستهداف زبائن آخرين….
احتدت المعركة الانتخابية بين الأحزاب على جبهات متعددة، ولكن الخاسر الكبير في هذه المعركة الضارية هي المرأة، حيث تم استغلالها بشكل يبتعد عن انتظارات الحركات النسوية والفعاليات الجمعوية المتمثلة في تحقيق المساواة والمناصفة وتمكين المرأة من الوعي الفكري والسياسي.