ميمون بوثسدقات
احتضنت قاعة الندوات بإحدى الفنادق المصنفة بالناظور يوم الخميس 19 ماي الجاري، الندوة الافتتاحية لإعطاء الانطلاقة الفعلية لمشروع الريادة النسائية في المجالس المحلية في أفق تدبير الشأن المحلي القائم على النوع، والذي تشرف على تنزيله جمعية ثسغناس للثقافة والتنمية، وبدعم وتمويل من صندوق الدعم المخصص لتشجيع تمثيلية النساء.
اللقاء عرف حضورا وازنا للمنتخبات بالجماعات الترابية من مختلف جماعات إقليم الناظور وممثلي عدد من الجماعات بالإقليم والاحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني، والخبرات النسائية، وافتتحت الندوة الافتتاحية بموضوع “اللامركزية والمشاركة السياسية للنساء”، حيث استهلت بكلمة نائب رئيس الجمعية الاستاذ عبد الرزاق العمري، ذكر فيها الحضور بسياق وآفاق وتمفصلات المشروع، مؤكدا على دور التكوين لتعزيز قدرات النساء المشاركات في الشأن السياسي، ومبرزا دور المستجدات الدستورية والقوانين التنظيمية، لاسيما التي تخص المشاركة السياسية، وخصوصا الانتخابات ونمط الاقتراع.
وأكد ذات المتحدث على أن هذا المشروع يأتي في سياق دعم مسار الجمعية واهتمامها بقضايا التمكين السياسي والاقتصادي للنساء، ودعم قدراتهن من أجل تحسين تمثيليتهن داخل المجالس المنتخبة وتدبير الشأن المحلي.
أما مصطفى جبور، رئيس قسم الجماعات الترابية بجماعة الناظور ممثلا لصندوق الدعم المخصص لتشجيع تمثيلية النساء، فذكر في كلمته بالمكانة المتميزة التي تحظى بها النساء في بلادنا، حيث تم قطع أشواط مهمة في مجال المساواة ومقاربة النوع من خلال الإرادة القوية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والرامية إلى النهوض بحقوق المرأة، وتعزيز مكانتها في المجتمع، ودستور المملكة الذي ينص في الفصل 19على مبدأ المناصفة، كما ينص في الفصل 164 على إحداث هيئة للمناصفة، والمصادقة على الاتفاقيات الدولية، ولا سيما اتفاقية CEDAW التي تدعو إلى القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، مؤكدا بأن صندوق الدعم المخصص لتشجيع تمثيلية النساء قد أنشئ سنة 2009 بتوجيهات ملكية سامية، وهو آلية تروم تعزيز قدرات المرأة لتسهيل اندماجها في الحياة السياسية والانتخابية الوطنية، وتتألف من ممثلين عن القطاعات الحكومية والأحزاب السياسية والمجتمع المدني.
وركزت الدكتورة أحكيم، برلمانية سابقة، في مداخلتها “واقع اللاتمركز الإداري ومسؤولية المرأة”، على البنية المفاهيمية من قبل التمركز واللاتمركز، مؤكدة على السيرورة التاريخية لفهم كرونولوجية المشاركة السياسية للمرأة ومختلف مستجدات القوانين التنظيمية وتحولاتها العميقة، من المركز إلى اللاتمركز وعدم التركيز من خلال مواكبة ورش الجهوية المتقدمة عبر إعطاء استقلالية على المستوى الترابي للجماعات الترابية والمشاريع الإقليمية والجهوية، مع مراعاة خصوصياتها وإخضاعها لسلطة الوصاية التي يتجلى دورها في السهر على حسن سير السياسات العمومية من خلال تكريس اللامركزية وتقريب الإدارة من المواطنين.
وفي المداخلة الثانية للدكتور المصطفى قريشي، أستاذ بكلية متعددة التتخصصات بالناظور ورئيس مركز الدراسات والأبحاث حول الإدارة العمومية الموسومة بعنوان “مشاركة المرأة في تدبير الشأن المحلي بين ثغرات القانون وظلم الممارسة”، فقد أكد على أن القوانين التنظيمية لم تنصف المرأة حق إنصافها من خلال التشريعات والقوانين، وتساءل عن واقع الممارسة السياسية للنساء أمام ظلم الممارسة التي تصل إلى درجة ظلم المرأة من داخل الحياة السياسية، وكثير من النساء يستحققن ومن ذوات كفاءات عالية يتم إقصاؤهن من تقلد مناصب المسؤولية، ليتساءل كذلك عن العتبة المضافة للمرأة من داخل الواقع السياسي، ثم هل الأحزاب بنفسها تحترم هذه التمثيلية؟ لاسيما المادة 26 من قانون الأحزاب التي تؤكد على توفر الثلثين من النساء من داخل الهياكل التقريرية للأحزاب. وهل هذه المؤسسات والأحزاب تحترم مقاربة النوع من داخل أجهزتها أم أن المرأة صالحة فقط لتأثيث المشهد السياسي؟
وكان مسك الختام مع الأستاذة تورية العمري، الخبيرة في النوع الاجتماعي، التي بصمت مشاركتها بمداخلة معنونة ب “المشاركة النسائية على المستوى الترابي، التحديات والآفاق”، اعتبرت فيها أن المشاركة السياسية مفهوم شامل لا يخص المرأة فقط بقدر ما يخص المواطنات والمواطينين من خلال الحقوق السياسية والاجتماعية، وأن المشهد السياسي يؤثث ليس فقط بالنساء، بل حتى بالرجال أيضا، الشيء الذي يستدعي تفتيت العقلية الذكورية والثقافة السائدة من داخل المجتمع.
وتوجت فعاليات هذا اللقاء المثمر بفتح نقاش موسع ومستفيض على خلفية أرضية الموضوع حول اللامركزية والمشاركة السياسية للنساء بين مؤيد ومعارض حول منظور القوانين والممارسات السياسية وحجم تطورها وما قدمته الحركة النسائية.
بعد الندوة الافتتاحية، نظمت في اليومين المواليين الجمعة والسبت 20 و 21 ماي دورة تكوينية لفائدة 15 منتخبة منتميات للجماعات الترابية بالإقليم و 10 نساء منتميات للجمعيات والأحزاب السياسية حول موضوع “الديموقراطية التشاركية”، من تأطير الأستاذ عبد الصمد بالقايد، مكون في المجال ومدير المصالح بجماعة سلوان.