عبد العزيز داودي
ونحن على مقربة من إجراء انتخابات محلية وجهوية وتشريعية، تتسابق العديد من الأحزاب السياسية إلى حشد المريدين، واستمالة الوجوه التي قد لا يربطها بالسياسة إلا الإحسان قصد تزكيتها لكي تتمكن من الترشح للانتخابات، وتضمن بالتالي مقاعد داخل مختلف المجالس.
وهكذا تحركت هذه الآلة الانتخابية وتحرك معها زعماء الأحزاب السياسية ليقوموا بجولات ماراطونية، شمالا وغربا شرقا وجنوبا، لا لشيء إلا لكسب الدعم. وانبعثت العديد من المنظمات النقابية والشبابية والنسوية من رمادها كطائر الفنيق لتعقد مؤتمراتها خدمة لأجندة هذه الأحزاب، مع العلم أننا لم نسمع إطلاقا عن تحركات هذه المنظمات الموازية للأحزاب السياسية حتى في أحلك الظروف، حين زلزلت مدن، وعمت الفياضانات مدنا أخرى، وغضب الشارع في عدد من المدن ليطالب ببديل اقتصادي في جرادة والريف. ناهيك عن التبعات الوخيمة لجائحة كورونا، والتي أبانت عن الضعف الكبير لهذه الأحزاب ومنظماتها الموازية في التخفيف من حدة آثار الجائحة.
أين كانت الأحزاب السياسية حين انتفض الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، وحين نكل بهم في الشوارع؟ وتداولت وسائل الإعلام الدولية صورا للتعنيف والتحرش الجنسي يندى لها الجبين، ولو أنها لم تمارس بشكل ممنهج، وكانت معزولة، إلا أنها هزت الصورة الحقوقية للمغرب؟ وما موقف هذه الأحزاب حول العديد من النزاعات الإقليمية والدولية؟ وماذا صنعت لتنشيط الدبلوماسية الموازية التي لا يمكن أن تكون إلا بأحزاب سياسية قوية، وبمجتمع مدني مندمج في مؤسساته الدستورية؟
ألم تنفر هذه الأحزاب المواطنات والمواطنين من المشاركة في اللعبة السياسية عبر تزكيتها المفسدين وناهبي ثروات البلاد؟ وعبر الاستفادة من الريع السياسي؟ هل قدمت هذه الأحزاب أجوبة مقنعة لأوجه صرف المال العام في حملاتها الانتخابية؟ وهل عللت ذلك بالفوترة عن المصاريف؟ وهل هياكل الأجهزة التقريرية للحزب منتخبة بشكل ديمقراطي وتعتمد على التداول والتناوب على المسؤوليات؟ أم أن الغالب هو منطق القبيلة، وهو ما لاحظناه أثناء انعقاد الكثير من المؤتمرات من رشق بالكراسي والصحون الطائرة، ومن الاحتجاج على عدم تقديم وجبات الأكل للمؤتمرين؟ ثم النتيجة في هذا كله ما تناقلته وسائل إعلام بشأن حلوى البرلمان. كيف نعيد الثقة للمواطنين في ظل هذه التصرفات؟ وهل بنفس الطاقم التقني ونفس اللاعبين يمكن أن نحصل على نتائج جيدة؟