العمل الإنساني في جنح الظلام

ذ. محمد بركاني:  أستاذ باحث في الرياضيات، جامعة محمد الأول

في خضم الأحداث التي تدور رحاها  بسرعة فائقة مع جارتنا الشمالية، صرحت السيدة وزيرة الخارجية لهذا البلد قبل بضعة أيام وكلها ثقة بالنفس ولسان حالها يقول قبل كلامها  أنها متحكمة كليا في تدبير مجرى الأمور،  لتخبر الرأي العام  أولا  بأن استقبال  الشخص، المكلف برئاسة وتنسيق العداوة للوحدة الترابية للمغرب،  لم يكن إلا” لدوافع إنسانية”  وثانيا كمحاولة لطمأنة المغرب بالقول أنه لداعي للانزعاج والقلق  من هذا الاستقبال فالمغرب بلد جار و صديق ويمكن أن” ينام في أمان واطمئنان.”

لكن مع مرور الأيام،  سينقلب السحر على الساحر وستفجر  وسائل الأعلام معلومات بالغة الخطورة،  تفيد  بأن استقبال  هذا الشخص،  تحت غطاء هويات مزورة،   حضي بترتيبات دقيقة وبروتوكول تنقل سري رتب بعناية، نلخصه في ما يلي:

1- نزول الطائرة المقلة لهذا الشخص في قاعدة عسكرية.

2-استعمال  هوية مزورة لهذا الشخص     تحت اسم  محمد بن بطوش المزداد في 19 شتنبر1950.

3-استعمال هوية مزورة ثانية لهذا الشخص  تحت اسم محمد بن عبد الله المزداد في 12 فبراير 1950.

4- العمل على التكتم التام حتى لا تتسرب الأخبار إلى وسائل الإعلام وخاصة إلى الجانب المغربي.

5-  تهيئ ” جواز مرور”  من المطار العسكري إلى المستشفى  تفاديا لكل طارئ  وضمانا لعملية التنقل في ظروف سلسة.

6 – وما خفي  قد يكون أعظم.

كل هذا يقع في ظهرا لمغرب  والسيدة الوزيرة  تقدر في  حساباتها أن علاقة بلادها بالمغرب لن تتأثر بأي شيء؟  يا ترى ماذا كانت ستكون ردة فعل بلادها لو استقبل المغرب “لدوافع إنسانية” السيد “كارليس بويجديمونت” بعد أن قهرته  الظروف السياسية وأرغمته  للفرار إلى المنفى؟ متى كان التستر على المتابعين قضائيا أمر تقبل به بلدان تصنف  نفسها ضمن  بلدان ديمقراطية؟  أين هي القوات الحية في البلد  الجار لتقبل بأن تقع هذه الأمور تحت سمائها؟   متى كان العمل الإنساني يؤدى تحت هويات مزورة،  في جنح ظلام دامس  لممارسات يطغى عليها الإخفاء والتكتم ؟

تسارعت الأحداث وفي ظرف وجيز طفت على السطح إشكاليات   أخرى تأكد بالملموس أنه بدون قواعد تعاون واضحة ووثيقة مع هذا الجار الذي يتآمر في ظهره، فقد تكون الجارة الشمالية هي الخاسرة الأولى. و تبعا  لهذه الإشكاليات  وفي  يوم 20 ماي، ستصرح  السيدة وزيرة الدفاع لجارتنا الشمالية أن  “على المغرب ألا يلعب مع بلادها  على الحدود… لن نقبل الابتزاز”

المغرب لا يلعب على الحدود والمغاربة لم يخلقوا لحراسة حدود الآخرين تحت الإكراه. المغرب له  ما يكفي من هموم الحدود،  خاصة وأن حدوده بتنوعها وامتدادها، شرقا وغربا، جنوبا وشمالا، صحراء، برا وبحورا،   مهما كانت  الجهود التي يمكن أن يبذلها  لحراستها لمصلحته هو ، يمكن أن تكون هناك ثغرات، فما بالك أن يضاف إليها  حراسة  حدود الآخرين!

نعم، يمكن  للمغرب أن يقوم بجهود، في إطار تعاون بناء، مؤطر بقواعد واضحة وشفافة. لكن لن يقوم بذلك أبدا على حساب مصالحه العليا !.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

صناع التفاهة وسفاهة المحتوى

الخزينة العامة للمملكة تعلن آخر موعد لأداء ضريبتي السكن والخدمات الجماعية