عبد القادر كتــرة
هاجم عدد من السياسيين والمسؤولين الليبيين بقوة وشراسة، الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ورئيس حكومته أيمن بن عبد الرحمان واعتبروا استقبال عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا المُقالة وتعيين مجلس النواب بدلها حكومة موازية بقيادة فتحي باشاغا، وتصريحات الرئيس الجزائري تدخلاً سافرا في الشؤون الليبية وإشعالا للفتنة ومسّاً باستقرار وأمن ليبيا.
وسبق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن أعلن استمرار الجزائر في الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا التي يقودها عبد الحميد الدبيبة، ورفضها لخطوة مجلس النواب تعيين حكومة موازية بقيادة فتحي باشاغا، وكشف عن خلافات في المواقف مع دول بشأن الأزمة في ليبيا، في إشارة إلى مصر، بسبب محاولة فرض خيارات سياسية خارج إطار الشرعية الدولية.
وقال الرئيس تبون في حوار بثه التلفزيون الرسمي، إن “الحكومة الليبية التي تحظى بالشرعية الدولية هي حكومة الدبيبة”، مشيراً إلى أن الجزائر ملتزمة ومتمسكة في إطار الشرعية الدولية بدعم الحكومة المعترف بها دولياً، وأكد رفضه للخطوة الانفرادية التي دفعت بها مصر تحديداً، بشأن تعيين حكومة فتحي باشاغا.
وردّ محمد خليفة العكروت، سفير ليبيا الأسبق لدى البحرين وسلطنة عمان قائلا :”إن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، كان صريحاً أكثر من اللازم، حينما قال إن بلاده تدعم حكومة عبد الحميد الدبيبة فقط.“
وأضاف العكروت على فيسببوك: “اللغة التي تحدث بها لا تنم عن أنه يتقن اللغة الدبلوماسية، من يستعمل لغةً مثل لغة تبون، فهو يريد رسم خط فاصلٍ حاد، والسياسي المحنك لا يرسم خطاً فاصلاً حاداً، دائما يرسم خطاً متعرجاً ملتوياً، ليفهم الجميع أنه يؤيدهم ويعارضهم في نفس الوقت”.
وتابع قائلاً: “للأسف خذلته لغته الصريحة جداً وهو على أعلى سلطة سياسية، غابت عنه الحكمة والحصافة، كان يكفيه ان يقول (نحن مع ما يريده الشعب الليبي، ويصمت)، وانتقادي للغة السيد تبون، لا تعني أنني أقف مع أحد ضد أحد، بل هي نقد للغة التي يجب أن يستعملها السياسي المحنك”.
من جهته وصف الكاتب والباحث السياسي الليبي عبد الحكيم فنوش في منشور له عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي حكومة الجزائر بـ”العدو الكاره”، وكتب: “يفعلون كل ما يستطيعون لعرقلة محاولتنا لخلق وفاق قد نسترجع من خلاله بعض السيادة ومفهوم الدولة، وهم حريصون على اللادولة والانقسام”.
ورداً على تصريحات “تبون”، قال محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب: “إن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، يطالعنا بدعوات ما كان لعاقل ومدرك أن يدلي بها، متجاهلا أن ليبيا دولة مستقلة ذات سيادة، ولا يجوز التدخل في شؤونها الداخلية”.
وأضاف العباني، على فيسبوك قائلاً: “ألا يستحي كونه رئيس لدولة وجدت بين ظهرانينا كل الحب والود، وكل ما أمكن لشعبنا تقديمه لدعم جهادهم وإستقلالهم. الشرعية الدولية أساسها احترام الشرعية المحلية، وعدم جواز التدخل في الشأن الداخلي للدول، و السلطة في ليبيا ينظمها الإعلان الدستورى الصادر في 2011 والذي ينص في مادته السابعة عشر على ان السلطة العليا في البلاد، منعقدة للسلطة التشريعية”.
وتابع قائلا: “لا وجود لمجلس وطني في ليبيا، بل أن الشعب الليبي انتخب بإرادته الحرة مجلسا للنواب في 2014، ومجلس النواب هو من يمارس السلطة العليا في البلاد، وهو الذي منح الثقة لحكومة الدبيبة، وهو نفسه من سحب الثقة منه، وهو ذاته من عيّن حكومة باشاغا ومنحها الثقة، و إن كان الرئيس الجزائري لا يدرك ذلك، فتلك مصيبة، وإن كان يعلم فالمصيبة أكبر”.
واختتم النائب قائلاً: “نرفض نحن أبناء الشعب الليبي هكذا تدخل في شؤوننا المحلية، ونقول ما قاله تعالي فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.. وعلى مجلس النواب الليبي اتخاذ ما يلزم للجم هكذا تصريحات تنال من الشرعية الليبية، والنظر في العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي يحكمها متهورين”.
من جهته، دعا رئيس مجلس النواب الليبي في طبرق عقيلة صالح المتحالف مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر إلى عدم التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة.
وكان الدبيبة قد زار الجزائر رفقة وفد أمني هام والتقى الرئيس عبدالمجيد تبون قبل يومين، وحصل على دعم سياسي كبير من الجزائر لخطته التي ترمي لإنهاء المرحلة الانتقالية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في أقرب وقت ممكن.
ويزداد الانقسام في ليبيا يوما بعد يوم، لا سيما بعد سحب برلمان طبرق الثقة من حكومة الدبيبة وتشكيل حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا.
ويرفض الدبيبة تسليم مهامه إلا لحكومة منتخبة وذلك وفق الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة عقب إنهاء الاقتتال بين شرق ليبيا وغربها.
وطالب عقيلة صالح “جميع الإدارات والشركات العامة والخاصة وكذلك البعثات الدبلوماسية، بعدم التعامل بأي شكل من الأشكال أو التخاطب باسم حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية”.
يذكر أن الأطراف الليبية كانت قد فشلت في إجراء انتخابات رئاسية نهاية السنة الماضية ترشح لها خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي وفتحي باشاغا وعبدالحميد الدبيبة وعقيلة صالح
الرئيس الجزائري وفي رده على سؤال يخص الشأن الليبي، وضع أصبعه فوق الخيار الخاطئ وضغط الزر الذي لا يحبه الليبيون، حين قال أنه لا يعترف بأي شخص لم يحصل على شرعيته من صناديق الاقتراع، وأن ما جرى الاتفاق بشأنه بين الليبيين (في إشارة إلى اتفاق باريس الذي أهمل فيه دور الجزائر) لن تعترف به الجزائر، وأن حكومة “دبيبة” هي الوحيدة التي لها شرعية في ليبيا، الشيء الذي تسبب في غضب ليبي كبير، لم ترد عليه السلطات الليبية كما فعل “ألباريس”، بل أوكلت مهمة الرد إلى الإعلام الليبي الذي هاجم القضية الصحراوية، و نشر صورا لمدن الصحراء المغربية.
وجاء في تعليقات عليها: “أن الذي يريد الاستمتاع بجمال الطبيعة الصحراوية وسحرها عليه أن يزور الصحراء المغربية”، فيما فضلت منابر أخرى الضغط على جراح الأزمة الاقتصادية داخل الجزائر، حيث كتبت جريدة “العنوان” نقلا عن صحيفة “الديوان” الجزائرية، أن الشعب الجزائري أصبح يُقبل على لحوم الحمير، بعد أن صعب عليه اقتناء لحوم المواشي بسب أسعارها الملتهبة…، في إشارة إلى أن على السياسيين الجزائريين أن ينتبهوا إلى الوضع الداخلي للبلاد عوض الإفتاء في قضايا دول ذات سيادة.
وليست هذه المرة الأولى التي يثير الرئيس الجزائري حفيظة الليبيين بتصريحاته، إذ سبق أن بلغ الغضب عقب تصريحاته في حوار سبق أن أجرته معه قناة الجزيرة، حدّ ترويج هاشتاغ “#رئيس_الجزائر_ابن_كلب” رفعه ليبيون ومصريون في مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا، للتنديد بالتصريحات التي أدلى بها الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عندما قال: “إن الجيش الجزائري كان على وشك اجتياح العاصمة الليبية طرابلس”.
ودخل مواطنون من مصر على الخط ليدعموا الحملة الرقمية، التي أطلقها الليبيون على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي، حيث أنها تصدرت الترند على موقع “تويتر”، وسط مطالب من دول أخرى بنشر الهاشتاغ .
وأثارت تصريحات تبون لغطا كبيرا على شبكات التواصل الاجتماعي في ليبيا، بعد أن كشف أن بلاده كانت مستعد “للتدخل بصفة أو بأخرى” في ليبيا المجاورة لوقف تقدم قوات المشير خليفة حفتر نحو العاصمة طرابلس، وهو ما اعتبره مراقبون “تدخلا في شأن داخلي ليبي صرف”.
وقال الرئيس الجزائري ردا على سؤال عما كان يعنيه بأن “طرابلس خط أحمر”، “كنا نقصد أننا لن نقبل بأن تكون طرابلس أول عاصمة مغاربية وإفريقية يحتلها المرتزقة. كنا سنتدخل” واتهم الجيش الوطني الليبي بأنهم مرتزقة.
وعقب ذلك، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر، إغلاق الحدود مع الجزائر وجعلها منطقة عسكرية، وذلك بعد زهاء 10 أيام من تصريحات الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، التي أكد فيها بأن بلاده كانت ستتدخل لمنع سقوط العاصمة الليبية طرابلس في يد من وصفهم بـ”المرتزقة”.
وقررت قوات خليفة حفتر، “إغلاق الحدود الليبية الجزائرية وجعلها منطقة عسكرية يُمنع التحرك فيها”، وفق ما جاء في بيان صادر عن قوات حفتر.
وأوضح ذات البيان، أن “القوات المسلحة تُغلق الحدود الليبية الجزائرية وتعلنها منطقة عسكرية يُمنع التحرك فيها، فيما أكد مصدر لوكالة “سبوتنيك” الروسية، أن قوات حفتر تسيطر فقط على معبر أيسين الحدودي في مدينة غات جنوب غربي ليبيا، من أصل 3 معابر تربط البلدين”.
يشار الى أن الناطق باسم قوات حفتر، اللواء أحمد المسماري، أعلن، أول أمس الجمعة، تحريك عناصر من قواته بهدف “تأمين المنطقة الجنوبية رداً على التصعيد الأخير للعمليات الإرهابية التي تنفذها العصابات التكفيرية في الجنوب الغربي، واستهدافها بسيارة مفخخة موقعاً أمنيا وعسكريا”.