عبد القادر كتــرة
أصاب اعتراف إسبانيا بالسيادة المغربية على أقاليمه الصحراوية الجنوبية وكذا دعم الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب، أصاب النظام العسكري الجزائري بصدمة قوية وكانت الضربة القاضية زيارة “بيدرو سانشيز” رئيس وزراء إسبانيا للمغرب، وجلوسه صحبة أعضاء حكومته على مائدة الإطار لجلالة الملك محمد السادس، مغرب يوم رمضان المبارك.
هذا النظام الخبيث دخل في أزمة هيستيرية، وحالة من السعار الكلبي وفقد البوصلة والعقل والتمييز والتفكير، وتجاوز كلّ الحدود والأعراف والمواثيق والقوانين الدولية، وأقام الدنيا ولم يقعدها، رغم ادعائه بأنه ليس طرفا في قضية الصحراء المغربية، ولا مطالب له ولا دخل له، وهي في أيدي الأمم المتحدة، ففتح أبواب خزينة الدولة، وخصص ملايين الدولارات من أموال الشعب الجزائري ومن قوته اليومي، والذي لم يجد كيس حليب ولا قنينة زيت ولا كيلو سميد…، لصرفها على مرتزقة إسبانيين وأحزاب انفصالية وصحافة مرتشية وبرلمانيين في سوق النخاسة، بهدف تمويل حملات شعواء وخسيسة في محاولات لإسقاط حكومة “بيدرو سانشيز”.
أخبار تم تسريبها في الإعلام الإسباني تتعلق “بضخ الجزائر لأموال طائلة من أجل إسقاط حكومة “سانشيز”، وأنها بدأت تمول المعارضة الإسبانية لرفع حماسها في العمل من داخل البرلمان لحجب الثقة عن الحكومة، ومحاكاة ما حصل في باكستان لـ “عمران خان” بعد زيارته لروسيا أثناء الحرب الأوكرانية، رغم أن القضيتين لا مقارنة بينهما.”
موقع إلكتروني دعائية لجبهة بوليساريو عاتب أحد نشطائه في إسبانيا الذي نسب تظاهرات المرتزقة وتصويت البرلمان الاسباني ضد قرار حكومة “سانشيز” لمجهودات ممثل الجبهة الانفصالية في تدوينته جاء فيها ما يلي: “تصويت الأحزاب الإسبانية ضد قرار رئيس الحكومة هو ثمرة لعمل الكواليس الذي قام به ممثل جبهة البوليساريو بإسبانيا طيلة الأيام الماضية”…
هذه التدوينة دفعت عدة حسابات جزائرية إلى التعليق بغضب شديد اتهام المرتزقة بنكران الجميل وعضّ اليد التي تمد إلهم،….. مذكرين بما قدمه النظام العسكري الجزائري بسخاء ودون حساب ولا يزال للإبقاء على هذه القضية المفتعلة.
وذكّر الموقع البوليساري الدعائي هذا الناشط المرتزق قائلا :” تذكر أنهار الغاز التي كانت ولا تزال تضخ في صهاريج مدريد ومنازلها وشركاتها، بشكل شبه مجاني فقط لقاء أن يحصل الأخ القائد على الرعاية الطبية التي أنجته من طاعون العصر،…. وتذكر ملايين الدولارات التي ضخّها قصر المرادية في حسابات رؤساء الأحزاب الإسبانية من أجل تكرار جملتين أمام وسائل الإعلام، تدعم حق تقرير المصير وتصفنا بالشعب المقهور وصاحب الحق التاريخي…، كان عليك أن تعلم بأن الأمر لو ترك للبيت الأصفر لهلكت القضية الصحراوية بالقاضية، منذ ربع قرن على أضعف تقدير…، لهذا وجب منك التدوين دون إجحاف، لأن من لا يشكر الناس لا يشكر الله.”
كانت الزيارة التي قادت رئيس الحكومة الإسباني إلى الرباط من أجل تأكيد الاعتراف بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، ضربة قوية وقاضية أقوى من صدمة اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالسيادة المغربية على صحرائه، إذ اعتبرها النظام العسكري الجزائري مؤامرة وخيانة تأتي من دول الإتحاد الأوروبي، والإتحاد الإفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة…، حسب الموقع الدعائي، معتبرا “قرار “سانشيز” بدعم مقترح الحكم الذاتي وبالتالي دعم الرباط في السيادة على الصحراء المغربية، رافقه دعم أوروبي وأمريكي مطلق، وأنه مع وصول طائرة رئيس الحكومة الإسباني إلى مطار الرباط، قدم وزراء خارجية حلف “الناتو” تصريحات رسمية لوسائل الإعلام الأوروبية وهم في اجتماعهم لأجل الأزمة الأوكرانية، وقالوا بالإجماع أنهم فرحون جدا بتسوية الخلاف الإسباني – المغربي الذي كان يقلق كثيرا الحلف والإتحاد الأوروبي، وأضافوا أن الناتو تدعم هذا التقارب بشكل كبير وتباركه، وأنه سيساهم في تحسين التعاون الأمني بين شمال إفريقيا و أوروبا.
وعبر عن تخوفاته من حذو بريطانيا وكندا وبلجيكا والدنمارك وفرنسا وأيسلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا والنرويج والبرتغال واليونان وتركيا وألمانيا وإسبانيا وبولندا والمجر والتشيك ورومانيا وسلوفينيا وسلوفاكيا وبلغاريا ولاتفيا وليتوانيا واستونيا وألبانيا وكرواتيا والجبل الأسود وشمال مقدونيا… تبارك هذه الخطوة، حذو إسبانيا، لأن جميع دول الحلف أصبحوا يؤيدون الموقف الإسباني ويدعمون خطوة حكومة مدريد، وهم مطالبون بجعل مواقفهم تتناسب وموقف الحلف، مع التذكير بأن الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا يؤيدون مقترح الحكم الذاتي ويقودون قاطرة الاعتراف، ويدعمون سيطرة الرباط على الصحراء.
بعد التعبير عن صدمته وغرابته للقرار الاسباني، لم يجد النظام العسكري الجزائري ما يهدد به إسبانيا والتعبير عن غضبه، بعد الاستفاقة من آثار الصدمة، إلا استدعاء سفيره في مدريد للتشاور لكن سرعان ما سيعود من النافذة إلى خُمّه كما فعل سابقه في فرنسا، وأطلق العنان لمزابله الإعلامية نباح قنوات صرفه الصحي لترويج أخبار انتقامية حيث جاء في إحداها “أن قصر المرادية يدرس إمكانية مراجعة أسعار بيع الغاز لإسبانيا”، لكن كاتب المقال نسي بأن الجزائر مصفدة بعقد لن ينتهي إلا سنة 2030، وأن العقد حدد فيه الثمن بشكل قطعي ويخضع لمساطر الوفاق الدولي والتعاقدات…، وأن أي مراجعة أحادية الجانب قد تسبب كارثة للجزائر.
من جهة أخرى، اعتبر عمار بلاني ما يسمى “المبعوث الخاص المكلف بقضية الصحراء الغربية و دول المغرب العربي” وهو بالمناسبة وزير الخارجية الفعلي للنظام الجزائري وليس رمطان لحمامرة، بأسلوب رخيص خال من آداب الحوار والدبلوماسية “أنّ حكومة سانشيز في إسبانيا باعت ضميرها للنظام المغربي مقابل ثمن بخس”، معلقا على زيارة رئيس الوزراء الإسباني إلى المغرب لتأكيد دعمه للاقتراح المغربي بشأن قضية الصحراء المغربية، وهي الزيارة التي أدمت قلبه وقلوب جنرالات ثكنة بن عكنون.
وهدد هذا المسؤول الحكومة الإسبانية من تبعات قرار سانشيز، خاصة مع “القرارات المؤلمة” التي ستتخذها الجزائر تجاه مدريد، في إطار ردّها على تغيّر موقف البلاد إزاء الصحراء المغربية.