عبد العزيز داودي
ترسانة قانونية مهمة يتضمنها تشريع الشغل لتحديد الدور الدقيق المنوط بمندوب العمال أو الأجراء في الدفاع عن المصالح المادية والمهنية في الوحدات الإنتاجية أو الصناعية أو الخدماتية، وتتضمن الترسانة كذلك جميع الضمانات لأن تجرى انتخابات مناديب العمال في إطار احترام حرية الاختيار. هؤلاء المناديب الذين يتمتعون بصلاحيات قد لا تكون واسعة لكنها مهمة في الترافع عن الأجراء أثناء مثولهم في اللجان التأديبية، كما أن النقابات الأكثر تمثيلية بناء على المقاعد المحصل عليها، يحق لها عقد اتفاقيات شغل جماعية ملزمة للأطراف الموقعة ومسجلة لدى كتابة الضبط بالمحاكم، إضافة إلى وجوب أن تكون ضمن لجان المقاولة وتساهم بالتالي في تسيير المقاولات ناهيك عن لجان الصحة والسلامة، مع توفر ضمانات استثنائية لمندوب الأجراء وتحصينه أكثر حتى لا يتعرض للطرد التعسفي أو التضييق على حريته وهو يمارس نشاطه، حيث أتاح تشريع الشغل لمندوب الأجراء ساعات معينة لمزاولة مهامه.
لكن هل هذا هو الواقع؟ هل فعلا تحترم المقاولات تشريع الشغل أم إنها إما تلتف عليه باختيار مناديب مفصلين على مقاسها، ووظيفتهم هي الدفاع الحصري عن الشركة وليس عن العمال؟ وطرحنا لهذا السؤال نابع من ملاحظتنا عن الطريقة التي فاز بها العديد من الأجراء في انتخابات مناديب العمال؟ فكيف يعقل مثلا في مقاولة ما يعاني فيها العمال من الاستغلال ومن الإجهاز على أبسط الحقوق المكفولة دستوريا أن يحظى فيها ممثلو الإدارة بثقة العمال؟ وكيف نستسيغ انه بالرغم من أحكام قضائية قضت بإنصاف الأجراء في العديد من المقاولات، ومع ذلك تفوز لائحة مرشحي الإدارة بثقة العمال؟
إذن انتخابات مناديب العمال قد تفرغ من محتواها إذا تحول المناديب إلى جلادين للعمال وسوط وظيفته هو تركيع العمال وإهانتهم وإذلالهم ضدا على المهمة النبيلة التي يحظى بها مندوب الأجراء.