بقلم ذ. المختار شحلال
يحز في النفس أن تصبح السنة الدراسية في نظامنا التعليمي على شاكلة كائن مشوه بجسم نحيل للغاية، وبرأس ضخم… رأس عبارة عن امتحانات تستأثر بكل الاهتمام والتركيز، وتجند لها كل الإمكانيات المتاحة، ويكلف لتأطيرها جحافل المراقبين والملاحظين والمداومين، وتتحرك أساطيل السيارات المركونة طوال السنة، وتستمتع المؤسسات بالطلعة البهية للمسؤولين الإقليميين والجهويين، وأحيانا بطلعة الوزير نفسه، وتصدر عشرات الدلائل، وتنشط عملية التواصل الداخلي والخارجي للمنظومة، وتتم متابعة الغياب يوما بيوم، ويرابط رجال الأمن بالمؤسسات لنشر الطمأنينة في النفوس، ويعمل كل الفاعلين التربويودين بأقصى قوتهم وعزمهم، ويصبح الغياب بمبرر او بغيره أمرا مرفوضا وغير وارد. والأسر بدورها تضع فجأة تمدرس أبنائها كأولوية قصوى…
بالمقابل، وطوال السنة الدراسية حيث تتم العملية التعليمية-التعلمية، تعيش المؤسسات التعليمية حالة ارتخاء شامل، ويغيب التواصل مع مصالح الوزارة الوصية باستثناء مذكرات شاردة تحث على الاحتفال بأيام لم يعد يتذكرها أحد، وتخف المراقبة الإدارية والتربوية، وينعدم التأطير والمتابعة، فتتحول العملية برمتها إلى سباق محموم لتقيؤ مقررات لا يكترث لها التلميذ المهووس بتحصيل نقط المراقبة المستمرة بتجريب كل الطرق المتاحة، في انتظار ملحمة الامتحانات لتوظيف ما تدرب عليه من أساليب الغش…
ليتنا قلبنا الآية وجعلنا من العملية التعليمية مركز الاهتمام، وجندنا لها جزءا يسيرا من الجهد والطاقة والإمكانيات التي نهدرها على الامتحانات حتى تحولت هذه الأخيرة إلى غاية في حد ذاتها تبرر كل الوسائل، بدل أن تكون مجرد تتويج وتصديق على المكتسبات دون بهرجة ولا تهويل…