عبرت تنسيقية الدكاترة المطالبين بالإدماج المباشر في خطة العدالة (الفوج الثالث) عن استيائها الشديد من تأخر وزارة العدل في معالجة طلباتهم للولوج إلى مهنة العدول بشكل مباشر، طبقا لمقتضيات المادة التاسعة من القانون المتعلق بخطة العدالة على غرار الفوجين السابقين، وهو ما يشكل تمييزا صريحا في حقهم، في تناقض صارخ مع مقتضيات المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب وكذا دستور المملكة.
الشيء الذي دفع أعضاء التنسيقية إلى تقديم تظلمات فردية وملتمس جماعي إلى وزير العدل، بغية رفع الضرر الذي لحقهم، مطالبين بتسريع إجراءات إدماجهم في خطة العدالة، إلا أنها لقيت نفس مصير طلباتهم التي قاربت الثلاث سنوات على إيداعها، وبقيت هي الأخرى بدون جواب.
وإصرارا منهم على معرفة مآل طلباتهم، باعتبارهم ذوي حق، والإجراءات المزمع اتخاذها من أجل معالجتها، تواصل أعضاء التنسيقية مع مجموعة من النواب البرلمانيين الذين تكلفوا بطرح أسئلة كتابية على وزير العدل، استفسروا من خلالها عن مآل طلبات الدكاترة، حصلت التنسيقية على نسخ من أجوبة الوزارة ترجع فيها التأخر الحاصل في معالجة الطلبات إلى عدم وجود الخصاص في عدد المكاتب العدلية وعدد العدول بها، وحرصها على عدم إغراق المهنة بتعيينات جديدة، وفي نفس أجوبتها، وفي تناقض مع الحجة التي تزعمها لعدم معالجة الطلبات، أبلغت في جوابها أنها تعكف على تعديل القانون المنظم للمهنة، قصد إدراج مقتضيات جديدة ستسمح بإدماج 400 ناسخ في خطة العدالة، ضاربة بعرض الحائط تفعيل مقتضيات المادة التاسعة من القانون المنظم للمهنة الساري المفعول.
وفي نفس الصدد، ودائما في إطار دولة الحق والقانون، تقدم أعضاء التنسيقية بتظلم جماعي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي أخبرهم في إحدى الزيارات بأنه راسل الوزارة، ولم يتلق بدوره أي جواب في الموضوع، كما عمل أعضاء التنسيقية على تقديم تظلمات فردية لمؤسسة الوسيط، التي أحالت عليهم جواب وزارة العدل التي أفادت بعد مكاتبتها أنه لا يمكن الاستجابة للطلبات موضوع التظلم انسجاما وعدد الخصاص، مضيفة أنها تعمل على تحديد العدد الضروري من العدول والمكاتب العدلية لكل دائرة قضائية، متفادية في جوابها هذا لمؤسسة الوسيط نيتها في تعديل القانون وإدماج فئة النساخ.
وعلاقة بموضوع المكاتب العدلية، ومقارها وعدد العدول بها، فقد صدر قرار لوزير العدل عدد 2025/24 في ماي 2025 يفند مسألة عدم الخصاص الذي كانت تتذرع به في جميع أجوبتها، الذي حدد الخصاص في 675 منصبا، والذي يمكن أن يزيد عن هذا العدد لو عملت الوزارة على تحيين الخصاص جهويا لمجموعة من الأسباب.
وإيمانا من أعضاء تنسيقية الدكاترة المطالبون بالإدماج في خطة العدالة بعدالة قضيتهم، وأن الحوار يمثل طريقا ناجعا لتحقيق التفاهم والوصول إلى أفضل الحلول، عملوا على تقديم طلب للقاء وسيط المملكة الذي لم يتحقق بعد، وكذا طلبا للقاء وزير العدل.
وبعدما تعذر لقاء السيد وزير العدل تم استقبالهم من طرف الكاتب العام للوزارة، الذي أكد لهم أن ملفهم في طريقه إلى الحل، مع عدم التزامه بتحديد تاريخ معين، مع إمكانية زيادة عدد المكاتب العدلية مقارنة مع العدد المعلن عنه بقرار وزير العدل السابق الذكر، كما أكد لهم أن مسألة التأخر في معالجة الطلبات متعلقة بالأساس بالمشاكل التي تعترض العدول الجدد في علاقتهم بالهيأة الوطنية للعدول، مستدلا ببعضها من تجربة الفوج السابق، والتي تعكف الوزارة على تفاديها قبل الإعلان عن لوائح المقبولين.
وفي الأخير، أكد لهم الكاتب العام أن الوزارة ملزمة بالتفاعل الإيجابي مع جميع الطلبات المستوفية للشروط المنصوص عليها في القانون.
لكن، وبعدما استبشر أعضاء التنسيقية خيرا بعد لقاء الكاتب العام لوزارة العدل بقرب حل ملفهم العادل، خرج وزير العدل في جوابه على مداخلة لإحدى النائبات البرلمانيات أثناء اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان لمناقشة مشروع الميزانية الفرعية لوزارة العدل، برسم السنة المالية 2026، والتي طرحت عليه إشكال التأخر في معالجة طلبات الدكاترة في الولوج لمهنة العدول، الذي ركز خلاله الوزير على كون هذه المسألة تطرح له إشكالا كبيرا، معزياً الأمر إلى كثرة الطلبات، والحقيقة هي غير ذلك، العدد الذي ذكره لمجموعة من الاعتبارات، مرجعا الأمر إلى رفض الهيأة الوطنية للعدول لمزيد من التعيينات، وكأنها فوق القانون، وعلى النقيض من ذلك، دافع وزير العدل على إدماج فئة النساخ في مهنة العدول، رغم عدم التوفر على الشهادات المطلوبة على حد قوله، متناسيا بأن حملة شهادة الدكتوراه هم أيضا أبناء هذا الوطن، لهم الحق في العيش الكريم في مغرب الكرامة للجميع.
وعليه، يلتمس حملة شهادة الدكتوراه من وزير العدل تسريع الإجراءات المتعلقة بإدماجهم في خطة العدالة، ورفع الحيف الذي لحقهم، معتبرين أن تأخر الوزارة في معالجة طلباتهم في ظل الخصاص المهول، يطرح العديد من التساؤلات حول مدى التزامها باحترام المقتضيات القانونية وتفعيلها، على غرار الأفواج السابقة، خصوصا في ظل عزمها على تعديل القانون المنظم للمهنة بما يتيح إدماج فئة النساخ في خطة العدالة على حساب ذوي الأحقية القانونية.


