ضيوف المهرجان الدولي المغاربي للفيلم يستكشفون المعالم التاريخية لمدينة وجدة

أحمد الرمضاني

من الأشطة الموازية التي برمجتها جمعية “سيني مغرب” على هامش مهرجانها الدولي المغاربي للفيلم، في نسخته الرابعة عشر، تمكين ضيوف المهرجان الذين يمثلون عالم السينما والثقافة والإعلام، مغاربة وأفارقة وعرب وعجم من استكشاف عدد من المعالم التاريخية لمدينة وجدة، وذلك صبيحة يوم الخميس ثاني أكتوبر.
البداية كانت بمركز التعريف بالتراث الثقافي والأركيولوجي والطبيعي لجهة الشرق، المتواجد بالمدرسة الابتدائية الإمام الغزالي، والتي كانت تسمى على عهد انشائها زمن الحماية الفرنسية سنة 1913 (Ecole Charcot/ مدرسة شاركو) ، حيث اطلع الزوار من خلال شروحات مسؤولي المركز على كنوز طبيعية للجهة ( تافوغالت وفكيك و عين بني مطهر وجرادة وبوعرفة …) على نمط عيش انسان تلك المناطق خلال العصور الغابرة، والمهن التي زاولها، وتفاعله مع محيطه ووسطه الطبيعي والبيئي والجيولوجي، وتعايشه مع الكائنات الحيوانية، التي استفاد منها ومن صناعاته الحجرية والخشبية والحديدية اليدوية، في كسب قوته بواسطة الصيد والقنص والحفاظ على حياته وبقائه، والذود عن عشيرته، في مواجهة الأخطار، ثم عرض نماذج من بعض الحيوانات التي عاصرها، وخصوصا المنقرضة منها، ومظاهر التواصل الاجتماعي عنده تاريخئذ، كالنقش على الأحجار والصخور.

بعدها انتقل الزوار غير بعيد من ذلك، وتحديدا في الجهة المقابلة، أين يوجد جناح متفرع عن ثانوية عمر بن عبد العزيز ( ex lycee de garcons / ثانوية الذكور سابقا) التي شيدت سنة 1915، خصص متحفا تربويا، يعرض فيه صورا ووثائق ومنشورات ومواد تربوية، توثق لتاريخ التعليم والتربية والتكوين في مدينة وجدة، خلال الفترة الممتدة من سنة 1894 إلى غاية أواخر عقد سبعينيات القرن الماضي … وبعين المكان، تفضل الأستاذ بدر المقري الباحث في تاريخ المدينة، بتقديم شروحات ومعلومات، باستقراء الصور المعروضة، ومن خلالها التعريف بأهم المنشآت التاريخية التي تميز المدينة الألفية، خصوصا ما كان للمدينة قصب السبق في ميلادها على أرض الوطن، كمدرسة سيدي زيان ( 1907)و محطة القطار ( 1911) ومعهد الفنون الجميلة تأسس سنة 1919( بعدها تحول الى سينما تحمل اسم فوكس)، وثانوية البنات ومركز البريد و غيرها، و هذا راجع إلى كون وجدة أول مدينة مغربية تخضع للاحتلال الفرنسي ( 29 مارس 1907)، ماجعلها تشهد تشييد عدد من المرافق الحيوية، وتنفتح بالمقابل ، في وقت مبكر جدا، على مظاهر الحضارة العصرية ، على حد قول الباحث الأكاديمي، الذي كان يذكر بين الفينة والأخرى، بعدد من الأسماء والقامات التي رأت النور بهذه المدينة، أو عاشت بها لدواع مختلفة، حينا من الدهر، وذاع صيتها وطنيا وعالميا في عوالم الثقافة والفن والأدب والعلوم الشرعية والتاريخ والسينما.

ومشيا على الأقدام، واصل ضيوف وجدة رحلة سبر أغوار تاريخ المدينة، جابوا خلالها النواة الأولى لعاصمة الفاتح زيري بن عطية، في جولة خاطفة، انطلقت من المدخل الغربي للمدينة القديمة، الذي يحمل اسم الباب الغربي، والمعروف قديما باسم باب سيدي عيسى، وهو الباب الثاني إلى جانب المدخل الشرقي للمدينة العتيقة المسمى حاليا باب سيدي عبد الوهاب، اللذين بقيا صامدين في وجه عواتي الزمن… وبالنظر لضيق الوقت والتزامات أخرى فرضتها أجندة برنامج اليوم ذاته، ارتأى مرشد الوفد أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الأول بوجدة، تجاوز الوقوف عند بعض المآثر التاريخية الوجدية، من قبيل المسجد الأعظم ( عمره يتجاوز 7 قرون) الشاهد على المعمار المريني بالمدينة، إلى جانب حمام الجردة ، وحمام البالي، ثم مدرسة أم البنين ( 1919)، ومسجد سيدي عقبة ( عقبة بن نافع)…. والاكتفاء بالوقوف عند بعض المنشآت كنماذج فقط، تعكس التراث المادي التاريخي لوجدة، بدءا بأحد البنايات السكنية المتميزة، التي لا تزال تحتفظ بطابعها الأصلي منذ احداثها مطلع القرن العشرين، و المعروفة باسم ” دار بوزيان الحيلة”، ثم في الجهة المقابلة للبناية، مدرسة سيدي زيان، ومتحف ذاكرة المقاومة وجيش التحرير ، وهو البناية التي كانت على عهدها الأول مقرا لبنك المغرب، قبل أن تتحول إلى مقر للقيادة العسكرية للجيش الفرنسي ( L’ ETAT MAJOR)…
وشملت الزيارة خارج أسوار المدينة العتيقة، رواق الفنون الجميلة، وهو بناية حديثة تجاور سور المدخل الشرقي للمدينة القديمة، مخصص لعرض مختلف الابتكارات والإنتاجات الفنية، ثم منتزه الأميرة للا مريم، والمشهور عند الوجديين باسم ( حديقة المتحف)، والتي حملت حين تدشينها سنة 1910 اسم ( JARDIN PUBLIC)، لتختتم الجولة الاستكشافية بمقر المديرية الإقليمية للنجهيز، مقر إدارة الأشغال العمومية سابقا ( دشنت سنة 1911)…
هذا ونالت مبادرة منظمي المهرجان السينمائي، بتمكين من سمحت لهم الظروف من ضيوف ومشاركين في هذا الحدث الفني على أرض وجدة الطيبة، المشاركة في هذه الجولة التي عادت فيها عقارب الزمن إلى ماضي عاصمة المغرب الشرقي الساطع ، لاكتشاف كنوزها ورموزها ومفاخرها، استحسان الجميع، إلى درجة الإعجاب والانبهار بكل ما شاهدته أعينهم من نزر قليل، وصغت إليه آذانهم الى شروحات وتفسيرات وكشوفات مع إيجاز واقتضاب، من جانب الباحث الأكاديمي بدر المقري… بالمقابل عبروا عن أسفهم على عدم استثمار من يدبرون شؤون هذه المدينة و خصوصا من طرف أبنائها البررة ، لكل هذه المؤهلات والمقومات والمعالم، التي ميزت وتميز وجدة منذ عقود خلت، بما يسهم في تنميتها اقتصاديا وسياحيا وثقافيا.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

بلاغ إخباري حول لقاء الهيئات النقابية لقطاع الصحافة والنشر بالأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل

وجدة…الستار يسدل على الدورة الـ 14 للمهرجان المغاربي الدولي وفيلما ضي و النتيجة ينتزعان الجائزة الكبرى