الطيب الشكري
ونحن نودع أولمبياد باريس بميداليتين يتيمتين واحدة ذهبية والثانية برونزية ومرتبة عربية خامسة بعد البحرين، الجزائر مصر وتونس يحق لنا أن نتسائل، ماذا وقع بالضبط؟ وهل ذهابنا إلى فرنسا وبالعدد الكبير الذي تحدثت عنه الصحافة الوطنية كان فقط من أجل المشاركة والعودة بنتائج هزيلة لا ترقى إلى الإمكانيات المادية واللوجيستية التي تم وضعت تحت تصرف البعثة الأولمبية؟
حالة من الغضب عاشها المغاربة وهم يتابعون سقوط الرياضيين المغاربة واحد تلوى الآخر وغالبيتهم لم يتخط الدور الأول، فكان الخروج مذلا والنتائج كارثية، فلأول مرة تغيب مسافات في ألعاب القوى، حيث كنا حاضرين فيها في سابق العهد وحقق فيها الأبطال المغاربة ميداليات ذهبية وفضية وحطموا أرقاما قياسية وقهروا عدائين كبار، وهنا وجب التذكير بهذه الإنجازات لعل الذكرى تنفع القابعين في تسيير شؤون ألعاب القوى لعقود من الزمن وكذا في اللجنة الأولمبية التي صرح أحد المنتسبين لها بأن حصول المغرب على ذهبية وبرونزية هو إنجاز تاريخي وكأن المغاربة الذين تابعوا منافسات أولمبياد باريس لا يعرفون الحقيقة ويحتاجون لمن يزين انتكاسة المغرب اولمبيا، فالتاريخ الرياضي الوطني لازال يحتفظ في الذاكرة بإنجازات سعيد عويطة في 1500 متر و 5000 متر، إبراهيم بوطيب في 5000 متر، خالد السكاح في 10.000 متر، هشام الكروج في 1500متر، خالد بولامي في 5000 متر، زهرة واعزيز في 5000 متر، نزهة بيدوان في 400 صالح حيسو في 10.000 متر، علي الزين في 3000 متر موانع، جواد غريب في الماراطون، حسناء بنحسي في 800 متر وعادل الكوش في 1500 متر وغيرهم من الأبطال المغاربة.
هي أسماء وغيرها كانت حاضرة في كل الملتقيات الدولية وبصمت على نتائج مهمة وحطمت خلالها أرقاما قياسية واعتزلت وهي في قمة عطائها، لقد تابع المغاربة فعاليات أولمبياد باريس وكانت الحسرة والأسى باديتان على الجميع لخصتها العدد الكبير من الصفحات على مواقع التواصل الإجتماعي التي عبرت عن خيبة أملها في النتائج المحصلة مقارنة مع الإمكانيات المالية التي وضعت تحت تصرف البعثة الأولمبية وكذا للتبريرات التي أطلقها بعض المنتسبين إلى اللجنة الأولمبية التي اعتبرها المتابعين للشأن الرياضي الوطني سبة في حقهم واستصغارا لعقولهم ومحاولة يائسة لتبرير الفشل الذي حصدناه خلال هذا الملتقى الرياضي العالمي، فكان ترتيبنا 61 عالميا و الخامس عربيا وراء دول مغمورة.
وبدلا من أن نعترف بالفشل الذي حصدناه خرج البعض بقرارات إقالة للأطقم التقنية وتحميلها مسؤولية الإخفاق وتناسينا أن جامعات رياضية يشرف على تدبير شؤونها رؤساء عمروا لسنوات وسنوات وفي حصيلتهم صفر نتيجة، وهنا وجب أن نشير وبكل فخر واعتزاز إلى بعض ما جاء في الرسالة الملكية الموجهة إلى المناظرة الوطنية للرياضة والمنعقدة بالصخيرات حيث أشار جلالته على أن، انعقاد الملتقى أتى في ظرفية مطبوعة بانشغال الرأي العام الوطني بما يعترض الرياضات الوطنية عامة من تقلبات، تجسدها النتائج الهزيلة والمخيبة للآمال، وهو ما لا نرضاه لبلدنا، ولا يقبله كل ذي غيرة وطنية ولا يمكن أن تحجبه، بأي حال من الأحوال، بطولة أو تألق بعض المواهب الفردية” ولفت جلالة الملك إلى أنه ” من التجليات الصارخة لاختلالات المشهد الرياضي ما تتخبط فيه الرياضة من ارتجال وتدهور واتخاذها مطية من لدن بعض المتطفلين عليها للإرتزاق، أو لأغراض شخصية”.
اليوم وجب علينا جميعا استخلاص الدروس والعبر من هذا الإخفاق الذي أخرج موضوع الرياضة الوطنية بكل تفرعاتها إلى العلن ونفض الغبار عنها وأضحت موضوع المغاربة الذين توحدوا حول مطلب واحد هو وضع نهاية لمُعَمٍري الجامعات الرياضية وترتيب وفتح المجال أمام الشباب والمختصين والممارسين لتدبير الشأن الرياضي وفق تصور ومنظور جديدين بعيدا عن المحابات والبحث والتنقيب عن الأبطال والإهتمام بفئة الفتيان والشباب، فمغربنا ولله الحمد يزخر بالطاقات الشابة التي تحتاج إلى من ينتشلها من وضعها الحالي ويمنحها فرصة إثبات ذاتها وأعتقد أن إحداث رجة في رياضتنا الوطنية مسألة ضرورية وهي أولى الخطوات التي لا يمكن أن تقوم قائمة لرياضتنا بدونها وفي ضل إستمرار نفس الوجوه في تدبير شؤون الجامعات الرياضية والتي فشلت في تحقيق نتائج جيدة ولو بشكل نسبي، فالكل معني بإعادة الروح إلى رياضتنا الوطنية.