عن عمر يقارب 50 سنة… انتقلت الى رحمة الله المسماة قيد حياتها مليكة الرمضاني، ظهيرة يوم الاثنين 7 رمضان 1445هجرية، الموافق ل 18 مارس 2024 م.
وشيع في اليوم الموالي (الثلاثاء) العشرات من أقاربها وجيرانها ومعارفها وأحبتها جثمان الفقيدة، بمقبرة سيدي امعافة بمدينة وجدة، عقب صلاتي الظهر والجنازة، بمسجد مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة.
وخلف وفاة الفقيدة أسى وحزنا عميقين في نفوس كل من يعرفها أو تعامل معها، لما عرفت به من طيبوبة وحسن أخلاق ومعاملة وخفة روح.
واشتهرت الراحلة مليكة الرمضاني عند القريب والبعيد، وذاع اسمها عبر عدد من المدن المغربية ونظيراتها بالغرب الجزائري، بتواصلها مع مختلف المحطات الإذاعية، (الاذاعة المركزية بالرباط وفروعها الجهوية، وفي مقدمتها إذاعة وجدة، ثم فاس، وإذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، وبعض الاذاعات الخاصة وإذاعة تلمسان بالجارة الجزائر).
وعبر هذه المنابر الإعلامية المسموعة، نسجت الراحلة علاقات طيبة وصداقات متينة مع عدد من المستمعين، بفعل مشاركاتها الجادة والفعالة مع مختلف البرامج الإذاعية، لكن ارتباطها بجهاز (الراديو)، ظل متواصلا ووطيدا منذ طفولتها مع إذاعة وجدة الجهوية، التي شكلت على الدوام نافذتها المفضلة، تطل عبرها على العالم الخارجي، وبصفة أخص على ما يجري ويدور بمسقط رأسها المدينة الألفية وجهة الشرق عموما، وتكتشف بواسطتها نشاطاتها، ومعالمها وتاريخها ومختلف فعالياتها وواقعها وآفاقها… التي لم تسعفها ظروفها الصحية الصعبة، حيث كانت تعاني من إعاقة جسدية بنسبة 100/100، – لم تسعفها- في التواصل المباشر والحي مع محيطها المحلي والجهوي.
لقد شكلت محطة إذاعة وجدة الجهوية بالنسبة إليها وهي الإنسانة العصامية التي لم يسبق لها وأن ولجت فصول الدراسة قط، بحكم عجزها الجسدي، متنفسها المفضل، تنمي من خلالها قاموسها اللغوي والمعرفي، وتفجر طاقاتها وإبداعاتها، وتربط صداقات مع من يتقاسمونها حب المذياع، والتحليق عبر أثيره للتعبير عن الآراء والآمال والأحلام، وتبادل التهاني والأماني والتبريكات و الدعوات والمواساة، حسب الظروف والمناسبات، وتثبت ذاتها في التنافس الشريف وبصدر رحب، على جوائز مسابقات دينية وثقافية ورياضية، فكان لها نصيب وافر من الجوائز والهدايا القيمة والنافعة.
وبالرغم أنها كانت تساير العصر في تواصلها مع العالم الخارجي، باستعمال الوسائل الحديثة، إلا أن جهاز المذياع ظل دوما رفيق دربها الطويل، ومؤنسها الأول، سواء وهي ممتدة على سريرها، أو جالسة على كرسيها المتحرك… ارتباطها الوثيق بهذا الجهاز العجيب والنعمة الربانية، كان بالنسبة إليها، وهي على قيد الحياة، أغلى ما تحلم بامتلاكه، وأجمل هدية لو كان الاختيار بيدها، تفضل أن تهدى إليها، شرطها الوحيد في ذلك، أن يكون (المذياع) بمواصفات محددة، وبتركيز أكبر مطواعا بين يديها اللتين تعجز عن استعمالهما وتوظيفهما بشكل طبيعي وسليم ، ما يسهل عليها التعامل معه في الانتقال من محطة إلى أخرى، وضبط الصوت زيادة ونقصانا.
لقد عاشت الراحلة راضية بقضاء الله وقدره، وصابرة ومحتسبة ومحبة للخير وداعية إليه، ولا نزكيها على الله في ذلك… لكن وإن عاشت حياتها مبتلاة في صحتها، فإنها لم تفقد يوما نعمة عافية القلب، وعوضها الله خيرا، أن قذف في أفئدة خلقه محبتها وتقديرها، وإن ظلت لعقود حبيسة منزلها جسديا، فقد جابت روحها الآفاق.
رحلت مليكة الرمضاني، وخيم الحزن على عائلتها الثانية إذاعة وجدة الجهوية، وتأثر لرحيلها طاقمها الإعلامي والمتعاملون والمتعاونون معها ، وبكاها بحرقة مستمعوها الأوفياء.
أسرة ” الحدث الشرقي” تتضرع إلى الله عز وجل أن يشمل الفقيدة بواسع رحمته، ويسكنها فسيح جناته، بجوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وتتقدم بتعازيها الصادقة لشقيقها أحمد الرمضاني، عضو طاقم تحرير الجريدة، ولأسرته ولعائلته الكبيرة وكل معارف المغفور لها بإذن الله تعالى وأحبتها.
” إنا لله و إنا إليه راجعون”.