منير الحردول
يبدو أن العلامة المغربي الأصيل، مصطفى بحمزة، لم يهدأ له البال أبدا، فالواقع المليء بكل المتناقضات والنقاشات الدائرة حول الأمور المتعددة المعقدة والمتجددة، والمقرونة بجدلية الدين والدنيا، لاسيما المثيرة للنقاشات والتجاذبات الثقافية والسياسية الحقوقية، كقضايا تعديل مدونة الاسرة، وخروح بعض الأديولوجيات المنافحة عن أفكار معبرة عن طموح قد يكون مخالفا للتراث وتاريخ المغرب المعروف عند عموم الشعب المغربي، الساكنة المتمسكة بأصول الدين والمذهب المالكي والفكر الأشعري المعتدل. فالشيخ مصطفى بنحمزة، ومن خلال تتبعنا لتحركاته وأفكاره الغزيرة، وقراءتنا لبعض كتبه القيمة، والتي لا تخرج من دائرة التوازن بين متطلبات العصر والتجديد والتمسك بعقيدة ثابتة بالعقل والنقل على حد سواء، تجده دوما في مستوى الأحداث، يناقش بعمق، لايرجع للواء أبدا، يقارع الأفكار بالأفكار، في تسلسل يميل للمنطق الموضوعي القادر على الإقناع والبعيد عن التعابير الإنشائية المطنبة في الكلام، وما دروسه العديدة والمتعددة الأبعاد والمرامي، في برامج إعلامية وفي بيوت الله وفي ندوات ولقاءات داخل وخارج أرض الوطن، رغم التعب وكبر السن والإرهاق وغير ذلك، فكفاحه الدائم، ودعوته المسترسلة للوسطية والإعتدال، وقبوله بأفكار ثقافات عالمية غير مخالفة لعقيدة الأمة، واستشهاده بفلاسفة ومفكرين في كتبه العديدة، دليل على أهمية الفكر الرزين لهذا العلامة المغربي الذي ومن باب الحكمة السماع لجل مقارباته المثيرة للاهتمام والجدل، والتي لازالت تئن لفرض نفسها بالقوة الحقوقية المستمدة من التشريعات العالمية، مستغلة تيار العولمة الثقافية الجارفة، كما أن العلامة بنحمزة، عندما يدعو للعقل والعدالة قبل كل شيء، في مواجهة تيارات مخالفة للطبيعة الكونية والتي تنظر للمساواة بنظرة ضيقة أحادية لا تراعي بتاتا التشعبات المرتبطة بالطبيعة الفطرية والمرامي الفقهية والدينية لأحكام الشرع المتنوعة، بل والأكثر والأبهى، فمنطقه الذي يقارع به الأفكار المستورة قائم على الحجة والإثبات، وما غياب المساواة بين شعوب العالم والتعامل بالتفضيل والأفضلية، في فترة الأزمات على أساس العرق والدين وغير ذلك، إلا دليل على أن المساواة التي ينادي بها من سن تلك التشريعات هي مساواة منتقاة تخدم أشياء مخالفة لثقافة المجتمعات مقابل تجاهلها للمساواة الحقيقية التي ينادي بها المظلمون المهجرون من أرضهم، والمعرضون لمختلف أنواع الجور الذي لم يشهد له التاريخ مثيل..سأعود وأضع النقط على الحروف المتبقية لتحديل معالم عهد جديد أصيل، عهد يدافع عنه الشيخ بنحمزة، عهد اسمه ضرورة الحفاظ على وحدة المغاربة دينيا وتراثيا وزد على ذلك ليس بالقليل.