عبد العزيز الداودي
تخليدا للذكرى الثامن والأربعون لاغتيال الشهيد عمر بن جلون، نظم حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، فرع بركان يوم الجمعة 15 دجنبر الجاري، بالفضاء النسوي؛ ندوة فكرية أطرها استاذ التعليم العالي الدكتور المهدي لحلو تحت عنوان: “مشروع الدولة الاجتماعية في قانون المالية لسنة 2024″، تطرق خلالها الى ما يشوب هذا المفهوم من مغالطات تجلت في الرجات التي أحدثتها العديد من الكوارث الطبية والطبيعية، والصراعات الإقليمية والجيوستراتيجية. وهكذا ابانت جائحة كورونا عن هشاشة المنظومة الصحية والتعليمية، بالإضافة إلى الهشاشة الاجتماعية التي ازدادت استفحالا، وفي هذا الصدد ذكر الدكتور لحلو بأن المغرب يتوفر على 24000طبيب فقط وهو ما يعادل طبيب واحد لكل 1500شخص في حين أن توصيات منظمة الصحة العالمية توصي ب طبيب لكل 650 شخص.وبالنسبة للفقر والهشاشة فإنها بلغت ارقاما قياسية تجاوزت ثلثي المواطنين والمواطنات .انضاف الى هذا المشكل تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية وانعاكسها على أسعار المواد الغذائية والأولية، وخاصة الزيوت والحبوب والمحروقات، وهكذا اكتشف المغاربة انهم يستوردون الحبوب وزيوت المائدة من أوكرانيا لتشهد هذه المواد في خضم الحرب ارتفاعات مهولة أجهزت على ما تبقى من القدرة الشرائية لعموم المواطنين، وبالطبع شهدت أسعار المحروقات هي الأخرى ارتفاعات قياسية ساهمت بشكل كبير في ارتفاع كل أسعار المواد الأولية والأساسية، وهنا تظهر جليا خطورة القرار الذي اتخذه بنكيران في حكومته حين حرر أسعار المحروقات وترك الشعب يواجه مصيره المجهول.
الدكتور لحلو اعاد التذكير بالأهمية القصوى لشركة لاسامير الرائدة في تكرير النفط ومشتقاته، والتي لعبت دورا مهما ولسنين طويلة في المحافظة على أسعار المحروقات في حدود معقولة بالنظر إلى تكفلها بتكرير النفط الخام، عكس ما نشهده الآن وهو شراء النفط المسال والمكرر من روتردام وباثمان باهضة .وارتباطا بنفس الموضوع قال الدكتور لحلو أن الهند مثلا وفي عز الحرب الروسية الأوكرانية كانت تشتري النفط الروسي ب 23 دولارا للبرميل، في الوقت الذي كان ثمنه يقترب من 100 دولار للبرميل مع العلم يضيف مؤطر الندوة ان للمغرب علاقات متميزة مع كل من روسيا وأوكرانيا، ونهج سياسة الحياد حين طرح الموضوع على مجلس الأمن، بمعنى أنه لو كان له مصفات لتكرير النفط لاستهلكه للمغاربة بثمن أقل.
وفيما يخص ما سمي بمخطط المغرب الأخضر، فإن الدكتور لحلو أكد على أنه فشل فشلا ذريعا في تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، بل أنه انهك وبشكل كبير الفرشة المائية وقضى على المياه الجوفية التي استهلكت بشكل كبير لانتاج فواكه يعتبرها المغرب من الكماليات كالدلاح والافوكا والفريز وحتى انواع من الثمور التي يستوجب غرس أشجارها ما يناهز 50 لتر يوميا لكل شجرة.لتكون الخلاصة صادمة وبلغة الارقام حيث يبلغ الناتج الداخلي الخام 1330 مليار درهم، بمعنى ان معدل الدخل الفردي هو 30000درهم سنويا مع تباينه بين الجهات وبين الأفراد كذلك مع العلم ان زواج السلطة بالمال او الجمع بين السلطة والثروة، وحتى التوظيف الديني للسلطة السياسية هم من بين الأسباب الرئيسية لفرملة اي مجهود تنموي منشود، ليعطي الدكتور لحلو مثالا للعديد من الدول التي كنا إلى الأمس القريب نحتل معها نفس المرتبة الاقتصادية، ومع ذلك تجاوزتنا بسنوات ضوئية كتركيا مثلا التي أصبحت من بين اكبر الاقتصادات المدنية والعسكرية العالمية حيث اصبحت رائدة في تصنيع الطائرات المسيرة ثم ماليزيا وكوريا الجنوبية، ناهيك عن رواندا التي انهكتها الحرب الأهلية ومع ذلك انبعثت من رمادها كطائر الفنيق ثم جزر الموريس وغيرها.
الخاتمة، هي أن المغرب يزهر بالطاقات وبالموارد البشرية والطبيعية يبقى عليه فقط هو حسن الاستغلال والتدبير عبر ترشيد النفقات العمومية والرقابة الإدارية الصارمة، لأن تكلفة الفساد المالي والإداري كبيرة جدا، ووحدها فقط تشكل نسبة مهمة من الناتج الداخلي الخام.