الطيب الشكري
الجميع يعلم جيدا أن قضية الصحراء المغربية قضة حياة أو موت بالنسبة للمغاربة، وأن أي مساس بها هو بمثابة إعلان حرب، والجميع يعلم أيضا أن المغاربة لن يفرطوا في حبة رمل من صحرائهم مهما كان الثمن، وأن مسيرة البناء والتشييد التي يباشرها جلالة الملك محمد السادس هي إستمرار لنهج المسيرة الخضراء ومبدعها الملك الحسن الثاني والتي توجت باستعادت صحرائنا من براثين الاحتلال الإسباني، وعلى هذا الأساس تتوالى إعترافات عدد من دول العالم بما فيها دول عربية بمغربية الصحراء بل الأكثر من هذا تم فتح سفارات في عدد من مدن الصحراء، لتأتي بعدها ملحمة الكركارات التي دقت آخر مسمار في نعش الكيان الوهمي وداعمته الجزائر التي راكمت المزيد من الخيبات والخسارات.
ويأتي اليوم قرار إسرائيل القاضي بالإعتراف بسيادة المغرب على أراضي الصحراء والتأكيد على تجسيد هذا القرار في كافة أعمال ووثائق الحكومة الإسرائيلية ذات الصلة وإخبار الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعتبر إسرائيل عضوا فيها، وكذا جميع البلدان التي تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية بهذا القرار وبأن اسرائيل تدرس، إيجابيا، فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة ، وذلك في إطار تكريس قرار إعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء.
قرار جاء عكس كل التوقعات التي ذهبت في إتجاه فتور العلاقات بين الدولتين، وجاء أيضا ليطرح لموقف السلطة الفلسطينية من ملف الصحراء المغربية والذي ظل متناقضا وغير واضح بل ذهب في أكثر من واقعة إلى استفزاز المغاربة عبر تصريحات لقيادات فلسطينية ” ترتزق ” عبر تصريحات تستوجب اليوم وضوحا وقرارا واضحا من الرئاسة الفلسطينية وعدم الإكتفاء بيانات ملغومة وغير مفهومة لسفارة فلسطين في المغرب التي حاولت تغطية الشمس بالغربال عبر تبريرات غير مقنعة تفندها مثل هذه التصريحات المستفزة متناسين بأن ذاكرة المغاربة قوية وتحتفظ بكل من اساء لنا عبر تصريحات او تلميحات ولمن نسي نذكره بموقف حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية بعد قرار إعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وتصريحات سفير فلسطين في الجزائر أمين مقبول، وببيان الشبيبة الفلسطينية، وأخيرا ما صرح به وزير الشباب في السلطة الفلسطينية جبريل رجوب خلال تواجده بالجزائر، وكلها تصريحات معادية للمغاربة الذين حملوا على عاتقهم القضية الفلسطينية لعقود من الزمن ولازالوا وقدموا كل أشكال الدعم المالي والمعنوي ويكفينا فخرا ما يقوم به جلالة الملك رئيس لجنة القدس من دعم سياسي ومالي والانجازات التي تحققت على أرض فلسطين الحبيبة.
اليوم وبعد قرار إسرائيل الذي جاء مطابقا ومجسدا للرسالة الواضحة التي وجها الملك في خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، عندما قال “أن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”، وهي الرسالة التي التقطتها أكثر من دولة وبنت عليها قرار اعترافها بمغربية الصحراء، فازدواجية المواقف لم تعد تجدي نفعا واللعب على الحبلين أصبح متجاوزا بشكل كبير فلا مقايضة على حبة رمل من ترابنا الطاهر وعلى هذا الأساس ننتظر موقفا واضحا غير متلون من السلطة الفلسطينية اتجاه قضيتنا الأولى الصحراء المغربية.