بقلم: محمد طلبي
تطبيق «واتساب» هو تطبيق مجاني للمراسلة، وإجراء مكالمات الفيديو، تابع لشركة (ميتا) المالكة لموقع التواصل الاجتماعي الضخم (فايسبوك)، لكن الملاحظ في المغرب أن هذا التطبيق أصبح رقم واحد لدى الوزارة الوصية على التربية الوطنية في تراسلها مع الموظفين. فهل هذا السلوك صحيحا؟ وهل يليق أن نتعامل إداريا بهذا التطبيق؟.
إن المتتبع لقطاع حيوي في المغرب كقطاع التربية الوطنية ليلاحظ الاستعمال المفرط وبإسهال لتطبيق مجاني للمراسلة يسمى بال«واتساب»، في مقابل الإهمال الشبه كلي لما يجب أن يكون أولا، ثم لما كان متعارفا عليه سابقا، وخصوصا استعمال البريد الإلكتروني (الإيميل) في المراسلة – وهو الوسيلة المحترمة، والأكثر أمانا، والأكثر مهنية، والصالحة للأرشفة_… غير أننا ابتلينا في المغرب بمسؤولين لا هم يراعون الاحترام، ولا هم يبحثون عن الأمان، ولا هم حريصون على المهنية، ولا على أي شيء آخر… مسؤولون كأطفال طائشين لا تفارقهم هواتفهم المحمولة «وما كان غي شَيَّرْ» متناسين من جهة أولى أن هاتف الموظف ورقم هاتفه هما من أموره الشخصية الخاصة، ولا يحق بأي حال من الأحوال إشغاله برسائلهم ومراسلاتهم التي لا تنتهي، ولا تعرف لا يوم عطلة، ولا وقت نوم، ولا وقت راحة، في سلوك يحيلنا على أيام العبودية حين كان للسيد الحق في مناداة عبده متى أحب… ومن جهة ثانية لم يتفقهوا إلى أن هذه الوسيلة قد تختلط فيها المراسلة الوزارية، مع «الجمعة المباركة»، مع «قفشات كبور»، مع موجة من موجات «الشيخة التسونامي»، مع… في حين أن التراسل الإداري يحتاج إلى نوع من التقدير، والاحترام، واختيار المقام… ومن جهة ثالثة، وهذا هو الأهم والأخطر، أن هذه الوسيلة غير آمنة!! إذن فهل طرح أحد مسؤولينا السؤال يوما عن مصير مراسلاتهم ورسائلهم التي لا تنتهي؟ وهل هم مقدرون لمستوى التطور الذي عرفه الذكاء الاصطناعي؟ وماذا عما يقترفونه من أخطاء فظيعة سواء في اللغة، أو في تقدير القانون، أو حتى في الإتكيت؟ أم يريدون الإساءة إلى وطن من حيث يدرون أو لا يدرون؟ وللاستئناس فقط فلينظروا إلى بلد جار وصورته الدولية انطلاقا فقط من إعلامه المرئي…
لقد تنبه السيد وزير الداخلية المغربي، ومنذ مدة، إلى كل هذه المطبات، فراسل مسؤولي وزارته ومنعهم بالبت والمطلق من استعمال هذه الوسيلة، وحصر التراسل إلكترونيا عبر الايميل فقط. قرار يدل على تقدير الأخطار المحدقة، وعلى احترام الموظف وخصوصياته، بل وعلى احترام العمل الإداري في حد ذاته… لكن الوزارة الوصية على قطاع التربية الوطنية لم تنتبه لحدود الساعة إلى هذا، وتُرك الأمر للمسؤولين ودرجة وعيهم. فمنهم من يقدر الأمر، فلا يستعمل التراسل الإداري عبر ال«واتساب»، وإن استعماله لن يكون إلا للضرورة القصوى في رسائل نصية قصيرة، ومنهم من وجد هذا ال«واتساب» كطفل استفاق على لعبة تحدث أصواتا.
إن مراسلة الرؤساء المباشرين المتوالين حول ضرورة المراسلة عبر الإيميل، أو تنبيههم إلى ذلك شفويا، اعتبرت ترفا فكريا كانت نتيجتها الحرمان لسنوات من التوصل بالمستجدات… بطبيعة الحال هذا حال الإنسان المستريح، فلن يُلقي بالا إلى الموضوع رغم ما قلناه عن قرار السيد وزير الداخلية، أما أن يكون على اطلاع عما ينشر دوليا حول ما أشرنا له سالفا فتلك من المستحيلات…
وعليه، فلا بد للسيد الوزير الوصي على قطاع التربية الوطنية أن يعطي الأمرَ ما يستحق من أهمية، ويوجه أوامره الواضحة الصارمة لكل المسؤولين للتراسل الإداري عبر استعمال البريد الإلكتروني (الإيميل) حصرا، وحبذا لو كان عنوان الإيميل مهنيا ثابتا، لا شخصيا قابلا للتغيير أو الحذف!.
ولا تفوتنا المناسبة، إلى أن ننبه إلى ضرورة البحث والتقصي حول كل ما صرف على الجانب المعلوماتي داخل هذه الوزارة منذ البرنامج الاستعجالي، لأن ما عرَّته الجائحة يجعلنا نتساءل عن ماهية الشراكات، وعن الهدف من التكوينات، وعن مصير اللوجستيك، وعن غيرها من الأمور المُريبة.