عبد الحفيط بوبكري
عودتنا المجامع المختلفة بمدينة فجيج في الولائم والجنازات والأعراس، ومجالس السمر الخاصة، أن نستمع إلى تحسر الأهالي على مصير الواحة، وتدهور كل الخدمات الصحية والاجتماعية والإدارية بها يوما بعد يوم، وتباكي كبار السن بالأخص على الأيام الخوالي، حيث كانت مدينة فجيج حاضرة يضرب لها ألف حساب في الاقليم، إلا أن الشيء الوحيد الذي لا يقف عنده أي أحد بشكل متجرد وبكل موضوعية، هو أن هذا الوضع لم ينتج عن فراغ، أو من دون أسباب تفرض نفسها، وأن المسبب فيها هم أهل الدار أنفسهم، إذ أنه في مقابل هذا التذمر وهذا التباكي، لا نجد أية مبادرة فعالة لتغيير الوضع أو إصلاحه، ممن يعنيهم الأمر، متى أتيحت الفرصة لذلك، فأصبحنا نلاحظ أن بعض سكان فجيج بمن فيهم بعض المثقفين أو أشباه المثقفين عندما يتعلق الأمر بحضور وليمة لأكل الكسكس تملأ القاعات عن آخرها ويا ويل لصاحب الوليمة إن نسي صديقا أو جارًا لم يدعه، وقد يشبعه ملامة وتجريحا، وبالعكس إذا دعي أولئك “الكسكوسيون” بمن فيهم بعض المنتقدين والمثقفين وأشباه المثقفين، المنتخبين، الساخطين، رؤساء الجمعيات ومنخرطيها بمختلف مشاربها ومجالات اهتماماتها ومختلف المصالح والمؤسسات…
إذا دعوا لندوة أو محاضرة أو ورشة تكوينية، أو يوما دراسيا، أو حتى نشاطا ثقافيا اوإشعاعيا……….أو تعلقت بأي موضوع كان تنمويًا او علميًا فيه، مما يخدم التنمية المحلية، أو يعالج مشاكل الواحة، فلا يحضر معك إلا القليل من المدعوين الذين يحملون فعلًا هم البلدة، وفي غالب الأحيان لا يحضر معك غيرهم، إلا من أراد أن يجاملك، أو أن الموضوع يهمه شخصيًا. فأي فئة هذه أصبح لا يجمعها إلا الكسكس لملء البطون، وفي غير ذلك فلا حياة لمن تنادي؟.
في أوضاع مدينة فجيج، أهل فجيج أنفسهم طرف من يكرسها، أصبحت لا تكبر تجمعاتهم الا في الولائم، حيث يتوافدون من كل القصور، وكأنهم يخرجون من تحت الأرض لهثا وراء قصاع الكسكس أينما وفي أي وقت وجدت، وإذا ما قلت الولائم تبدو الواحة خاوية على عروشها، كأنها مدينة الأشباح، إلا ممن رحم ربك من الأوفياء. فمن سيتدارس مشاكلكم يا أهل فجيج من غيركم؟! ومن سيغير الأوضاع المزرية صحيًا واجتماعيًا وتعليميًا، هذه الأوضاع التي لا تزيد إلا تفاقما وأنتم رقود بعد ملء البطون؟.
إن الأوفياء يحتاجون إلى دعمكم.