نور الدين زاوش
لا حديث للإعلام الجزائري وأبواق الكبرانات هذه الأيام إلا عن تنظيم كأس إفريقيا لسنة 2025م، حيث أجمعوا أمرهم على أنه في حالة ما تم اختيار المغرب لاحتضان هذه التظاهرة القارية، فهذا يعني، بالنسبة لهم، أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم صار يعج بالفساد والرشاوى والتزوير والكولسة. لقد ذكَّرني هذا المنطق السمج بمنطق قياديي حزب العدالة والتنمية، الذين كانوا يخرجون من جحورهم قبيل كل استحقاقات انتخابية ليصرحوا للعالم بأنه في حالة خسارتهم للانتخابات فهذا يعني أن الانتخابات مزورة.
لا أستطيع أن أشكك في وطنية حزب العدالة ولا في إخلاص مناضليه؛ لكن منطقه الغبي في ابتزاز الدولة شبيه إلى حد بعيد بمنطق بلاد الكبرانات في ابتزاز الاتحاد الافريقي لكرة القدم؛ مما يدل على أن مصير هؤلاء سيكون بلا شك شبيه بمصير أولئك الذين سبقوه: مزبلة التاريخ.
مَنْ هذا المدلس الجاحد الذي ينكر أن “القوة الضاربة” إذا خسرت تنظيم هذه التظاهرة فإن الخاسر الأكبر هو إفريقيا؟ وإلا مِن أين سيأتي المغرب بحافلات السجون المُصفّحة التي أدهشت العالم، والتي تحفظ ضد العين وتقي ضد السحر ومس الجن؟ وكيف سيتمكن من توفير السيولة اللازمة لاقتناء كراسي القرون الوسطى وما قبل التاريخ المخصصة للوفود المشاركة، مما يدل على أن الجزائر دولة طاعنة في التاريخ؟ بل من أين له بذلك الجمهور “الراقي والمتحضر”، والذي يسعى ويطوف قبل دخول الملعب، وبعد الدخول يسب ويشتم شعبا دون أن يكون فريقُه حاضرا أصلا في التظاهرة؟ بل مِن أين سيأتي المغرب ب “المِلفاي العالمي” الذي حيَّر أمريكا والغرب واتحادات الكرة في العالم وحتى الكائنات الفضائية؟
إنه بكل بساطة أيتها السيدات والسادة كوكب الحمقى والمغفلين الذي يخلط كل شيء بكل شيء؛ يخلط الرياضة بالسياسة بالعقيدة بالعروبة بالاقتصاد وحتى بالعواطف والمشاعر، كوكب يصبح على ذكر المغرب ويمسي على ذكره؛ حتى لو أن أحدهم رأى في المنام خريطة المغرب كاملة غير مبتورة لأفاق من النوم وهو يرتعد من الخوف ويرتجف من الرعب.
رحم الله الحسن الثاني الذي كان يعرف طينة مَن حشرنا الله معهم في الجوار، ويعرف جيدا سواد قلوبهم المليئة بالغدر ونكران الجميل، ونتانة نفوسهم التي تتقاطر سما وحقدا وضغينة على كل ما هو مغربي، ومن حسن الأقدار أن العالم أجمع صار يعرف، بعدما أصبح قرية صغيرة؛ وما من شيء تافه أو عظيم يحدث في جنباته إلا وعلم به الجميع بلا استثناء.