نور الدين زاوش
عثر رجل على قنديل علاء الدين السحري، وحينما استدعى العفريتَ الذي يسكنه طلب منه أن يحيي أمه التي ماتت منذ عقد من الزمن، فأجابه العفريت بأن طلبه هذا صعب تحقيقه وأن من الأفضل تبديله بطلب آخر، فطلب منه الرجل هذه المرة أن يفوز المغرب بكأس العالم، فأجابه العفريت بأنه يفضل طلبه الأول.
بعد أسبوعين من مونديال قطر، لم تعد هذه النكتة التي ردَّدها المغاربة سنوات طويلة تُضحك أحدا ولا حتى أشد المتشائمين؛ بل صارت تدعو للسخرية والاشمئزاز، “فعائلة” الركراكي، كما سماها، قد أتت بما لم يستطع فعله عفريت المصباح السحري.
في العصر الحديث، لم تعد كرة القدم مجرد لعبة، بل أضحت ثقافة وصناعة وسياحة وحضارة أيضا؛ فإذا كان فوز المنتخب المغربي في مباراة واحدة فقط قد أنتج، في أقل من أربع وعشرين ساعة، أكثر من عشرة ملايين تغريدة حول ثقافة المغرب وهويته وموقعه الجغرافي وحضارته الطاعنة في التاريخ، تستشعر مدى تأثير هذه اللعبة في نشر ثقافة العرب والتعريف بهويتهم وإبراز رقيهم، وعلى رأسهم بالطبع، المغرب الذي أخرج هذا الفيلم الخيالي المثير، فحبك فصوله وأبدع مقاطعه حتى أذهل مشاهديه.
لقد حاول الغرب الذي انحرف عن جادة الفطرة استغلال حدث كروي عالمي لنشر شذوذه اللعين، ونصرة شواذه الملاعين، فجاء رد المغرب مدويا وصاعقا وهو ينشر ثقافة الأسرة عند المسلمين، في مشهد رهيب اقشعرت له جلود من راهنوا على إشاعة الفاحشة في بلد المسلمين، فرد الله مكرهم وجعل كيدهم في نحورهم ويمكر الله والله خير الماكرين.
من المؤكد، أن التألق الكروي لن ينسينا معارك الصحة والتعليم ومشاكل البطالة والفساد التي يعاني منها كل بلدان العالم؛ بل يكون دافعا لنا لكي نتقدم في كل الميادين ونتألق في جميع المجالات، فالمستحيل ليس مغربيا مثلما أثبتت الميادين.
صحيح أنه لن يعود المنتخب الوطني لبلده الحبيب بكأس العالم؛ لكن الأكيد أنه سيرجع إليه من دوحة العرب بأكثر من كأس العالم؛ سيرجع باحترام العالم أجمع؛ ليس رياضيا فحسب؛ بل أخلاقيا وثقافيا وفكريا وحضاريا وبذلك فليفرح المؤمنون.