عبد القادر كتــرة
نشر حساب جزائري باسم “جزائر العزة والكرامة”، قبيل أيام من انطلاق فعاليات أول كأس عالمية في كرة القدم بنكهة عربية خالصة، تغريدة غريبة وغبية مثيرة للسخرية والضحك، تغريدة نُسِبت لنجم الكرة العالمية والأسطورة الأرجنتيني “ديغو مارادونا”، جاء فيها أن هذا الساحر الراحل “يتأسف على عدم مشاركة منتخب الجزائر في هذه النهائيات كممثل قوي عن الدول العربية”.
هذا الحساب الجزائري باسم “جزائر العزة والكرامة” معروف بنشره لأخبار دقيقة عن الإنجازات الأمنية لأجهزة الدولة الجزائرية، ومتخصص في أخبار المملكة المغربية الشريفة الذي يعتبرها النظام العسكري الجزائر “خصما” للجزائر، مما يؤشر على أن من يديره ينتمي إلى جهاز أمني جزائري، وأن الحساب هو لسان السلطة العسكرية الجزائرية.
وحسب موقع دعائي للنظام العسكري الجزائري وصنيعته البوليساريو، تسببت هذه التغريدة في “إحباط كبير للجزائريين، لأنها كشفت عن مدى جهل الأجهزة الأمنية بمستجدات الرياضة في العالم، خصوصا وأن أخبار كرة القدم تحولت إلى إدمان لدى شعوب المعمور، وأن مثل هذه الأخطاء تؤكد بأن النظام الجزائري يستخدم الرياضة الأولى في البلاد لربح تعاطف الشعب والعبور إلى مشاعره القوية، حتى وإن كان بالكذب على النجوم الذين رحلوا إلى دار البقاء”.
وأضاف أحد المدونين الجزائريين، حسب نفس المصدر، ” بأن مثل هكذا خطأ في علم الاجتماع يؤكد بأن النظام الجزائري يخاف من تقلب مشاعر الشعب ويحتاج دوما إلى رابط عاطفي يوحده ويجمعه بالنظام…، فيما علق بعض الرياضيين الجزائريين بأن الذي يجب أن ينشر مثل هاته الأخبار، يجب أن يكون عضوا في الإتحادية الكروية للجزائر حتى لا تفقد الدولة الجزائرية هيبتها وسمعتها ومصداقيتها.“
وذكر النشطاء، حسب ما أورده الموقع البوليساري، “بأن في الجزائر أصبح الجميع يفتي في كرة القدم ومشاكلها، وأن الدولة العميقة بقيادة كبار الجيش يعبثون بمشاعر الشعب الجزائري المرتبط روحيا بمنتخبه القومي والوطني، وأن هذا العبث يتمثل في ما كان يفعله ويقوله بعض المؤثرين المنتمين لأجهزة الدولة السرية، مثل جهاز الـ DRS، كـ”عارف مشاكرة” الذي أقسم بالأيمان الغليظة للشعب الجزائري، بأن “سعيد شنقريحة” سوف يفرض على “الفيفا” والعالم إعادة المقابلة، وأن قائد الجيش الجزائري خير الـ FIFA بين إعادة المقابلة أو قطع الغاز عن أوروبا…، وهو الكلام الذي صدقه معظم الجزائريين الطامحين لرؤية منتخب بلادهم في نهائيات كأس العالم بدولة قطر، كان وراء إحباطهم و هم يرون منتخب الكاميرون يحط بطائرته في الدوحة.“.
نفس الكلام تكرر مع المؤثرة، “صوفيا بن لامان”، التي سافرت إلى دولة غامبيا من أجل لقاء الحكم “غاساما” المتهم جزائريا بإقصاء منتخب “الثعالب”، حيث التقت برئيس الاتحادية الغامبية وأعلمته أنها جاءت من أجل ذلك الحكم لكي يعترف للعالم بأنه مرتشي وأقصى “الثعالب” عن سبق إصرار وترصد، مما جعل رئيس الاتحادية الغامبية يستدعي الشرطة التي اعتقلتها على الفور وأودعتها السجن، ثم استدعت السفير الجزائري من أجل إجراءات إجلائها خارج غامبيا.
ولا شكّ أن جهاز الاستخبارات الأمني الجزائري استلهم خطوته الغبية والساخرة من الجمهور الرياضي الجزائري من تصريح قد يكون أدلى به النجم الارجنتيني الراحل مارادونا في يونيو 2014، “الجزائر فرضت تواجدها في المونديال بالـ”دم.“
وحسب تصريحات لصحيفة “الاتحاد الإماراتية”، أشاد “دييجو أرماندو مارادونا” أسطورة الأرجنتين بالإصرار الكبير لدي المنتخب الجزائري الذي كان له دورا كبيرا في وجودهم في دور الـ16 من المونديال.
ولا زال الإعلام الجزائري يتحدث بحزن وأسى إلى حدّ كتابة هذه السطور، عن إقصاء المنتخب الجزائري، ولم يستطيعوا هضم الإقصاء وتصديق مونديال قطر بدون المنتخب الجزائري وتمنوا لت تمّ إلغاء هذا العرس الرياضي العالمي، خاصة وأن المنتخب المغربي أحد عُرسانه ويشاكر للمرة السادسة، في حين لم تشارك الجزائر إلا أربع مرات.
وعنونت جريدة الشروق الناطقة باسم العسكري الجزائري مقالا لها يوم الجمعة 18 نونبر 2022، ب”خسروا الرهان بسبب بن ناصر وغاساما وجزئيات أخرى- مونديال قطر ثاني أقسى غياب لـ”الخضر” بعد عرس روما 90″.
وزادت بكلّ غرور “يُجمع الكثير من المتتبعين والنقاد على أن غياب المنتخب الوطني عن العرس العالمي بقطر يشبه إلى حد كبير الطريقة التي غاب فيها عن مونديال إيطاليا 90، حيث إن العناصر الوطنية وصلت إلى الدور الفاصل بعد مسار ناجح في مختلف أطوار التصفيات، إلا أنها خسرت الرهان بسبب جزئيات حاسمة، وفي مقدمة ذلك عامل التحكيم، ففي لقاء مصر 89 صنع الحكم التونسي بن ناصر الجدل وفي مباراة الكاميرون 2022 سار الحكم غاساما بنفس الطريقة.“
واختتمت مقالها بكلّ تحسُّر وأسى :”إذا كان الكثير يؤكد أن الإقصاء من مونديال قطر تم بنفس السيناريو الذي حرم فيه المنتخب الوطني من الحضور في مونديال 90، فإن أغلب الإقصاءات السابقة تصنف في خانة تحصيل حاصل ولو بنسب متفاوتة، على غرار ما حدث في لقاء كينيا عام 1996، ما جعل المنتخب الوطني يودع تصفيات مونديال فرنسا 98 قبل ألوان، وكذلك في تصفيات مونديال 2002، ولو أن الملاحظ فيه هو ترجيح الكفة لمصلحة السنغال على حساب مصر (كنوع من الثأر الرياضي)، فيما ترك شبان المنتخب الوطني أثرا ايجابيا في تصفيات مونديال أمريكا 94، بعدما نافسوا نسور نيجيريا وفيلة كوت ديفوار في التصفيات النهائية، أما مسيرة المحاربين في تصفيات مونديال 2018 فإنها تصنف في خانة المهازل التي جعلتهم يذهبون ضحية أخطاء إدارية وفنية فادحة”.