عبد القادر كتــرة
“سعيكم باطل يا حُجاج”، بهذه العبارات عنونت جريدة جزائرية مقالا لها حول الطريقة أو الطرق التي سلكها العديد من المواطنين الجزائريين للذهاب إلى الأرض المقدسة وأداء فريضة الحجّ، خلافا لأهم شرط في أداء خامس ركن في الإسلام “الحج لمن استطاع إليه سبيلا”، إضافة إلى المال الحلال واليسر والقدرة والأمن والأمان…
وجاء في بداية المقال : “تُفتح أبواب أخرى لزيارة بيت الله الحرام وأداء مناسك الحج، مباشرة عقب انتهاء عملية القرعة ونتائج الفرز التي تشرف عليها وزارة الداخلية، لا يعرفها سوى الحجاج والمختصون في المجال الذين لا يستطيعون هضم فكرة عدم اختيارهم، أو انتظارهم لمواسم أخرى قد تكون نهاية قرعتها كسائر عمليات الفرز خلال السنوات الأخرى، مما يجعل الكثير من هؤلاء يلِجون عالم القنص والبحث عن تجار الجوازات، الذين يبيعون تأشيراتهم التي حصلوا عليها كمجاملة من قبل السفارة السعودية بالجزائر وذلك وفق نمط بيع يسمى المزاد.”
وأشار المقال إلى أن العديد من الحجاج يلجؤون إلى هذه الطريقة لأداء الفريضة الخامسة، خاصة من قبل المسنين الذين يتخوفون من أن يباغتهم الموت قبل الظفر بجواز الحج عن طريق القرعة، مغتنمين فرصة عرض بعض التأشيرات للبيع من قبل مسؤولين وشخصيات حصلوا عليها من السفارة السعودية، بحكم مناصبهم مباشرة عقب انتهاء عملية الإعداد لموسم الحج من قبل الديوان الوطني للحج والعمرة، الذي أشار مديره إلى أن مثل هذه الأمور تعرقل أداء أعضاء البعثة وتساعد على انتشار الفوضى.
كما أن هناك العشرات من المواطنين الجزائريين الذين يحجّون سنويا بجوازات مدفوعة الأجر عبر الولايات، يوفرها أشخاص بالولايات والمدن الأخرى الجزائرية وذلك بتأمين جوازات الحج للأشخاص الذين لم تسنح لهم الفرصة للفوز في عملية القرعة، أين تمكن عدد كبير من الحجاج من زيارة بيت الله الحرام، مستعينين بالتأشيرات التي يمنحها لهم بمقابل مادي، كان قد حصل عليها بحكم معارفه ومكانته من قبل السفارة السعودية، فضلا عن قدرته تلبية العديد من الطلبات في هذا الإطار بجمع عدد كبير من الجوازات التي يتحصل عليها أصدقاؤه.
وفي ذات السياق، “تحدث أحد الأئمة الجزائريين، حسب نفس المصدر، عن حاج حضر إليه يستشيره في مدى مشروعية حصوله على جواز حج عن طريق معارفه وأمواله، مشيرا إلى أنه كان يهمه بلوغ بيت الله الحرام بغض النظر عن الوسيلة التي توصله للحصول على هذه التأشيرة، حيث قال الإمام أن ذاك الحاج كان مضطربا وكأنما دفع رشوة للحصول على ذلك الجواز أو ارتكب محرما”.
وينطلق معظم المترشحين الذين لم يسعفهم الحظ في الفوز أثناء قرعة الحج الرسمية، إلى البحث عن منافذ أخرى يحصلون بها على ترخيص لزيارة البقاع المقدسة وأداء الفريضة الخامسة، من خلال ربط شبكة الاتصالات بأكبر عدد من معارفهم على المستوى الوطني.
وحرّم الشيخ عبد القادر لشهب عضو لجنة الإفتاء بوزارة الشؤون الدينية شراء أو بيع جوازات الحج أو ما يسمى بتأشيرات المجاملة الممنوحة من قبل السلطات، لأنها بهذا قد تعطى لمن لا يستحقها من الراغبين في الحج، زيادة على أن منح هذه التأشيرات من قبل السلطات المختصة تكون بناء على معايير قد لا تتوفر في الشخص المشتري فيكون بذلك غير مستحق لها.
وأضاف الشيخ أن جوازات الحج يحرم بيعها أو المتاجرة فيها حتى إن كانت زائدة عن الحاجة، كأن يعطى المرء جوازين أو ثلاثة وهو لا يحتاج إلا واحدا فإنه يتصدق بالبقية على الذين خلفتهم قرعة الحج لأنهم أحق، بعدما تثبت استطاعتهم وتوفرهم على باقي الشروط الأخرى المحددة لزيارة بيت الله الحرام، مشيرا إلى أن جواز الحج من شروط الاستطاعة التي فرضتها المدنية في عصرنا زيادة على تحويل العملة وغيرها، لذلك فمن لم يتمكن من تأمين الجواز بطرق شرعية فهو في حكم غير المستطيع على أداء الفريضة.
ونصح عضو لجنة الإفتاء بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الذين لم يسعفهم الحظ في الحصول على جوازات الحج عن طريق القرعة، بالصبر وعدم الغضب أو التعصب لأن ذلك أمر خارج عن نطاقهم، كما قال إنه عليهم أن لا يسعوا إلى الحصول على تأشيرة الحج بطرق ملتوية أو بواسطة الشراء لأن ذلك لا يجوز وقد يبطل فريضة الحج في حال أقدم عليها صاحبها وهو يعلم حكمها.
من جهة أخرى، وفّر البنك الوطني الجزائري عروض تمويل خاصة لفائدة الحجاج ويأتي هذا بعد ارتفاع تكلفة الحج لهذه السنة لما يقارب 86 مليون سنتيم.
وكشف البنك في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أن تمويل “السبيل” إلى الحج “وفق مبدأ القرض الحسن وبدون ربح”، كما نشر البنك الجزائري قائمة الوثائق المطلوبة في ملف القرض الحسن “السبيل”.
وشمل العرض مصاريف الحج من إقامة واطعام ونقل بما في ذلك تذكرة الطائرة، مع تمويل وصل إلى غاية %70، كما فتح البنك أن شبابيك ووكالات الصيرفة الإسلامية استثنائيا ابتداء من السبت 04 يونيو 2022، من أجل استقبال طلبات تمويل الحجاج.
يذكر أن وزارة الحج السعودية قامت بتقليص بعثة الحج الجزائرية هذا العام من 40 ألفا إلى 10 آلاف حاج فقط، بسبب الإجراءات التي اتخذتها السعودية لتأمين موسم الحج من عدوى الوباء، والتي أجبرتها على تخفيض عدد الحجاج من أربعة ملايين إلى 400 ألف حاج فقط، بهدف تسهيل تطبيق إجراءات الوقاية من الفيروس، على غرار التباعد وحماية الحجاج من الاكتظاظ والزحمة في مختلف المشاعر، التي من شأنها أن تساهم في انتشار العدوى وتشكل خطورة على صحة زوار بيت الله الحرام .