عبد القادر كتــرة
أثار مقال لوكالة الأنباء الجزائرية عنونته :”ألباريس.. مؤجج الفتن وعرّاب سياسة الهروب إلى الأمام”، سخرية واستهزاء الخارجية الاسبانية التي ردّت على ما حمله من هرطقات وسوء الأدب وجهل بالدبلوماسية، وزيرة التحوّل البيئي في الحكومة الإسبانية “تيريزا ريبيرا”، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إسبانية، قائلة :”إنّ ما جاء في مقال وكالة الأنباء الجزائرية، هو إهانات غير مقبولة في حقّ ألباريس.”
ومما جاء في المقال السفيه لمزبلة الأنباء الرسمية للنظام العسكري الجزائري وتناقلته قنوات صرفه الصحي والذي نشر في 14 يونيو 2022: “تشهد العلاقات الجزائرية- الإسبانية منذ نحو ثلاثة أشهر أزمة غير مسبوقة. وتثير تنقلات رئيس الدبلوماسية الإسبانية مؤخرا، بين مدريد وبروكسل تساؤلات حول قدرات دبلوماسي لا يليق بهذا البلد المتوسطي الكبير وبشعبه العظيم الذي فرض دوما الاحترام.
فقد تمكن ألباريس، الذي تسلل إلى الدبلوماسية ولم يكف قط عن ارتكاب الأخطاء (يجب أن نعترف له بذلك!)، من التلاعب بأحد من أبناء وطنه، زميل في الحزب ووزير خارجية بلده سابقا، الذي هو اليوم على رأس العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي ضاربا بذلك مصداقية هذه الهيئة القارية البالغة الأهمية التي أقدمت على نشر بيان لا أساس له ضد الجزائر.
ويجدر التذكير أيضا بالتصريح التهريجي الذي تم الإدلاء به في اليوم نفسه من أمام مبنى مفوضية الاتحاد الأوروبي، حيث دعا بل وأمر السلطات الجزائرية بالحوار باستعمال لغة وقحة لا تليق بمنصبه.”
واعتبرت وكالة الأنباء نداء الوزير الإسباني بالمثير للشفقة، وقالت إنه “موجه للولايات المتحدة وللحلف الأطلسي لإنقاذ هذا الوزير الصغير، بعد أن حاول عبثًا حشد الاتحاد الأوروبي ها هو يستخدم روسيا كفزاعة من أجل إقناع أقرانه الأوروبيين بالوقوف إلى جانبه”.
وزيرة التحوّل البيئي في الحكومة الإسبانية “تيريزا ريبيرا تيريزا” ردّت في خطرة تأديبية لخارجية جنرالات ثكنة بن عكنون وأزلامهم كهنة معبد قصر المرادية بما يليق بهؤلاء المتصابين، قائلة بكلّ ترفع وخلق وتسامٍ: “من غير المقبول أن تدلي أي وسيلة إعلامية بمثل هذه التعليقات ضد أي شخص. ناهيك عن وزير خارجية حكومة دولة مجاورة، تجمعها علاقة قوية مع الجزائر منذ عقود.”
ولم تفوّت الوزير الإسبانية في نفس التصريح، تجديد رغبة بلادها في “إعادة المياه إلى مجاريها بين البلدين، في أقرب وقت ممكن.”
ويعود سبب الغضب الجزائري من بيان الاتحاد الأوروبي الذي تحدث عن قلقه من وقف الجزائر علاقاتها التجارية مع إسبانيا، وهو ما تعتبره الجزائر غير صحيح.
وتأزّمت العلاقة بين الجزائر ومدريد، بعد قرار الأولى تعليق معاهدة حسن الجوار والصداقة، المبرمة في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2002، وفق ما صدر في بيان للرئاسة الجزائرية.
وأثارت ردود الفعل الجزائرية الأخيرة الغاضبة من إسبانيا بعد تجديد الأخيرة دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء، انتباه الصحافة الدولية التي بدأت تتساءل أكثر من أي وقت مضى عن دور الجزائر في هذا الصراع، ومن بينها وكالة الأنباء الإسبانية الرسمية “إيفي”.
وقالت هذه الوكالة في تقرير حول الاجتماع السنوي للجنة الـ24 بالأمم المتحدة، والذي تطرق إلى قضية الصحراء المغربية، حسب ما جاء في مقال لموقع جزائري معارض، إن الصراع حول الصحراء، أصبح واضحا أنه منحصر بين المغرب والجزائر، في ظل المواجهات بين مسؤولي الطرفين على موائد الأمم المتحدة بشأن هذه القضية.
وكان متوقعا أن يُنظر إلى الجزائر في الفترة الأخيرة كطرف رئيسي في هذا النزاع، بالرغم من أن نظامها دأب منذ عقود على الادعاء بأن الجزائر ليست طرفا في هذا النزاع، خاصة في ظل اتخاذها عدد من القرارات ضد إسبانيا، تتثمل في تعليق معاهدة “الصداقة والتعاون” وتعطيل المبادلات التجارية مع مدريد.
وشكلت هذه القرارات، حسب نفس المصدر، مفاجئة كبيرة للعديد من المهتمين بالقضايا الإقليمية، وتساءل الكثيرون كيف يُمكن للنظام الجزائري أن يدعي بأنه ليس طرفا في هذا النزاع، في الوقت الذي يُصدر فيه قرارات بحجم سياسي واقتصادي “ضخم”، يصل إلى قطع علاقات مع دول وخسارة الملايير من الدولارات في هذه القضية بدل أن يصرفها على الشعب الجزائري الذي يبقى هو الأحق بثروة بلده.
وتكشف التطورات الأخيرة في ملف الصحراء، استنادا إلى الموقع الجزائري المعارض، كيف دخل النظام الجزائري في مرحلة وصفها الكثيرون بـ”السعار”، بلغت إلى درجة قطع العلاقات مع إسبانيا بعد قطعها سابقا مع المغرب، وإيقاف التبادل التجاري مع مدريد، غير مبال بأن هذا القرار سيكون له تأثير على الجزائر أيضا وليس على إسبانيا فقط، حيث من المتوقع أن تفقد الجزائر عائدات تصل إلى 2 مليار أورو سنويا بسبب هذا القرار.
وسبق هذا القرار “التجاري”، قرار آخر في أواخر العام الماضي، عندما قررت الجزائر إيقاف استخدام أنبوب الغاز “المغاربي الأوروبي” بالرغم من أن هذا الإيقاف، كان متوقعا أن يكون له تأثير على تدفقات الغاز الجزائري نحو أوروبا، قبل أن يكون له تأثير على الجار المغربي، كما أنه أضر بصورة الجزائر كمورد موثوق فيه للغاز.
والغريب في هذا “السعار” الذي أصاب النظام الجزائري، هو أنه أقدم على ردود فعل مضادة تُجاه إسبانيا على إثر تأكيد رئيس حكومتها بيدرو سانشيز يوم الأربعاء الأخير في البرلمان دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء، قبل حتى أن يصدر عن جبهة “البوليساريو” الانفصالية التي تُعتبر هي المعنية الأكبر في قضية الصحراء، أي رد فعل.
كما سبق، حسب نفس المصدر، أن قامت الجزائر باستدعاء سفيرها من مدريد في مارس الماضي، مباشرة بعد إعلان رئيس الحكومة الإسبانية تغيير موقف بلاده من قضية الصحراء وإعلان دعمه لمقترح المغرب لإنهاء هذا النزاع الذي طال أمده، ومنذ ذلك التاريخ ظلت العلاقات جامدة بين البلدين، قبل أن تتطور الأوضاع إلى تصعيد كبير في اليومين الأخيرين، بإقدام الجزائر على تعليق اتفاقية “الصداقة والتعاون” بين البلدين وإيقاف التبادل التجاري، عقب تأكيد سانشيز موقف إسبانيا من قضية الصحراء.
ويرى متتبعون أنه بمراجعة كرونولوجيا الأحداث، والقرارات التي اتخذتها الجزائر، ونبرة الغضب الشديد التي تتحدث بها عن قضية الصحراء، تشير بما لا يدع للشك، أن قضية الصحراء بالنسبة لقصر المرادية هي قضية جد هامة، وليست كما يدعي نظام تبون بأن الأمر يتعلق بالدفاع عن حق “الشعوب في تقرير مصيرها”.