عبد القادر كتـــرة
في مشهد عجيب ورائع، فضح “طاجين مغربي” لصوص التراث المغربي الجزائريين بانفجاره في وجه مقدمة برنامج للطبخ الجزائري بقناة “الشروق”، بعد أن وضع الطباخ الجزائري الطاجين على النار جاهلا كيفية استعماله لأول مرّة، وهو الدليل والبرهان على أن هؤلاء المعتدون على تراث غيرهم بدون علم وبسوء نية، يحالفهم الفشل الذريع وتكشفهم الأحداث على حدّ قول الشاعر العربي: “ومن يدعي بما ليس فيه * كذبته شواهد الامتحان”.
وخلق المشهد الذي كان ينقل على المباشر، حالة من الرعب والفزع للمقدمة والطباخ، ولم يجدا إلا الدعاء قبل الشروع في الضحك، مبررين ما وقع بالحادث الطارئ العادي وقوعه في مثل هذه البرامج، كما عزا الطباخ الانفجار إلى الحرارة المرتفعة لقاعدة الطاجين.
كما أثار المشهد موجة من السخرية والتنكيت والتشفي لدى رواد الشبكة العنكبوتية ومنصات التراسل الفوري، وسجلت آلاف التعليقات من قبيل “وقد شهد شاهد من أهلها ها الطجين غير حجر ونطق قاليكم عطيوني التيساع أنا ما تتنسبش ليكم وتفرگع عليكم خاص اكثر من هاد الدليل ” و”باش طيب طاجين خاصك تكون مغربي” و”الطاجين يا اخواننا الجزائريين قبل أن تطبخ فيه خاصكم تأهلوه” و”يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين…يصعب تقليد المغرب الأقصى… تلك قصة ومرجعية حضارية ومسألة حتمية تاريخية يا صاحي…” و”الطاجين طرطق حيت ماشي ديالهوم ماشي من ثقافتهوم ولا عرفهوم …مدارو ليه قزديرة ما رقدوه فالماء ليلة قبل …بغاو ينسبو ثقافتنا وتقاليدنا ليهوم …على الاقل خدمو بطاجين ديالكوم” ….
لكن الصناع المغاربة أصحاب الحرفة البارعون في صناعة الأواني الفخارية ينصحون مستعملي الطاجين لأول مرة للحفاظ عليه لسنين طويلة، وذلك بغسله الطاجن جيدا، ثم ملئه بالماء ووضع الغطاء ليلة كاملة، وفي اليوم الموالي يتم إفراغه من الماء وتجفيفه بمنديل، ثم تهنه بكمية وفيرة من زيت زيتون أو زيت عادية أو ذهون حيوانية (شحمة غنمي أو بقري) من الداخل والخارج، قبل أن يترك فترة طويلة وضعه في فرن ساخن بعد إطفاء ناره وتركه يبرد داخل الفرن، قبل إخراجه وغسله بماء ساخن واستعماله على نار هادئة.
من الضروري جدا استخدام قطعة المعدن تحت الطاجين وضع الطاجين على نار البوتاغاز لتفادي احتراقه ، أما وضع على نار الفحم (وهي الطريقة القديمة لطهي الطاجين والأفضل من حيث النتيجة) يكفي استعمال شواية فوق الفحم المشتعل .
وعند طهي أي طبق في الطاجين يجب أن تكون النار هادئة جدا، وفي المقابل كمية الماء المستعمل قليلة جدا لأن الطاجين يطهى مدة طويلة أقلها ساعة ويغطى بغطائه الطيني ليساعد على نضج المكونات ولا حاجة إلى كمية كبيرة من المرق.
بعد نهاية الطهي يترك الطاجين حوالي 15 دقيقة قبل التقديم، ولا يجب وضعه على سطح مبلل ماء اجتنابا لتشقق الطاجين وانكساره.
لا شك أن طاجين بالبرقوق المغربي من الأطباق المتعارف عليها في المغرب والمشهورة بطعمها اللذيذ، إلى جانب طريقة تحضير طاجين الحلو المتّسمة بالسهولة وتواجد مكوناتها في جميع الأسواق، وسمي بالطاجين الحلو نظراً لاستخدام الفواكه فيه وتحديداً البرقوق والمشمش والعنب الحلو المجفّف.
لكن في المقابل وكما هي عادتهم في التقليد وتخصصاتهم في سرقة كلّ ما هو مغربي من الطبخ واللباس والموسيقى والزخرفة والمشروبات وسرقة تاريخه ورجالاته بل حتى تزييف الواقع وتحويره ونسبه إليهم دون خجل ولا حياء، وصلت وقاحة الجزائريين إلى حدّ سرقة روبرتاجات لقنوات عربية وعالمية لحضارة وتراث وثقافة المغرب وحذف “لوغو” القنوات وبَثِّها في قنواتهم على أنها جزائرية دون مراعاة حقوق التأليف ولا حتى الورشات المغربية بأعلامها الوطنية وصور ملوكها المعلقة ولا الأماكن المعروفة بالمدن المغربية، “لكن يبقى المغرب هو الأصل وما سواه تقليد”.
من بين آخر ما وصل في السرقة أن نشرت مزابل الإعلام الجزائري وقنوات صرفه الصحي مقالات حول “طاجين البرقوق” المغربي والذي أصبح جزائريا تحت عنوان ” طجين البرقوق مرشح للغياب عن مائدة الجزائريين” و” طاجين لحلو”.. سيد الأطباق الرمضانية في الجزائر”.
وجاء في المقال الأول:” بينت التحضيرات لشهر رمضان أن الموائد الجزائرية ستحرم من عديد الأطباق، بسبب الغلاء الفاحش الذي تعرفه مختلف المواد التي كانت بالأمس في متناول الجميع.
الغائب الأكبر الذي لن يكون حاضرا في أغلبية المواجهات مع المائدة المرتقبة في رمضان، سيكون الطجين الحلو الذي تعرض لوعكة تسويقية بعد الارتفاع المسجل في سعر البرقوق المجفف الذي وصل الى 1600 دج، وهو العنصر المحترف الذي جاء من خارج الديار وبالضبط من فرنسا وأحيانا من أمريكا وإيران، ولازال يبسط سيطرته على السوق الجزائرية.
وقد اعتاد عليه الجمهور في أشهر رمضان السابقة، حيث كان ألمع عنصر فوق المائدة والحاضر شبه الدائم في كل اللقاءات السابقة، خاصة في أول يوم من رمضان، لكن هذه المرة لن تكون له سوى مشاركات متذبذبة عند بعض العائلات. وأما الغالبية الساحقة فلم تقدر على تلبية شروط هذا العنصر الحيوي، وبالتالي فإن المفطرين هذا الموسم مرشحون إلى إقصاء الطبق من الدور الأول.”
وجاء في مقال آخر “يزخر المطبخ الجزائري بالكثير من الأطباق التقليدية المعروفة بلذة طعمها، ونجد غالبيتها على مائدة الجزائريين الرمضانية، أو في مناسباتهم كحفلات الأعراس والختان.
ومن بين تلك الأطباق نجد “طاجين لَحْلَوْ” الذي يمكن تسميته “بسيد الأطباق الرمضانية في الجزائر”، وتشتهر به غالبية المناطق الجزائرية، ومنها من تضعه على السفرة الرمضانية طوال أيام رمضان بصحبة الطبق الرئيسي وهو “الشُّرْبَة”.
ومن اسمه يتضح أنه من الأطباق حلوة المذاق، فهو مصنوع من الفواكه المجففة، أهمها البرقوق الذي يسمى أيضا في الجزائر “عين بقرة”، والمشمش المجفف، والزبيب، كما أوضحت ذلك واحدة من سيدات المطبخ الجزائري وبحسب وصفتها، يمكن إضافة فواكه مجففة أخرى مثل التفاح المجفف مع اللوز المطحون والقرفة الذي يعد مكوناً رئيسياً لا بد منه في هذا الطبق، وأضافت بأن هذا الطبق بالذات، تؤكل منه كميات قليلة فقط نظراً لطمعه الحلو جداً.
وتقول السيدة :” إن “طاجين لَحْلَوْ” له فوائد على صحة الصائم دون الإكثار منه، لما للفواكه الجافة من مميزات تمنح الطاقة لجسم الصائم، ويؤكل هذا الطبق مع “خبز الدار”، وهو من أشهر أنواع الخبز في الجزائر التي تصنع في المنزل.”
فيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=rMPgvNQWCRo