عبد القادر كتــرة
حسب المتعارف عليه، يعتبر الطريق العمومي ملكا لجميع المواطنين، ويخضع لضوابط وقوانين تفرض احترامها، لكن ما يلاحظ في مدينة وجدة هو الفوضى التي تُسجِّلها المركبات ثلاثية العجلات أو ما يصطلح عليه بالدارجة “تريبورتور”، والأخطار التي تحيط بالمواطنين، مارة وعابري الطريق وراكبين وأصحاب الدراجات النارية والهوائية وسائقي السيارات والحافلات…، خاصة تلاميذ المدارس والإعداديات والثانويات المتواجدة في محيط الأسواق والفضاءات التجارية المفتوحة.
مجموعة من السكان، ومن أباء وأولياء التلاميذ، عبَّروا عن قلقهم واستيائهم من سلوك بعض أصحاب “التريبورتور” القاصدين للسوق الأسبوعي ليومي السبت/الأحد والأسواق الأسبوعية الأخرى بوجدة، إذ نجا بعض فلذات أكبادهم المتمدرسين بكلّ من إعدادية الدرفوفي وثانوية إسلي المتواجدة بمحيط السوق، بأعجوبة، من حوادث سير خطيرة، لولا ألطاف الله، نظرا للسرعة الفائقة التي يسير بها أصحاب هذه المركبات وعدم احترام قوانين السير والجولان، كما لو كانوا مَعْفيين منها أو يعتبرون الطريق فضاء مخصصا لهم ويمكنهم التحرك بكلّ حرية مع ما قد يتسبب ذلك في ما لا تحمد عقباه.
وللتذكير، تعرضت أستاذة في بداية هذه السنة لحادث سير بعد أن صدمتها مركبة “التيربورتور”، بعد نزولها من سيارة أجرة واستعدادها لولوج المؤسسة التعليمية وأصيبت بكسر على مستوى الحوض، حسب ما صرّح به رئيس جمعية أمهات وأباء وأولياء التلاميذ، كما تعرضت تلميذة من إعدادية الدرفوفي إلى حادث سير بعد أن صدمتها دراجة نارية، مع العلم أن المؤسستين تقعان على واجهة الطريق الثنائية المؤدية إلى حي إسلي والفضاء التجاري مرجان في اتجاه السعيدية وبركان، وهي الطريق التي تعرف حركة نشيطة ودؤوب لمختلف المركبات إضافة إلى رواج السوق الأسبوعي .
من جهة أخرى، لا زالت هذه المركبات تنقل، على متنها، المواطنين ضدا على القوانين دون مراعاة المخاطر التي تحدق بهم خاصة أن الرُّكاب غير مَحْميين بأي وسيلة كانت مثل الحافلات، إضافة إلى أن الدراجة النارية ثلاثية العجلات تَفْقِد بسرعة توازنها في منعرج وتميل إلى جهة، كلما مال رُكَّابها أو مالت الحمولة التي على متنها، وتنقلب فتتسبب في كارثة وأضرار قد تكون دامية ومميتة.
سبق أن قرر وزير التجهيز والنقل السابق، عبد القادر عمارة، منع نقل الأشخاص على متن الدراجات النارية الثلاثية العجلات “التريبورتور”، ودخل حيز التنفيذ وبشكل صارم، وذلك بتنسيق مع مختلف المصالح المختصة من وزارة الداخلية والأمن الوطني والدرك الملكي.
وأكد وزير التجهيز والنقل، أن هذا القرار جاء نظرا للأرقام المهولة لحوادث السير التي تكون فيها الدراجات الثلاثية الدفع السبب الحقيقي.
وأوضح وزير التجهيز النقل، أن السبب وراء التعجيل باتخاذ هذا القرار هو الأرقام المهولة لحوادث السير الناتجة عن المخالفات التي تتسبب فيها هذه الدراجات، والتي حددها في 40 بالمائة، مضيفا أنه ستتم معاقبة المخالفين بغرامات مالية كبيرة، وتسحب رخصهم، وأن الأمر قد يصل إلى السحب النهائي للرخص.
وسبق لكاتب الدولة لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء المكلف بالنقل السابق، أن صرح بأن العمل الذي قامت به الوزارة لوقف حوادث ما وصفه بــ”عربات القتل”، أي الدرجات الثلاثية العجلات “تريبورترور”، كان بالتركيز على الإطار القانوني، أي التعديلات التي أدخلت على مدونة السير، والتي تمنع المواطنين من التنقل عبر هذا النوع من العربات.
وأشار إلى أن “الإشكال يكمن في المراقبة، فالوزارة لا يمكن أن تقوم بمراقبة، ومتابعة تنقل المواطنين عبر هذه الدراجات”، مردفا أن “هذا الأمر من اختصاصات مصالح وزارة الداخلية، الأمن الوطني في المدن والدرك الملكي خارج المدن”.
وسبق للوزارة أن قامت بإحصاء عدد هذه الدراجات من خلال عملية الترقيم، وبترقيم 750 ألف دراجة ثلاثية العجلات، إضافة إلى فرض رخصة السياقة على هذا النوع من العربات.
للتذكير فقط، عاشت بلدة عين الصفا الواقعة تحت النفوذ الترابي لعمالة وجدة/أنجاد، منذ سنوات، مأتما في حادث سير غريب لم تشهده المنطقة من قبل، نتيجة مصرع طفلين قفزا من دراجة نارية ثلاثية العجلات كانت تُقلّهما، وكانت تسير على الطريق في اتجاه بلدة أخرى.
الحادث المأساوي، كما أكدته بعض المصادر، وقع في حدود الساعة التاسعة والنصف بمنطقة عين الصفا، حين قرر صاحب “التريبورتور” الذي يتحدر من مدينة العيون الشرقية، الإقلاع من مدينة العيون والتوجه إلى بلدة بني درار عبر الطريق المؤدية إلى لبصارة وعين الصفا من أجل حضور موسم “الوعدة”، قبل أن يتوقف في الطريق ليُقل طفلين بمنطقة لبصارة كانا يرغبان في التوجه إلى بلدة عين الصفا.
سائق “التريبورتو” لم ينتبه إلى أنه تجاوز حدود البلدة ولم يتوقف لتمكين الطفلين من النزول والالتحاق بمنزليهما، الأمر الذي دفع بالطفلين إلى القفز من الدراجة النارية ثلاثية العجلات في تحد للسرعة كما لو كان الأمر مجرد لعب، ودون أخذ موافقة سائق “التريبورتور”، ليلقى الطفل الأول البالغ من العمر 14 سنة، حتفه في الحين، بينما لفظ الثاني، ذي 8 سنوات، أنفاسه الأخيرة داخل سيارة الإسعاف التي كانت تنقله إلى المركز الاستشفائي الجهوي الفارابي بوجدة .