عبد القادر كتــرة
في خطوة غريبة وعجيبة، أقدم النظام العسكري الجزائري، المهووس بِنَصب الجدران وبناء السجون والمعتقلات، أقدم على تشييد جدران خرسانية على شواطئ وهران لمنع الشباب الجزائر الطموح “للحريك”، من الهجرة السرية إلى الشواطئ الأوروبية عبر عبور البحر الأبيض المتوسط على متن قوارب الموت.
الجدران الخرسانية التي يبلغ ارتفاعها أربعة أمتار على طول الشواطئ على ساحل عين الترك ، وهو منتجع ساحلي يقع غرب مدينة وهران الجزائرية تحول إلى معتقل للساكنة المحلية، مع الإشارة إلى أن هذه المدينة الجزائري الساحلية تستعد لتنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط، خلال شهر يونيو المقبل.
وأرجعت السلطات الجزائرية بناء الجدران على مستوى شاطئ “تروفيل” في مدينة عين الترك بوهران والذي أطلق عليه “جدار العار” كما يوصف على الشبكات الاجتماعية، إلى أسباب أمنية بحتة ، أملتها الظاهرة المتجددة للهجرة غير النظامية في المنطقة انطلاقاً من شواطئ عين الترك وبالأخص “تروفيل” نحو الضفاف الإسبانية .
لكن عددا من الفاعلين الحقوقيين والنشطاء الاجتماعيين أكدوا على أن هذه “المبادرة” تمنع بشكل فعال مجموعات المهاجرين من الوصول إلى الشاطئ بقوارب صغيرة، لكن في ذات الوقت يضع علامات استفهام على سياسات الدولة “القمعية” لمواجهة الهجرة غير الشرعية.
وواكب بناء ّجدار العار” احتجاجات شعبية في عين الترك، ردا على استحداث هذه الأسوار وإيجاد حلول للحيلولة دون حجب رؤية البحر على مواطني المنطقة، إضافة إلى زوار المدينة، وتشير المعلومات في هذا السياق، إلى أن القضية طرحت على صعيد مركزي وتناولتها لجنة السياحة بالمجلس الشعبي الوطني الجزائري بأهمية بالغة، لأجل الإسراع في إيجاد حل لهذه الجدران .
قرار تشكيل خلية تقنية لمتابعة قضية بناء “جدار العار”، جاء استجابة لتدخل أحد النواب، الذي نقل انشغالات الساكنة، الذين خرجوا في الأيام الأولى في وقفة غضب قبالة شاطئ تروفيل، وطالبوا بإزالة جدران تشوه واجهة البحر وتحجب رؤيته، بحيث تم الاتفاق على الإبقاء الحتمي على الجدران، لكن بإعادة تشكيلها هندسيا من خلال الاستعانة بمهندسين مختصين يقومون بتوفير تصاميم جديدة لإقامة جدران اعتراضية على طول الشواطئ الصخرية وليست خرسانية تحجب الرؤية .
ونقلا عن موقع “القدس العربي”، مقتطف من مقال نشره تحت عنوان “ميديابارت: على شواطئ وهران الجزائرية.. “جدار العار”، قال موقع “ميديابارت” الاستقصائي:”إن السلطات في مدينة وهران الواقعة بالغرب الجزائري تعمل على إقامة جدار في نقاط معينة على الشواطئ لمواجهة رحيل المهاجرين عن طريق البحر، وقد ندد السكان وجمعيات بـ”عدم فعاليتها” وبـ”كارثة بيئية”.
وأضاف الموقع الاستقصائي الفرنسي، في ريبورتاجه عن هذا الحائط، أن شاطئ تروفيل الصغير الواقع على كورنيش وهران استيقظ يوم الاثنين 7 مارس الجاري على أصوات آلات ثقب الصخور وصرخات العمال الذين يعملون على بناء الجدار الذي قررت السلطات إقامته لمحاربة الهجرة عن طريق البحر إلى الجزائر (الحراقة). وهو جدار خرساني مثقوب بنوافذ وصفه الكثيرون بسرعة بـ “جدار العار”، مما أدى إلى تشويه أجزاء معينة من الساحل ومنع وصول السكان المحليين إلى الشواطئ، الذين أغضبهم المشروع الذي بلغت كلفته 150 مليار سنتيم (حوالي 7 ملايين يورو) لساحل وهران بأكمله”.
وشهدت السنة الماضية موجة تدفق غير العادية لقوافل الحرَّاكة/المهاجرين السريين على الضفاف الغربية لساحل وهران، التي تحولت إلى قبلة مفضلة لهؤلاء المرشحين لبلوغ الفردوس الأوروبي، بسبب تعاظم أنشطة التهريب وتطوير كارتيلاته أساليب جديدة في تنظيم رحلات الإبحار السري، بتوفير قوارب نفاثة مزودة بمحركات قوية الدفع تصل حدود 300 حصان بخاري، ومعدات ثقيلة تساعد على بلوغ المدن الشاطئية في إسبانيا على غرار كاربونيراس بساحل ألميريا وقرطاجنة في إقليم مورسيا، إضافة إلى قادش وخليج “كالا سلمونيا” في جزيرة مايوركا، التي تعتبر أبرز النقاط التي تصل إليها قوارب “فانتوم” من السواحل الغربية للوطن .
وتعتبر “الحَرْكَة” أو الهجرة السرية، ظاهرة قديمة في الجزائر، لكنها شهدت تصاعدا قويا خلال العام الماضي، لا سيما من عين الترك وساحل وهران. وتؤكد فريدة سويح، الباحثة في جامعة “إيكس مرسيليا”، والمتخصصة في سياسات الهجرة المغاربية، أن معظم قوارب المهاجرين القادمة من الجزائر تغادر من هذه الشواطئ، وقالت “تبحر بانتظام مجموعات صغيرة من 10 إلى 15 شخصا على متن قوارب صغيرة”، مع الإشارة إلى أن أكثر من 15000 حراك جزائري وصلوا إلى الشواطئ الاسبانية خلال سنة 2021، فيما تم إحصاء أزيد من 400 مفقود في البحر.