عبد القادر كتــرة
جريمة بشعة ووحشية أخرى تقترفها عصابة بوليساريو وعرابها جنرالات النظام العسكري الجزائري في حقّ الطفولة البريئة مباشرة بعد زيارة المبعوث الأممي للمنطقة “ستافان دي ميستورا، جريمة تصنف في خانة جرائم الحرب ضد الإنسانية، تتمثل في تجنيد مجموعة من الأطفال إجباريا، وتدريبهم وتسليمهم شواهد التخرُّج من مدارس ثكنة بن عكنون العسكرية، بعد أن تلقوا تدريباتهم العسكرية على يد ضباط جزائريين، بهدف إرسالهم إلى مناطق الحرب وجبهات النار أين يلْقوا حتفهم، رغما عن إرادة والديهم وأولياء أمرهم وأهيلهم وأسرهم، في أكبر تحدٍّ للمنتظم الدولي والمؤسسات الحقوقية العالمية والمواثيق الدولية المتعلقة بحماية الطفولة.
هذه الجريمة يُسجلها نظام العسكري الجزائري وصنيعته مرتزقة بوليساريو بتندوف فوق التراب الجزائري، تأتي مباشرة بعد الفضيحة التي تفجرت بمخيمات الذل والعار بتندوف بالجزائر، أمام أعْيُن الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية وبغباء كبير، حيث قام مرتزقة “بوليساريو” استعراض أطفال بلباس عسكري الأمر الذي يؤكد رواية المغرب حول تجنيد أطفال مخيمات تندوف وتحويلهم الى إرهابيين محتملين ووقود لحرب خاسرة يشرف عليها كابرانات النظام العسكري الجزائري وينفذها بالوكالة مسلحو الجماعة الإرهابية لميلشيات الانفصاليين.
وقد شهد “دي ميستورا” على هذا الخرق الفظيع لهذه الجماعة الإرهابية الممولة من طرف جنرالات ثكنة بن عكنون التي يقودها الفريق شنقريحة رئيس الأركان الجزائرية، وهو يستقبل من طرف أطفال بلباس عسكري في ضرب واضح لكل المواثيق الدولية المتعلقة بحماية الطفولة..
واستنكرت الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد “بشدة ظهور أطفال بزي عسكري وهم يستقبلون، السبت بتندوف، المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية، ستيفان دي ميستورا، معتبرة ذلك “تمردا خطيرا على القوانين والمواثيق والعهود الإنسانية الدولية، ولا سيما تلك المتعلقة بحقوق الإنسان”.
وأشارت الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، في بيان لها، إلى أنها “تستهجن خروقات عصابة البوليساريو للقانون والأعراف الدولية، والسكوت غير المبرر للمنتظم الدولي على هذه الانتهاكات، رغم الحماية التي يمنحها القانون الدولي وتمنحها الأعراف الدولية للأطفال في النزاعات المسلحة”.
وسبق أن عبر السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، السيد عمر هلال، في العديد من المناسبات، ، بشدة جميع أشكال العنف ضد الأطفال واختطافهم وتجنيدهم من قبل المجموعات المسلحة وتوظيفهم لأغراض إجرامية أو إرهابية أوعسكرية، بما في ذلك داخل مخيمات اللاجئين. وكان السيد هلال يتحدث خلال اجتماع نظمته الأردن بمناسبة انضمامها لمبادئ باريس بشأن الأطفال المرتبطين بالقوات المسلحة أو المجموعات المسلحة.
وسبق أن أكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، السيد عمر هلال، في نونبر الماضي، أن التجنيد العسكري للأطفال من طرف المليشيات المسلحة “للبوليساريو” في مخيمات تندوف يعتبر “جريمة حرب “.
وقال السيد هلال، في مقابلة مع مجلة “نيوزلوكس” الأمريكية المرموقة، أن التجنيد العسكري للأطفال في مخيمات تندوف من قبل جماعة “البوليساريو” المسلحة هو “جريمة حرب” يحظرها ويدينها القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي.
وفي السياق ذاته، ذكر بأن البروتوكولات الإضافية لاتفاقيات جنيف لعام 1977، واتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الطفل لسنة 1989 وبروتوكولها الإضافي لعام 2000، تدعو إلى القضاء العاجل على تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة.
واستحضر الدبلوماسي أيضا قرار مجلس الأمن الأخير (2601) الذي أدان بشدة جميع انتهاكات القانون الدولي المعمول به والتي تنطوي على تجنيد واستخدام الأطفال من قبل أطراف النزاعات المسلحة وكذلك تجنيدهم، لافتا إلى أن هذا القرار يطلب من جميع الأطراف المعنية الإنهاء الفوري لهذه الممارسات واتخاذ تدابير خاصة لحماية الأطفال.
وسبق لعصابة قطاع الطرق “بوليساريو” من باب الرفع من معنويات مخيمات الذل والعار بتندوف بالجزائر، بعد صدمة تدخل القوات المسلحة للمملكة المغربية الشريفة بمعبر الكركرات وتطهيره من جرذان المرتزقة، أن قامت بترويج مشاهد فيديو يظهر فيها الأطفال وهم يُهيَّؤُونهم ليكونوا وقودا للحرب، ليتأكد للمجتمع الدولي أن قيادة “بوليسريو” تدفع بـ “الطفيلات” و”العزايز” إلى مهلكة الكركرات، وتكشف عن مخططها بتجنيد أعداد كبيرة من الأطفال والدفع بهم إلى أم المهالك كوقود للصراع … “، بتعبير أحد المواقع البوليسارية.
وأظهرت المقاطع، حسب نفس المصدر الشاهد على أهله، “أطفالا في عمر الزهور وهم يخوضون تداريب عشوائية فوق تربة إحدى المعسكرات الصحراوية بتندوف، ودون ملابس واقية، بل عراة في بعض الأحيان، من غير تجهيزات السلامة وفي ظروف مناخية تقهر حتى أشد الرجال قوة…، تجعل المجتمع الدولي يصنف قيادتنا ضمن التنظيمات التي تستغل الأطفال في الصراعات المسلحة…”.
وحسب مصادر خاصة بـالأسبوع فإن جبهة “بوليساريو” حملت 80 طفلاً صحراويًا في شاحنات عسكرية ونقلتهم في حرارة شديدة وسط حقول الألغام المتواجدة بالمنطقة من أجل تلقينهم تدريبات قتالية، متحديةً كل قرارات مجلس الأمن وانتهاك المواثيق الدولية الخاصة بحماية الأطفال.
تضيف ذات المصادر على أنه طوال يوم كامل واجه فيه الأطفال جميع أنواع الأخطار وهم يتنقلون بين الألغام والقنابل العنقودية والأسلحة الخطيرة، بالإضافة إلى الاحتكاك المباشر بالمليشيات مما يعرضهم لاعتداء ( ..)، وهو سيناريو يتناقض مع كل معاني الطفولة والبراءة.
وحسب العديد من المنظمات التي تهتم بحماية الطفولة، فإن جبهة “بوليساريو” تشتهر منذ مدة بتجنيد الأطفال وتقديمهم إلى الصفوف الأمامية خارقة بذلك المعاهدة الدولية الموقعة من طرف 170 دولة تحرم مشاركة الأطفال في الحروب وأماكن الصراع في العالم تحت مسمى “البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة” وتنص المعاهدة على حظر تجنيد الأطفال تحت سن 18 عاماً في الجيش، وضمان إعفاء المتطوعين العسكريين تحت سن 18 عاماً من المشاركة مباشرة في الأعمال العدائية.
وبحسب الأسر المخطوفة في مخيمات تندوف في الأراضي الجزائرية، استنادا إلى نفس المصدر، فإن “بوليساريو” تسعى إلى تبرير المبالغ الضخمة التي تتلقاها من بعض المنظمات والعائلات الأجنبية كجزء من برنامج إجازة الأطفال.
واغتنم الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، السيد عمر هلال، الذي حلّ ضيف شرف على محاضرة نظمتها جامعة هارفارد بوسطن، يوم الخميس 17 فبراير 2022، بمبادرة ثلة من الطلبة المغاربة من مدرسة هارفارد كينيدي ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، للفت انتباه المشاركين في هذا المؤتمر إلى أحد أسوأ أشكال انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد السكان المحتجزين في مخيمات تندوف، والمتمثل في التجنيد العسكري للأطفال.
وفي هذا الصدد، أطلق السيد هلال نداء من أجل تعبئة الطلبة المغاربة في جامعة هارفارد وأيضا جل الأكاديميين الأمريكيين، لضم أصواتهم إلى أصوات الفاعلين الدوليين، للمطالبة بإيقاف التجنيد العسكري لأطفال تندوف وفرض عودتهم إلى مقاعد الدراسة مثل كل أطفال العالم.
وأوضح السيد هلال أن “الجامعة مكان للنضال والالتزام بالتوعية بالقضايا النبيلة والقيم الأساسية لحقوق الإنسان”، مؤكدا أنه “لا يجب الوقوف دون اكتراث أمام الظروف غير الإنسانية التي يعيشها الأطفال في تندوف”.
وأشار أيضا إلى أن “قضية التجنيد العسكري للأطفال في مخيمات تندوف تثير قلقا عميقا لدى المغرب والمجتمع الدولي بشكل عام”، كما عرض صورا لأطفال صغار يرتدون زيا عسكريا ويحملون أسلحة خلال استعراضات ويخضعون لتدريبات عسكرية في مخيمات تندوف.
ولفت، في هذا الصدد، انتباه الحاضرين إلى خطورة توجيه هؤلاء الأطفال لتبني عقيدة متعصبة وإخضاعهم للتدريب العسكري، وذلك في انتهاك صارخ لمواثيق حقوق الإنسان، واتفاقيات حقوق الطفل، وقرارات مجلس الأمن والعديد من الإعلانات الدولية.
وندد السيد هلال بتواطؤ البوليساريو مع الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء والذي يعد أمرا ثابتا ويبرز “المسؤولية الدولية المباشرة للجزائر، لأن هذا التجنيد العسكري القسري للأطفال يحدث على أراضيها”.
لم يعد تجنيد الأطفال من طرف البوليساريو خفيا على أحد بعد أن تداولت الصحف الدولية، مؤخرا، مقالات تتحدث عن استغلال الأطفال عسكريا، بل إن المراقبين لاحظوا أن ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، كان محاطا بطفل جندي واحد على الأقل أثناء زيارته لمخيمات تندوف في الجزائر.
وكانت فعاليات عديدة منتمية إلى جمعيات مختلفة قد اتفقت على صياغة ميثاق مشترك من طرف لجنة صياغة مكونة من لطيفة بلعيدي ومحمد قرمان وجمعية الرابطة وهشام زبير وادريس عرعاري وسعيد دحماني، وذهبت بعض الاقتراحات إلى حد ضرورة بعث ملتمسات إلى الأمم المتحدة من أجل إيفاد لجان لتقصي الحقائق والوقوف على الانتهاكات غير الإنسانية، الممارسة ضد الأطفال في تندوف.
من جهة أخرى، وبالتزامن مع تخليد مناسبة “اليوم العالمي لمكافحة تجنيد الأطفال” الذي يعرف اختصارا بـ”يوم اليد الحمراء” (يصادف 12 فبراير من كل سنة)، أعلنت فعاليات عديدة من المجتمع المدني عن تأسيس “الائتلاف المدني للترافع من أجل حماية الأطفال بمخيمات تندوف”، بهدف التنبيه إلى أوضاع الأطفال الذين يتم تجنيدهم واستغلالهم في أعمال عسكرية من لدن مليشيات البوليساريو، وهو ما شهد عليه ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، خلال زيارته الأخيرة لمخيمات الجبهة، حيث استقبله أطفال يرتدون الزي العسكري، في خرق سافر لكافة المقتضيات الدولية.
يذكر أن منظمات دولية عديدة عبرت عن قلقها في الفترة الأخيرة إزاء استغلال الأطفال من طرف ميلشيات البوليساريو في أعمال التجنيد، منها البرلمان الأوروبي، وجمعيات دولية عديدة، فضلا عن التحركات التي قام بها المغرب عن طريق قنواته الدبلوماسية، والتي كشفت للمنتظم الدولي بالأدلة المعززة بالوثائق والصور عن فظاعة ما يتعرض له الأطفال على يد ميلشيات البوليساريو المؤطرة من طرف الجيش الجزائري.
وعبرت المنظمات الدولية المشاركة في أشغال الدورة 49 لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، خلال شهر مارس الجاري، عن قلقها المتزايد من الانتهاكات المرتكبة في حق المرتكبة في حق الأطفال بمخيمات تندوف، وتجنيدهم القسري في صفوف ميليشيات البوليساريو، مطالبة بضرورة الإفراج الفوري عن كافة الأطفال المجندين من طرف الجبهة الانفصالية.
كما طالبت المنظمات، في بيان لها عقب مشاركتها في أشغال الدورة الأممية لحقوق الإنسان وفي الندوة الدولية حول موضوع “تجنيد الأطفال بمخيمات تندوف، التي تم عقدها عن بعد، بمحاسبة كل من تورط تزويد مليشيات البوليساريو بالأسلحة والتي تجبر قيادتها الأطفال على حملها.
واعتبرت المنظمات الموقعة على البيان، أن من أفظع الانتهاكات التي يمكن أن ترتكب في حق الأطفال هو استغلاهم في النزاعات المسلحة وإجبارهم على حمل السلاح، الأمر الذي اتفقت عليه جميع صكوك وقوانين الشرعة الدولية بما في ذلك الأعراف الإنسانية القديمة، مؤكدة أن محكمة الجنايات الدولية تشير في أحد بنودها إلى أن مساهمة أي طرف في استغلال الأطفال تعتبر جريمة ضد الإنسانية.
وسبق أن أصدر مجلس الأمن الدولي، خلال فبراير الماضي، بيانا رئاسيا جدَّد فيه دعوته كل الدول الأعضاء وكيانات الأمم المتحدة إلى أن تعمل، منذ المراحل المبكرة لجميع عمليات السلام، على “دمج كافة أحكام حماية الطفل في جميع مفاوضات السلام واتفاقات وقف إطلاق النار،” بما في ذلك التركيز على “حقوق ورفاه الأطفال ومصلحتهم الفضلى.”
أفاد تقرير أممي جديد بزيادة أعداد الأطفال المتأثرين بالصراعات المسلحة حول العالم، فضلا عن شدة الانتهاكات الجسيمة التي تعرضوا لها خلال العام الماضي. ففي الفترة من يناير إلى ديسمبر 2017، تحققت الأمم المتحدة من حدوث أكثر من 21 ألف انتهاك جسيم لحقوق الأطفال.