عبد القادر كتــرة
خلافا لما روّج له النظام العسكري الجزائري ومزابله الإعلامية الرسمية وقنوات صرفه الصحي من أن اجتماع لوزراء الخارجية العرب بالقاهرة، تبنى بالإجماع اقتراح الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون باحتضان الجزائر القمة القادمة يومي 1و2 نونبر 2022، بعد تأجيلها للمرة الثالثة، وكلّ مرة بمبررات واهية، بل حددها الرئيس في شهر مارس الحالي قبل استحالة عقدها وأنكر النظام الجزائري تحديد هذا الموعد.
والحقيقة أن اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، الأربعاء والخميس 9 و10 مارس الجاري، لم يقرر ولم يصوت ولم يوافق على أي تاريخ لعقد قمة دول الجامعة العربية، بل ما فعله وزير خارجية الجزائر، بعد السفريات المكوكية واستجداء الموافقة على انعقاد القمة بعد تأكد تأجيلها بل إلغائها، اقترح تاريخ فاتح نونبر الذي يوافق “احتفالات اندلاع حرب التحرير” بالجزائر، ولم يتم التداول في الاقتراح أو الموافقة عليه.
ومباشرة بعد انتهاء الاجتماع بالقاهرة ، اختار وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمارة التغريد خارج السرب، مدعيا ومفتريا بأن “الاجتماع تبنى اقتراحا جزائريا باحتضان القمة القادمة يومي 1و2 نوفمبر 2022، ناسيا وجاهلا ميثاق الجامعة العربية الذي هو بمثابة قانون تنظيمي للقمم العربية والمؤتمرات والاجتماعات، إذ عرّض نفسه والجزائر، كما هي العادة، للسخرية والاستهزاء.
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أنه ليس هناك حتى الآن توافق عربي حول انعقاد القمة وعلى عودة سوريا لشغل مقعدها بجامعة الدول العربية خلافا لما روّجت له الجزائر .
وقال أبو الغيط في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، الأربعاء 9 مارس الجاري بالقاهرة، “إن هذا الموضوع لم يتم بحثه خلال اجتماع اليوم، لا في الاجتماع التشاوري ولا في الاجتماعات الوزارية للدورة العادية لمجلس الجامعة.”
وبهذا تكون الجزائر قد فشلت، مرة أخرى، في إقناع الدول العربية، والادعاء بأن استضافة بلاده للقمّة يهدف إلى “لَمِّ شمل العالم العربي الممزق”، في حوار مع قنوات جزائرية، في الوقت الذي يصطف إلى جانب أعداء الأمة العربية بتحالفه مع إيران وحزب الله اللبناني، ويعمل على تشتيتها وتمزيق وحدتها الترابية بتدخله في ليبيا ودعمه للحوثيين في اليمن، ومعاداته للوحدة الترابية للمملكة المغربية الشريفة ودعم وتمويل الجبهة الانفصالية مرتزقة “بوليساريو” وتجنيد أطفالها، وتمويل وتسليح الجماعات الإرهابية في الساحل من مخلفات “القاعدة” و”داعش” ومرتزقة روسيا “فاغنر”…، والتصميم على نقل مقر الجامعة من مصر إلى الجزائر والتحالف مع إثيوبيا ضد جمهورية مصر العربية في قضيتها الحيوية المتمثل في نزاعها حول مياه نهر النيل وتبعات سد النهضة الإثيوبي على حياة الشعب المصري العربي.
ورغم التنقلات المكوكية والسفريات الثقيلة للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ولوزير خارجيته العجوز رمطان لعمامرة ولرئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري السعيد شنقريحة أو رئيس مجلس البرلمان، واستجداء الملوك والرؤساء والقادة العرب للموافقة على عقد القمة العربية بالجزائر، إلا أنهم فشلوا، واستنكف القادة العرب وعبروا عن تخوفاتهم لعدم ثقهم في النظام العسكري الجزائري، الحليف للنظام الموالي الشيعين في إيران وحزب الله اللبناني الإرهابي وجماعة الحوثيين، أعداء الأمة العربية، إضافة إلى معاداة المغرب أحد ادول العربية المؤسسة للجامعة العربية …
وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، ذكَّر بميثاق الجامعة العربية لجهة النظام العسكري الجزائري بأن التاريخ الجديد للقمة المقرر بالجزائر، مخالف للميثاق، الذي ينص على عقد القمة شهر مارس من كلّ سنة، قائلا: “أن القادة العرب أبانوا سنة 2000 من خلال اعتمادهم الملحق الخاص بتاريخ ودورية وانتظام القمم العربية شهر مارس من كل سنة.”
ثانيا، هناك رسائل بالواضح من القادة العرب للنظام العسكري الجزائري لرفضه ممارسات جنرالات ثكنة بن عكنون، منها ما صدر عن القمة الثنائية بين رئيس جمهورية مصر العربية عبدالفتاح السيسي وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، في البيان الختامي لزيارة الرئيس المصري للعربية السعودية.
أكد البيان الختامي للقاء البلدين العربيين الشقيقين والذي تضمن رسائل واضحة غير قابلة للتأويل للنظام العسكري الجزائري المنبوذ على “أن الأمن العربي كلٌّ لا يتجزأ، وعلى أهمية العمل العربي المشترك والتضامن العربي الكامل للحفاظ على الأمن القومي العربي بما لدى دوله من قدرات وإمكانات تؤهلها للاضطلاع بهذه المسؤولية، وهي مسؤولية تقع على عاتق كل الدول العربية، ويضطلع بها البلدان الشقيقان في إطار عملهما المستمر لدعم أمن واستقرار المنطقة.”
وأدان الجانبان، حسب البيان الصادر بالمناسبة، “محاولات المساس بأمن وسلامة الملاحة في الخليج العربي ومضيق باب المندب والبحر الأحمر، وأكدا على أهمية ضمان حرية الملاحة بتلك الممرات البحرية المحورية، وضرورة التصدي لأي تهديدات لها باعتبارها تشكل تهديدا للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، كما أعرب الطرفان عن رفضهما لاستمرار الميليشيات الحوثية الإرهابية في تهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر وأنه لا يمكن التغاضي عن امتلاك هذه الميليشيات الحوثية الإرهابية لقدرات عسكرية نوعية كونه تهديدا مباشراً لأمن المملكة العربية السعودية ودول المنطقة”.
لقد أكد البلدان الشقيقان، جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، على “رفض أي محاولات لأطراف إقليمية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، أو تهديد استقرارها وتقويض مصالح شعوبها، سواء كان ذلك عبر أدوات التحريض العرقي والمذهبي، أو أدوات الإرهاب والجماعات الإرهابية، أو عبر تصورات توسعية لا تحترم سيادة الدول ومبادئ احترام حسن الجوار، واتفقا على مواصلة محاربة التنظيمات الإرهابية في المنطقة بكافة أشكالها، كما استعرضا الجهود المبذولة من جانبهما في هذا الصدد”.
من جهته وفي رسالة مباشر للنظام العسكري الجزائري، عبر مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية بالقاهرة، عن رفضه قيام إيران بتسليح عناصر انفصالية تهدد أمن واستقرار المغرب.
وأقر الاجتماع الوزاري العربي قرارا، اتخذته اللجنة الوزارية العربية الرباعية المعنية بمتابعة تطورات الازمة مع ايران وسبل التصدي لتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية التي اجتمعت على هامش المجلس، يقضي بالتضامن مع المملكة المغربية في مواجهة تدخلات النظام الإيراني وحليفه “حزب الله” في شؤونها الداخلية، خاصة ما يتعلق بتسليح وتدريب عناصر انفصالية تهدد وحدة المغرب الترابية وأمنه واستقراره.
وأكدت اللجنة أن هذه الممارسات الخطيرة والمرفوضة تأتي استمرارا لنهج النظام الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار الإقليمي.
كما تبنى مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية بالقاهرة، مشروع قرار تقدمت به المملكة المغربية يقضي بالتصدي لظاهرة تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة.
وكلف المجلس الوزاري العربي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بالتنسيق مع المجالس الوزارية والهيئات العربية المتخصصة، من أجل إعداد ملحق يضاف إلى “الخطة الشاملة للحد من عمليات تجنيد الأطفال في الصراعات المسلحة والإرهابية”، يركز على البعد الحقوقي والقانوني والإنساني في التصدي لعملية تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة.
ويستند هذا القرار على النداء الذي أطلقته الجامعة العربية في نونبر من سنة 2021 بمناسبة تخليد اليوم العالمي للطفل، وسيتم عرض مشروع الملحق على المجلس في دورته المقبلة.
وفي سياق متصل، دعا الاجتماع الوزاري العربي في البنود المتعلقة بمكافحة الإرهاب، إلى مواصلة الاستفادة من مركز محمد السادس للعلماء الأفارقة، ومعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات.
كما رحب باستضافة المملكة المغربية لمكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب بإفريقيا وكذا بالرئاسة المشتركة للمملكة مع كندا للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب.
وللتذكير ببعض مواد ميثاق الجامعة العربية التي تؤكد أن ليس للنظام الجزائر مكان في الجامعة العربية وليس له محلّ من الإعراب ، نشير إلى المادة 5 :”لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة، فإذا نشب بينهما خلاف لا يتعلق باستقلال الدولة أو سيادتها أو سلامة أراضيها، ولجأ المتنازعون إلى المجلس لفض هذا الخلاف، كان قراره عندئذ نافذًا وملزماً. وفى هذه الحالة لا يكون للدول التي وقع بينها الخلاف الاشتراك في مداولات المجلس وقراراته. ويتوسط المجلس في الخلاف الذى يخشى منه وقوع حرب بين دولة من دول الجامعة، وبين أية دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها، للتوفيق بينهما. وتصدر قرارات التحكيم والقرارات الخاصة بالتوسط بأغلبية الآراء”.
ثم المادة 6:“إذا وقع اعتداء من دولة على دولة من أعضاء الجامعة، أو خشى وقوعه فللدولة المعتدى عليها، أو المهددة بالاعتداء، أن تطلب دعوة المجلس للانعقاد فوراً. ويقرر المجلس التدابير اللازمة لدفع هذا الاعتداء، ويصدر القرار بالإجماع، فاذا كان الاعتداء من إحدى دول الجامعة، لا يدخل في حساب الإجماع رأى الدولة المعتدية. إذا وقع الاعتداء بحيث يجعل حكومة الدولة المعتدى عليها عاجزة عن الاتصال بالمجلس، فلممثل تلك الدولة فيه أن يطلب انعقاده للغاية المبينة في الفقرة السابقة، وإذا تعذر على الممثل الاتصال بمجلس الجامعة، حق لأى دولة من أعضائها أن تطلب انعقاده”.
وأخيرا المادة 10:“تكون القاهرة المقر الدائم لجامعة الدول العربية ولمجلس الجامعة أن يجتمع في أي مكان آخر يعينه.
مادة 3 من المحلق الخاص بالانعقاد الدولي لمجلس دول الجامعة العربية على مستوى القمة
ينعقد مجلس الجامعة على مستوى القمة بصفة منتظمة في دورة عادية مرة من كلّ سنة في شهر مارس/آذار من كلّ سنة، وله عند الضرورة أو بروز مستجدات تتصل بالأمن القومي العربي، عقد دورات غير عادية إذا تقدمت إحدى الدول الأعضاء أو الأمين العام بطلب ذلك إذا وافق على عقدها ثلثا الدول الأعضاء.