بقلم البروفيسور: عز الدين الابراهيمي
ترى كيف أصبحت يا ريان هذا الصباح… و قد أبدلك الله عنزتك بأجمل منها… و عوضك خيرا منا…
أستغرب جدا و أنا أرى الكثيرين يستخلصون الدروس و العبر بعد رحيل ريان بثوان… و ينظرون إلى الحادثة من ألف زاوية… بينما أنا شخصيا، لا أستطيع و لم أتمكن و منذ أيام أن أخرج من دوامة أحاسيس مختلفة… من مفاجأة و خوف وغضب و اشمئزاز و سعادة و حزن… و لم… و لا أستطيع أن أكون “عميقا” و إن حاولت جاهدا… و أجدني أريد فقط أن أكون إنسانا بقوة ضعفه… فاقدا للسيطرة كما أحست بذلك الملايين من البشر حول العالم… و تجدني أردد…
ترى كيف أصبحت يا ريان هذا الصباح… و قد أبدلك الله عنزتك بأجمل منها… و عوضك خيرا منا…
فنحن هنا مازلنا نتحدث عنك و للأبد… و للأزل لأنك كنت بطلا في العدم… بطلي… لأنني لم أكن لأصمد مثلك… ترى كيف كنت سأناور و أنا في مكان ضيق لا يسع نفسي… و بعد أن هويت عشرات الأمتار… حتما كنت سأنكسر جسدا و فكرا… هل كنت سأستمر و أبقى ك”أنا”… و هذا الخوف و القلق و الهوس الذي سينتابني… كيف أجابهه…بالله عليك كيف تجلدت يا ريان لمواجهته… كيف فعلت يا ريان في محنتك و في ظلمتك… كيف أمضيت هذه الساعات بل الدقائق الطوال من العزلة و الوحدة… أسئلة ينفطر لها القلب… أسئلة تضنيني و تجعلني أضعف إنسان… و تجدني أردد…
ترى كيف أصبحت يا ريان هذا الصباح… و قد أبدلك الله عنزتك بأجمل منها… و عوضك خيرا منا…
دعك من التساؤل كيف تغيرت حياة والديك بين عشية و ضحاها… فنعم… لا أحد يستطيع أن يأخذ مكانك و يملأ هذا الفراغ الذي تركته… و لا عليك من صمتهما الذي يصم الأذان بصراخ لوعتهما… فالباقي جل جلاله يسندهما و إن تفرقت الأقوام و غادر الركبان و انطفأت الأضواء التي كانت تنبعث من كل مكان … و هو ولي الضعفاء و فاقدي الحول و القوة… و تذكر أنهما سارا بيننا صورة لك… و للصبر و التجلد و الكبرياء… و قد أوصلا رسالتك بكل أمانة… بأن الكون بكامله، أسرة واحدة تسمى البشرية… و رغم كل عمليات التجميل و المساحيق العرقية تبقى البشرية بنفس الملامح التي تعلو وجهها… الخوف و البكاء و الهلع كندبات في الوجه… و الأمل و التفاؤل و البسمة كخالات… و أنت… نعم أنت يا ريان… كحفرة الزين التي رسمتها على وجه الإنسانية… و تجدني أردد…
ترى كيف أصبحت يا ريان هذا الصباح… و قد أبدلك الله عنزتك بأجمل منها… و عوضك خيرا منا…