الطيب الشكري
من حق أي قناة أو صحيفة إلكترونية أن تُنمٍي مداخيلها، وتجذب أكبر عدد من المشاهدات، وتتربع على عرش أكثر القنوات الإلكترونية مشاهدة وتتبعا، لكن ليس من حقها إغراق الساحة الإعلامية الوطنية بالتفاهات، وجعلها مادة إعلامية رئيسية، تتناقلها منصات التواصل الإجتماعي بكافة مسمياتها.
فلا يكاد يمر يوما دون أن نشاهد ونتابع “مخلوقات” تستحوذ على مساحات مهمة وبالساعات، حتى أصبحت متابعتها أمرا مقززا، خاصة عندما يكون الكلام الساقط الذي يَنهَلُ من كل ما هو سُوقِي حاضر في عدد من هذه القنوات الإلكترونية، وأصبحنا اليوم أمام ظاهرة خطيرة تمس القيم الأخلاقية للمجتمع المغربي وجب التوقف عندها بكل جرأة ومسؤولية أخلاقية، لأن إستمرارها وبهذا الشكل المُبتَذل فيه إساءة كبيرة للسلطة الرابعة، التي من المفروض فيها التعاطي الإيجابي مع كل القضايا التي تشغل المواطن، ومقاربة المشاكل الحقيقية التي تعيشها مختلف القطاعات وكذا الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها غالبية الأسر المغربية، بدلا من تتبع هذه الأشكال التي لا يهمها سوى رفع عدد المشاهدات، من أجل الإستفادة المادية ليس إلا، ظاهرة تتمدد بشكل مخيف ومستفز في الوقت ذاته، في ظل غياب أي رادع أخلاقي، ولا وازع ديني، تجاوز أبطالها كل الخطوط والحدود، وأصبحنا أمام مشاهد مخلة بالحياء بإيحاءات جنسية تعتمد الجسد الفاضح كلغة وكلام سوقي ساقط، أضحى اللغة السائدة لدى معظم هذه الكائنات الإلكترونية التي أصبح لها متتبعين مدمنين ينتظرون بشغف عفن هؤلاء، وخاصة منهم النساء الذين اكتسحوا هذا المجال، ليصبح الجسد هو أساس ما يقدمونه من محتوى يسمى روتين يومي.
أسماء متعددة اكتسبت شهرة على قنوات الفضاء الإلكتروني، تغولت بشكل ملفت، حتى أصبح من يستهدف محتواها بالنقد والاستنكار شخص غير مرغوب فيه، وجب محاربته وبأقبح النعوت، ولنا في عدد من النًكرات التي خرجت علينا متوعدة راغدة زابدة، لا لشيء، سوى أن مواطنين انتقدوا المحتوى الذي تقدمه، فكان نصيبه الدعاء عليهم بالأمراض المزمنة والخطيرة، ما يبين أن هدف أمثال هؤلاء ربحي محض، ولا علاقة له بالأخلاق والتربية، ولا حتى بالحرية الشخصية التي تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، وأنها لا يمكنها الصمود في وجه سهام النقد الموجهة لها، وبالتالي محدودية مقاومتها بمجرد ظهور موجة جديدة بديلة عنها.
لقد حان الوقت لوضع حد لهذا العفن الذي تعج به منصات التواصل الاجتماعي، وشن حملة من التبلبغات( signle ) على هذه القنوات التي تجاوزت كل الخطوط، كما لا يجب إغفال مسؤولية مدراء بعض القنوات الإلكترونية التي تمنح مثل هذه الكائنات الفرصة لتمرير سمومها، وهي اليوم مطالبة أكثر من اي وقت مضى بإحترام ذكاء المغاربة، والكف عن نشر هذه التفاهات التي أصبح مرورها على هذه القنوات سنة وجب التخلص منها، والتوجه إلى ما يشغل بال القارئ والمتتبع، بدلا من تتبع فلان وعلان وهيام، الذين وجدوا في هذه القنوات طريقهم في تمرير خطاب لا أخلاقي، بإيحاءات غير بريئة بالمرة، أساءت أكثر للصحافة الوطنية التي يربطها بالمتلقي المغربي ميثاق شرف أخلاقي يحترم خصوصيته.