احتضنت جامعة محمد الأول بوجدة يوم السبت 15 يناير الجاري، ندوة دولية “عن بعد” حول “استقلال المغرب بعيون إفريقية”، من تنظيم المركز الجامعي للدراسات الافريقية التابع للجامعة المذكورة. الندوة عرفت مشاركة عدد من الاساتذة الجامعيين والباحثين من بعض الدول الافريقية (السنغال، النيجر، غانا، مالي وساحل العاج)، بالإضافة إلى ثلة من أساتذة جامعة محمد الأول، وأشرف على تسييرها الأستاذ جمال حداد.
افتتح الندوة رئيس مؤسسة محمد السادس للسلام بغامبيا،وعضو مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، فانسو جامي، بمداخلة تحدث فيها عن الدعم المغربي لدول السودان الغربي. أعقبتها مداخلة محمد الحافظ عميد كلية الشريعة نافضا بنيجيريا تحت عنوان “العلاقات المغربية – النيجيرية غداة الاستقلال”.
في حين تناولت مداخلة الأستاذ علي ذجوب من جامعة شيخ أحمد بمب بالسنغال “التواجد الثقافي المغربي بالسنغال”. بينما خص الأستاذ بالو داودا من جامعة باومني من ساحل العاج ونائب رئيس جامعة المسلمين بكوت الديفوار، حديثه عن “البعثات التعليمية الافريقية بالمغرب”. ومن دولة مالي شارك الباحث في الشؤون الافريقية عبد الله الحسين مايكا، بعرض حول “الامتداد المغربي في الصحراء والساحل.. مالي أنموذجا”.
في السياق ذاته، عرفت الندوة الدولية مشاركة ثلة من أساتذة جامعة محمد الأول وجدة، بدءا من الأستاذ جمال الدين السراج الذي استعرض “العلاقة التاريخية القوية التي تربط المغرب ببلدان الجوار”. متحدثا عن القواسم المشتركة بين المغرب وبقية الدول الافريقية، من تاريخ وجغرافيا وثقافة ونضال من أجل الاستقلال. منبها الى ضرورة الاستثمار في البعد الثقافي لتمتين هذه الروابط، كما جاءت مداخلة الدكتور يحيى عمارة للحديث عن التلاحم المغربي الافريقي. مبرزا المرجعيات التاريخية والاجتماعية والسياسية والمعرفية والثقافية المشكلة للمكون الافريقي، ومشيرا في ذات الوقت الى المزايا التي تضمنتها وثيقة المطالبة بالاستقلال من الناحية السياسية والاجتماعية والإقليمية. لينتقل الى الحديث عن الاحداث التاريخية المطالبة بالاستقلال، والتي شهدتها العديد من الدول الافريقية. في حين تطرقت مداخلة الأستاذ الباحث فريد أمعضشو إلى موضوع “المغرب وقضاياه في مرآة الأدب الإفريقي”؛ وذلك من خلال رصد جملة من مظاهر تفاعل الأدباء الأفارقة مع تلك القضايا (معركة التحرير – مدافعة الاستعمار ومقاومته – استكمال الوحدة الترابية…). ووقوفِهم إلى جانب المغرب والمغاربة في كفاحهم ونضالهم من أجل الحرية والاستقلال وبناء الدولة الحديثة. كما يتضح ذلك من خلال تصفح كتابات عدد من أولئك الأدباء، وفي مقدمتهم طه حسين ومفدي زكريا وليوبولد سيدار سِنغور، فضلا عن عدد آخر من كُتّاب القارة السمراء ومبدعيها.
ثم أتت بعدها مداخلة الدكتور هشام كزوط للحديث عن دور الإعلام المغربي في تعزيز ثقافة المقاومة، والترافع عن القضايا الوطنية ووقوفه ضد كل محاولات النيل من وحدة المغرب وسيادته. ثم الحديث عن الأدوار الطلائعية للصحافة الوطنية آنذاك والتي خدمت بقوة قضاياه الوطنية، سواء من باب نشر الأخبار التي تهم الأحداث التي عرفها المغرب خلال فترات الاستعمار أو نشر مستجدات القضية الوطنية، أو من باب التثقيف والتعريف بالحقائق التاريخية التي تخدم ثقافة المقاومة، أو من باب الترافع أيضا باستمالة الدول المؤيدة لاستقلال المغرب.
ثم جاءت مداخلة الدكتور رشيد الخلوقي، حول موقف الدول الإفريقية من المطالب الترابية للمغرب غداة حصوله على الاستقلال، ومن خلالها تطرق إلى الدور الكبير الذي لعبه المغرب في استقلال عدة دول إفريقية ومساندة حركات التحرر الإفريقية، مشيرا في ذات الوقت الى جملة المكتسبات التي حققها المغرب بدء من عودته إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، واعتراف معظم الدول الإفريقية بمغربية الصحراء، وافتتاح تمثيليات دبلوماسية لها في الأقاليم الجنوبية للمملكة. كما اعتبر أن الحكم الذاتي يبقى الحل الأمثل لطي ملف هذا النزاع المفتعل بصفة نهائية.
واختتمت فعاليات هذه الندوة بمداخلة الدكتور وسام شهير مدير المركز الجامعي للدراسات الافريقية بجامعة محمد الأول بوجدة، والتي تطرق فيها الى تاريخ المغرب في العمل الديبلوماسي كامتداد لحركة المقاومة إبان الحماية، وتمكين النخبة السياسية من الاستفادة من الهالة المحيطة بشخص السلطان محمد الخامس (طيب الله ثراه) لتعمل على نسج شبكة من المتعاطفين. معربا أنه باستثناء المتاعب التي واجهها المغرب مع الجوار يمكن القول أن هنالك حركية دبلوماسية وحضورا مغربيا ملحوظا على الساحة الافريقية، وهي حركية كانت ولازالت قائمة وبوتيرة أكبر تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.