الناظور: سحر مختاري – عماد الدين شرف – عبد القادر بوراص
بعينين ضيقتين حادتين، تتطاير شزرا رغم البراءة الظاهرة على وجهه، وشعره الواقف غضبا، وبابتسامة ساخرة، تدفقت عبارات لا تخلو من تهكم كالسيل الجارف، أكد فيها المهاجر السوداني حسن الذي تجاوز عقده الثاني بأكثر من سنة إصراره على تحقيق هدفه المنشود في معانقة الفردوس الأوروبي.
حلم حسن كسرته أمواج البحر الأبيض المتوسط بعد أن اعترضت خفر السواحل الليبية الزورق الذي كان يقل أكثر من مائة مهاجر من جنسيات مختلفة، أغلبهم من السودان، غادروا السواحل الليبية فجر يوم مظلم خوفا من عيون المراقبة.
حسن، كباقي أقرانه من الشباب، كان يفكر في الزواج والاستقرار بقريته النائية ضواحي مدينة أم درمان، إلا أن الحرب الأهلية حالت دون تحقيق أمانيه، ولم يعد أمامه مت حل سوى الهجرة التي سهلتها مجموعة من السماسرة المختصين في الاتجار بالبشر. وكانت أولى محطاته ليبيا، حيث انضم إلى عدد كبير من الذين سبقوه للإقامة بركان شبه خال، غير بعيد عن شاطئ البحر، وبعد مفاوضات ماراتونية نجح في حجز مكان بقارب موت، انطلق بهم نحو المجهول يمخر عباب البحر الهائج الذي زرع الرعب والذعر في نفوس الأمهات اللواتي احتضن بشدة أبناءهن الصغار الذين لم يكفوا عن البكاء والصراخ منذ انطلاق الرحلة التي دامت حوالي 18 ساعة، كان خلالها الشاب حسن الحارس الأمين للجميع الذي لم يفقد الأمل، هذا الأمل الذي حاول قدر المستطاع تقاسمه مع مرافقيه، إلا أن القدر وضع حدا لهذه الرحلة المحفوفة بكل أنواع المخاطر.
حسن وهو يسلم إلى أفراد الأمن الليبي، أحس بمرارة وإهانة كبيرتين جسدها في قوله: “هل ترى الاهانة؟”.. إهانة انضافت إلى ما لقيه والكثير من الشعب السوداني جراء الحرب الأهلية…