عبد القادر كتــرة
قام جنود النظام العسكري الجزائري باقتناص صحراويين من ساكنة المخيمات بتندوف جنوب غرب الجزائر مثل الطرائد، ولأطلق النار ليلة السبت 20 نونبر 2021، على اثنين منهم، وهما لكبير ولد محمد ولد سيد أحمد ولد المرخي وكذا ولد محمد فاضل ولد لمام ولد شغيبين، وهما ينتميان لقبيلة سلام الركيبات.
وسقط أحد الضحيتين اللذين يمتهنان تهريب الوقود قتيلا فيما أصيب الثاني بجروح بليغة، تم على بعد خمس كيلومترات غرب مخيمات تندوف، بينما كانا على متن سيارة رباعية الدفع، ما أدى إلى مقتل الأول، وإصابة الثاني بجروح.
أسرة القتيل ترفض تسلم جثته، بعدما وضع في قسم الأموات بمستشفى تندوف، حسب ما أوردته قناة ميدي 1 المغربية، وليست هذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها القوات الجزائرية النار على سكان مخيمات تندوف العزل، فقد سبق أن قامت دورية تابعة للجيش الجزائري، بإطلاق النار بشكل عشوائي على مجموعة من الصحراويين حاولوا الهروب الى خارج مخيم بتندوف، عبر منطقة “أحفار جرب” التي تبعد حوالي 26 كيلومتر جنوب ما يسمى بمعسكر الداخلة.
كما أطلقت وحدة من الجيش الجزائري النار على مجموعة من ساكنة المخيمات شرق الرابوني، استنادا إلى نقس المصدر، كانوا بصدد التنقيب عن الذهب في منطقة المجهر، والتي تعد معقل قيادة الجبهة الانفصالية، حيث أسفر إطلاقُ النار عن مقتل إثنين وإصابةِ آخر ، إضافة إلى اعتداءات أخرى في مناطق متفرقة في المخيمات وفي محيطها.
العسكر الجزائري اعتاد على قتل الصحراويين العزّل بدم بارد ، عمدا وعن سابق إصرار، دون حساب ولا عقاب حيث سبق أن تعرضت مجموعة من الشباب الصحراوي بينهم موريتانيون من المنقبين عن الذهب لوابل من الرصاص قرب مخيم الداخلة، نتج عنه مقتل اثنين وجرح آخر، ومن بين القتلى شاب يسمى “أبة سعيد أحمد سالم الرگيبي”، وهو صحراوي من مخيمات تندوف من قاطني مخيم الداخلة.
الجيش الجزائري لم يمهل الشباب، ولم يوجه لهم تحذيرا مسبقا، أو يبعث من يعترض سبيلهم ويستفسر عن هوياتهم أو يعتقلهم، وحتى حين قرر عناصر الجيش الجزائري إطلاق النيران صوب سيارات الشباب، لم يحاولوا إخافتهم أو ثنيهم عن التقدم ، وتبين ما إن كانوا مدنيين أو مهربين، بل تعمدوا إصابة العربات بشكل مباشر، وفي أماكن تواجد الركاب، ما يفشي النية المبيتة لتصفيتهم دون رحمة، وهو أمر يتنافى والضوابط المعمول بها في مثل هذه الحالات .
وسبق أن أقدم العسكر الجزائري بتندوف على قتل “محمد ولد محمود ولد لغضف ولد سيدي محمد” المنتمي إلى قبيلة ولاد بوسبع وهو أحد عناصر “بوليساريو”، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة، صباح يوم الأحد 07 مارس 2021، متأثرا بجروح أصيب بها على مستوى الرأس والبطن نجمت عن أعيرة نارية أطلقتها عليه الخميس الماضي، عناصر من الجيش الجزائري على مستوى المنطقة العسكرية الواقعة قرب الرابوني بمخيمات تندوف لمجرد انه كان ينقل كمية من “الكازوار” بغرض بيعها للرحل .
هذه الجريمة الجديدة في حق الصحراويين المحتجزين بمخيمات الذل والعار بتندوف بالجزائر، المرتكبة من طرف الجيش الجزائري، تم تمريرها، كما هي العادة، تحت غطاء الصمت المذل لقيادة “جمهورية تندوف”، حسب موقع إلكتروني دعائي موال ل”بوليساريو.“
هذا الحادث الجديد ينضاف إلى حوادث أخرى لا تقل خطورة ضد ساكنة مخيمات تندوف، سواء في الخيم أو في المعتقلات، إذ في واقعة وحشية وجد خطيرة وصفها موقع إلكتروني جزائري معارض بجرائم التنظيم الارهابي “داعش”، بعد أن أقدم العسكر الجزائري، بعد زوال يوم الاثنين 19 أكتوبر 2020، على قتل شابين صحراويين، حرقا داخل بئر، حيث كانا الضحيتان ضمن مجموعة من المنقبين الصحراويين عن الذهب شرق ما يسمى ب”مخيم الداخلة” بمخيمات الذل والعار.
واستنادا إلى أخبرا واردة من المخيمات والتسجيلات الصوتية التي تم تداولها على تطبيق الواتساب، قامت دورية لمن عناصر من النظام العسكري الجزائري بمطاردة المنقبين، الأمر الذي دفع غالبيتهم إلى الفرار خوفا من بطش ووحشية هؤلاء العسكر.
وفي الوقت الذي تمكن مرافق الضحيتين الذي كان في أعلى البئر من الهروب، اختبأ الضحيتان اللذان في أحد الآبار…، أقدمت عناصر النظام العسكري الجزائري، وبدافع الغل وبدون رحمة ولا شفقة ودون أي وازع ديني ولا أخلاقي ولا انساني، ودون انتظار خروجهما من البئر، حسب نفس المصادر، على اشعال النار بغطاء ورمته داخل البئر ثم سكبت عليه البنزين ليلفظ الشابان أنفاسهما حرقا، بعد أن التهمت ألسنة النيران جسديهما وخنقت الأدخنة أنفاسهما، وحولتهما إلى ركام من الفحم.
القتيلان من ساكنة ما يسمى ب”مخيم العيون،” بمخيمات الصحراويين المحتجزين تندوف، ماتا شهيدا لقمة العيش، ونتيجة رعونة الجيش الجزائري، الذي لا يعرف شفقة ولا رحمة ولا يعترف بحقوق الانسان ولا بالحق في العيش الكريم ولا بالحرية في التحرك حيث حول تلك المخيمات المحاصرة إلى أكبر سجن في العالم، عقاب كل من حاول الفرار القتل بشتى الطرق.
وعاشت مخيمات اللاجئين الصحراويين بمخيمات الذل والعار بتندوف حالة من الاستنفار الاستثنائي، بعدما تدخل مسلحو ميلشيات “بوليساريو” لإفشال عملية فرار جماعي لمجموعة من عناصره، محسوبين على الناحية العسكرية السابعة.
وحسب رواية أحد رفاق الفارين فإن الأمر كان يتعلق بكتيبة كاملة، التي اتفق أفرادها على هذه الخطوة الخطيرة بعدما وصل بهم الإحساس باليأس والظلم والإهمال من طرف القادة، خصوصا وسط فئة المقاتلين البسطاء، بالإضافة إلى الظروف السيئة جدا لأداء المهام، وضعف الراتب الشهري وتسلط قادة النواحي العسكرية لجمهورية تندوف.
وقد تمكنت وحدات من ميليشيات “بوليساريو”، بعد توصلها بمعلومات عن تخطيط كتيبة كاملة للقيام بعملية هروب جماعي باتجاه الجدار الأمني بالصحراء المغربية، فاستعملت الرصاص الحي لتوقيف الفارين، فأردت أحد العناصر “السالك حراري” صريعا في عين المكان، فيما أصيب عنصران آخران في أنحاء مختلف من جسديهما، قبل اقتادتهما إلى مكان مجهول للاستنطاق.
وسبق أن أورد منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بتندوف المعروف اختصارا بـ”فورساتين” خبر مقتل شخصين صحراويين برصاص عناصر الجيش الجزائري، على بمنطقة تسمى “وديان تطرات” الفاصلة بين الحدود الجزائرية والموريتانية، وذلك خلال كمين نصبه لشاحنتين كبيرتين وسيارتين من نوع الدفع الرباعي كانت تقل عددا من الصحراويين من ساكنة مخيمات جمهورية تندوف.
وقد تمكن ثلاثة ممن كانوا على متن العربات المستهدفة من الوصل إلى المخيمات أحدهم يعاني من إصابة بليغة، فيما لا يزال آخرون في عداد المفقودين.
وقد أثار الحادث الخطير، حسب نفس المنتدى، استنكارا واسع النطاق داخل المخيمات، الذي يدخل في إطار الحملة الشرسة التي تقودها الجزائر على أبناء المخيمات الذين عانوا في السنوات الأخيرة من تزايد التضييق عليهم حد إعطاء الأوامر للجيش الجزائري باتفاق مع قيادة “بوليساريو” بعدم التهاون في إطلاق النار على أي شخص يحاول التسلل خارج المخيمات تحت ذريعة الدواعي الأمنية واستفحال الإرهاب والتهريب بالمنطقة، في الوقت الذي يراه سكان المخيمات إجراء جزائريا لمنع عودة أبناء المخيمات إلى المغرب، والحد من الهجرة البشرية التي أصبحت تهدد المخيمات بالاندثار.
من جهة أخرى، ندد سفير المغرب في البيرو أمين الشودري، بالوضع المأساوي واللاإنساني للصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف بالجزائر، الذين يتعرضون لعمليات تلاعب غير أخلاقية ودنيئة، ويُستَغلون كأداة للابتزاز السياسي.
وأبرز الشودري في محاضرة نظمتها جامعة سان إغناسيو دي لويولا، تحت شعار “وضعية حقوق الإنسان في الصحراء المغربية”، ضمن إطار الندوة الرابعة للعلاقات الدولية، أن المغرب ظل على الدوام يعبر عن قلقه إزاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف، والممارسات اللاإنسانية والفظائع التي ترتكبها “البوليساريو“.
كما سلط الدبلوماسي المغربي الضوء على أبعاد النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي يتجسد من خلال مختلف المشاريع الاجتماعية والاقتصادية التي تمهد الطريق لجهوية متقدمة وحكامة محلية تتماشى مع تطلعات سكان وخصوصيات المنطقة.
وسبق أن سجل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في تقريره إلى مجلس الأمن حول الصحراء المغربية في أكتوبر الماضي، مسؤولية الجيش الجزائري عن مقتل صحراويين اثنين بمخيمات تندوف.
وأبرز غوتيريش، في تقريره، أن المكلفين بولاية في إطار الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان أحالوا رسالة بشأن إعدام خارج نطاق القضاء لاثنين من الصحراويين بمخيمات تندوف من قبل قوات الأمن الجزائرية في موقع منجمي بالقرب من “مخيم الداخلة” بتندوف بالجزائر في أكتوبر 2020.
وفي هذا الصدد، أشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى الرسالة التي تم التوصل بها من خبراء أمميين بشأن هذا الحادث، وخصوصا، المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، والمقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
كما سبق للمفوضية السامية لحقوق الإنسان أن دعت في رسالتها، السلطات الجزائرية، إلى وقف الانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها ضد ساكنة مخيمات المحتجزين بتندوف.
وفي إطار متابعة قضية اغتيال اثنين من الصحراويين كانا ينقبان عن الذهب في مخيمات تندوف، وفي أعقاب الشكوى التي قدمتها منظمة غير حكومية إلى المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، تم إرسال رسالة عاجلة إلى الحكومة الجزائرية من قبل المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
ومما جاء في الرسالة: “أن السلطات الجزائرية تُفرط في استعمال القوة”، مبينة أن هذه الانتهاكات حدثت على الأراضي الجزائرية وهي من تتحمل المسؤولية القانونية إزاء هذه التطورات الخطيرة.
وشددت المفوضية السامية لحقوق الإنسان على أن الجزائر تتحمل مسؤولية انتهاك حقوق الإنسان في مخيمات تندوف، كما دقت ناقوس الخطر إزاء واقع اللاقانون الذي يسود داخل مخيمات العار.
ونددت المفوضية، بتنصل الجزائر من مسؤولياتها الدولية في حماية الصحراويين المتواجدين على ترابها.