الطيب الشكري
سبق لنا في أعداد سابقة من الجريدة، أن تطرقنا إلى الوضعية الصعبة التي تعيشها مناطق الظهرا والنجود العليا بإقليمي جرادة وفجيج، والتي أصبحت مع توالي سنوات الجفاف، وانحباس المطر خلال هذه السنة مدعاة للقلق، في غياب أفق حقيقي للتعامل مع هذه الوضعية من منطلق الخطر الذي تحدثه، والتي دفعت بعدد من الكسابة الرحل، وبخاصة الصغار منهم إلى طي خيامهم، والنزوح إلى هوامش المدن، فكل من زار جماعة معتركة وتندرارة سيقف على هشاشة الوضع الاجتماعي الذي تعيشه الساكنة، والذي دفعها أكثر من مرة إلى الاحتجاج على تردي الأوضاع الاجتماعية، وغياب حلول واقعية للمشاكل التي تئن تحت وطأتها العديد من الأسر، خاصة في تعامل الدولة مع مطالبها، والتي تتمركز حول دعم الكساب، وفق إستراتيجية تأخذ بعين الاعتبار بنيوية ظاهرة الجفاف، والقطع مع الحلول الترقيعية التي لم تصمد أمام هذا الوضع الكارثي، فجفاف الأرض، وانقطاع المطر، وغلاء الأعلاف كان له الأثر السلبي على تربية المواشي، النشاط الأساسي بهذه الجماعات، حيث تنعدم أنشطة موازية تمتص بطالة الشباب التي تعرف ارتفاعا مخيفا.
عدد من الكسابة ممن التقت بهم الجريدة، أكدوا أن هذا الوضع الذي تعيشه منطقة الظهرا بجماعتي تندرارة ومعتركة كان له الأثر السلبي على وضعهم الاجتماعي المتدهور أصلا، وعلى ماشيتهم التي تدنى ثمن بيعها يشكل كبير، الأمر الذي اضطر العديد منهم إلى بيع ما تبقى له من رؤوس أغنام، والاستقرار في هوامش المدن، وحتى الجماعة بحثا عن فرص عمل منعدمة.
وضع ارتفعت معه الأصوات البرلمانية التي حذرت من استمرار التجاهل الحكومي/ ومن بينها السؤال الشفوي الآني الذي تقدم به عضو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، الدكتور عمر أعنان، إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، حول علف الماشية والشعير المستورد، والذي أكد من خلاله أن الكساب المغربي يعيش مأساة حقيقية، بسبب غلاء علف الماشية، بعد تفاقم وضعيته، مع تأخر التساقطات المطرية، خصوصا في المناطق التي تعاني من الجفاف، وهي الوضعية التي تهدد القطيع، باعتباره ثروة وطنية، ومخزون غداء إستراتيجي، ومصدر رزق لفئة واسعة من الشعب، خصوصا ساكنة العالم القروي المهددة بالهجرة.
عضو الفريق الاشتراكي قدم معطيات متعلقة بعلف الماشية والشعير المستورد، موضحا أن ثمن الشعير المستورد عند وصوله إلى المرسى يبلغ 370 درهما للقنطار، وأن ثمن القنطار بلغ 457 درهما في طلب العروض الأخير بتاريخ 11 نونبر، وهي الأثمنة التي تجاوزت بكثير إمكانية البيع والشراء، علما أن الشعير يخضع للضريبة على القيمة المضافة البالغة 10% ، ورسم الإستيراد البالغ 2,5 %، وأن المخزون الوطني من الشعير شبه منعدم، والوضعية جد مقلقة، اعتبارا لمقدور الاستيراد إلى أفق شهر يونيو، إن كان هناك استيراد، لا يتجاوز 200،000 طن، كما أشار النائب البرلماني عن دائرة وجدة أنجاد، أن الشعير المدعم لا يستفيد منه إلا القلة من ” المحظوظين “، ولا يصل إلى عامة الكسابين، مطالبا من وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات توضيح الإجراءات التي يعتزم القيام بها لتخفيض ثمن العلف، حتى يكون في مقدور كافة الكسابين، مسائلا إياه عن إمكانية لجوء وزارته إلى إلغاء الضريبة على القيمة المضافة التي يخضع لها الشعير المستورد، في ضوء العواقب الوخيمة لهذه الضريبة على مستقبل القطيع، مقارنة مع أهمية مداخيلها، و التدابير التي ستقوم بها الوزارة من أجل تعزيز المخزون الوطني من الشعير، والضمانات والتحفيزات التي ستقدم لمستوردي الشعير.
فاليوم مسؤولية الحكومة والوزارة الوصية قائمة في إيجاد حلول لهذه المعضلة الاجتماعية، وابتكار حلول آنية تساهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأن استمرار الوضع بهذه الحدة ينذر بالأسوأ.