عبد العزيز داودي
أسئلة كثيرة طرحها العديد من المعلقين على نتائج انتخابات مجلس المستشارين، التي جرت أطوارها في الخامس من شهر أكتوبر الجاري، وتتمحور كلها حول الطريقة العشوائية التي يتم بها منح التزكيات للمترشحين، سواء كانوا في الغرف المهنية، أو في الجماعات الترابية، على اعتبار أن الولاء للتنظيم السياسي والانضباط لأوامر مقرراته، كانت الغائب الأكبر، فالعديد من المستشارين الجماعيين مثلا صوتوا ضد أحزابهم في انتخابات أعضاء الغرفة الثانية، وما حصل بجهة فاس مكناس يثير الاستغراب حقا، حيث أن مجموع الأصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الجماعية لم يتعدى 75 مقعدا، ومع ذلك حصل سعيد شيكر مرشح الحزب على 872 صوتا، وفاز بمقعد له بمجلس المستشارين، وطبعا التفسير الوحيد لهذا الاكتساح هو أن الأحزاب السياسية بجهة فاس تمردت على قرارات قيادتها وصوتت ضد من زكاها.
والأكيد ان جهة فاس مكناس ليست بالوحيدة، فهناك أخبار متداولة أيضا بمدينة ورززات تؤكد على أن حزبا سياسيا حصل على5 مقاعد في انتخابات الجماعات الترابية، وفي مجلس المستشارين حصل المترشح بنفس الحزب لعضوية مجلس المستشارين على 0 صوت، في حين أن حزبا آخر وبنفس المدينة حصل على مقعدين فقط في انتخابات أعضاء الجماعات الترابية، ومع ذلك حصل على 20 صوتا في انتخابات مجلس المستشارين.
معطيات تسيء إلى العمل الحزبي بشكل عام، وتكرس لمقولة تحول العديد من الأحزاب إلى دكاكين لا تشتغل إلا في موسم الانتخابات، وليس لها من وظيفة سوى توزيع التزكيات، وفي غالب الأحيان تستند هذه التزكيات على منطق من يدفع أكثر، لتبقى إذن الحاحة ماسة إلى أحزاب قوية تمارس مهامها الوظيفية في التأطير، وفي التعبئة، وفي نشر قيم المواطنة التي تبقى الخيار الأمثل لتنمية فعلية مستدامة وحقيقية، مع ما يعنيه ذلك من تحمل الأحزاب لأي مسؤولية في تمييع المشهد السياسي، وفي تنفير السواد الأعظم من المواطنين/ت عنه، وهو ما يكرس للعزوف عن الإدلاء بالأصوات في الانتخابات بمختلف تلاوينها.
ويبقى المدخل الأساسي لإصلاح العمل الحزبي هو قانون يقطع مع الريع ونظام الامتياز، الذي مازال يشكل الهدف الأسمى للعديد من المنتخبين، ومعنى ذلك أن العمل الحزبي يجب أن يكون تطوعيا يراعي الصالح العام، ويجسد لسمو الوثيقة الدستورية في المناصفة وتكافؤ الفرص، ويساهم في تخليق الحياة العامة.