عبد العزيز داودي
تمتد الحدود الشرقية للمغرب من مدينة السعيدية إلى قرية بني ونيف بإقليم فڭيڭ، ورغم أن السياج الأمني مع الجزائر شمل مساحات واسعة إلا أنه مازالت هناك منافذ يتسلل منها، ليس فقط المهاجرون جنوب الصحراء، وإنما أيضا الأطنان من الحبوب المهلوسة، والتي قد يسعى عسكر الجزائر جاهدا إلى إغراق المغرب بها، بمعنى أن التحدي كبير جدا، وأن الاستنفار الأمني يجب أن يكون في أعلى درجاته على اعتبار أن نظام العسكر لن يكتفي بقطعه لعلاقاته الديبلوماسية مع المغرب، بل سيتجاوز ذلك ليباشر استفزازاته المعلومة للاستيلاء على أراضي وضيعات سكان الشريط الحدودي، وذلك للتنفيس عن أزماته الداخلية العميقة ولتهريب معاناة الشعب الجزائري خارج الحدود. لنبقى في أمس الحاجة إلى تمتين الجبهة الداخلية لساكنة الجهة الشرقية عبر تحمل الجميع لمسؤولياته التاريخية في الدفاع عن وحدة الوطن وسلامة أراضيه، وبالتالي فإن القطع مع الأساليب الماضية في تشكيل المجلس الجهوي ومجلس جماعة وجدة والمجلس الإقليمي تبقى بالغة الأهمية، لأن المجالس مطالبة بالرد الحازم على قرار عسكر الجزائر بخلق تنمية مستدامة في الجهة الشرقية، ورفع التهميش عن ساكنة الشريط الحدودي بما يضمن لها العيش الكريم، بعيدا عن الصراعات السياسوية الضيقة، وعن التحالفات المشبوهة والهجينة التي من شأنها إعادة السيناريوهات السابقة بحمولتها الثقيلة على رداءة خدمات المرافق العمومية.
والجهة الشرقية لا تحتاج إلى وعود بقدر احتياجها إلى ترجمة المشاريع على أرض الواقع، بمعنى أنه إذا كانت هناك من خطة لجلب المستثمرين الصينيين والماليزيين والأمريكو لاتنيين، فلا يجب أن يكون هذا شعارا للاستهلاك، بل مشاريع ملموسة تخفف من العبئ الثقيل للعاطلين عن العمل عبر خلق فرص شغل قارة، وتكوين أطر منتمية إلى الجهة تلعب دورها في إنعاش الاقتصاد.
أما صرف المال العام في تمويل جمعيات وتعاونيات دون الالتزام بكناش التحملات، فإن الأرانب والنعاج والأبقار لن تفي كلها بالغرض، والعبرة طبعا بالخواتم، والخاتمة هي احتلال الجهة الشرقية للمرتبة الأولى في عدد العاطلين عن العمل بـ 18 % من السكان النشيطين، وبالتالي فإن مجلسا، كيف ما كان لونه، إذا لم يخفف من عدد العاطلين عن العمل فيعتبر فاشلا في تدبيره للشأن المحلي أو الجهوي، بل إن ربط المسؤولية بالمساءلة يقتضي محاسبة المقصرين…