عبد العزيز داودي
يوما بعد آخر يتأكد أن الانتشار الجماعي لجائحة كورونا بدأ يتخذ أبعادا خطيرة، فبعد الأرقام المقلقة جدا في عدد الإصابات، ها هي حالات الوفيات تأخذ هي الأخرى منحى تصاعديا وتسجل كل يوم أرقاما قياسية، وهو ما يدفع إلى طرح السؤال العريض: متى سيتخلص العالم من هذه الجائحة ويعود ساكنوه إلى ممارسة حياتهم الطبيعية دون قيود؟ وهل بالتلقيح وحده يمكن أن نحقق فعلا ما يسمى بالمناعة الجماعية؟ أم أن ذلك مجرد احتمال فقط ولا يؤدي إلا إلى التقليص من أعداد الحالات الحرجة، وبالتالي تخفيف الضغط على أقسام الإنعاش؟
كما أن إقدام العديد من الدول على تلقيح مواطنيها بجرعة ثالثة زاد من المخاوف، وأكد على أن الفيروس وبتمحوراته المختلفة قادر على الصمود والعيش، بل حتى على التأقلم مع مختلف الظروف. ومن هنا الخشية من تأييد معاناة ساكنة الأرض مع فيروس أثبتت التجارب أنه لا يستسلم بسرعة، وإنه كالخلايا الإرهابية النائمة ينتظر الوقت المناسب لتنفيذ عملياته الإرهابية.
ولن نكون سوداويين أو عدميين إذا قلنا أن معركة الانتصار على جائحة كورونا ما زالت طويلة.. وحتى إن ربحنا حروبا فهذا لا يعني إطلاقا أننا كسبنا المعركة، لأن هامش المناورة لدينا ضيق جدا، وليس لنا من خيار سوى المساهمة الواسعة في عملية التطعيم أو التلقيح الواسعة، ثم الاستمرار في التقيد الصارم بالإجراءات والتدبير الاحترازية، وغير ذلك هو الإلقاء بالنفس إلى التهلكة عبر مشاهدة سيناريوهات الموت الجماعي كما وقع في دول كثيرة كالهند التي مازال الموتى فيها بالآلاف، ووصلت حد عدم وجود الحطب الكافي لحرق الجثث، بحسب ما جاء لسان مواطن مغربي قدم من الهند، ويحكي بمرارة عن جحيم عاش في كنفه وهو يرى بأم عينيه نفاذ الأوكسيجين في المستشفيات، والنتيجة الحتمية هي الاختناق، ليس لمرضى كوفيد فقط، بل لباقي المصابين بأمراض مختلفة.
فالحذر كل الحذر إذن قبل أن يخرج الأمر عن السيطرة ويتطور إلى ما لا يحمد عقباه. قد نقيد حياتنا بوضع الكمامات وباحترام التباعد الاجتماعي، لكن مع ذلك لا خيار لنا لأنه من رمانا على المر إلا الأمر منه.
وعليه وجب علينا أن نعي بأن الأمن الصحي مسؤولية جماعية وفردية، وأن الحق في الحياة هو أقدس الحقوق المكفولة دستوريا، وليس لأي أحد الحق في الإجهاز عليه باستهتاره…