بقلم الدكتور جمال حدادي
من السهل الادعاء بالانتساب لمجال الفن والثقافة، والحديث في مجاليهما وإظهار الحرقة، ولكن من الصعب الوصول إلى استحقاق التميز بالتأسيس الدائم والمستمر، وحس المبادرة والاقتراح وروح الحلم والتحقيق و الإنجاز.
إنها المبادرة الرائعة اليوم التي كانت فكرة ثم حلما يراود حتى أصبح حقيقة، قاعة سينمائية بمواصفات الاستضافة الفنية لعروض سينمائية والاستمتاع بالصوت والصورة بكل مواصفات القاعات المحترفة، بل بفضاء للنقاش حول الفيلم.
نعم أصبح هذا الحلم حقيقة بقاعة سينمائية مصغرة متكونة من 18 مقعدا، وبشاشة عرض، وبنظام صوتي رائع وبتهوية وتكييف هوائي، فضاء يكمن لمن يرغب في استثماره في إطار شراكة أو تعاون، مساهمة في نشر ثقافة السينما والصورة والفرجة والثقافة والفن، وتنشيط نادي السينما وزرع ثقافة الصورة في نفوس الراغبين في السينما ومجالاتها.
الفضاء موجود في شارع الدار البيضاء، يشرف عليه المبدع المتميز الأستاذ خالد سلي، وسهر على تأسيسه وتجهيزه بكل ما يجب، حتى لا تنحصر أعمال الجمعية التي تأتلف من قامات وهامات في الثقافة والفن، والتي تساهم في إشعاع وجدة الحبيبة وجهة الشرق، بل المملكة، بالمهرجان المغاربي ذائع الصيت، وكان بالإمكان أن يكتفي الاستاذ خالد ومن معه من باقي أعضاء الجمعية باستثمار الفضاء لأهداف تتعلق بالجمعية، لكنه أبى فضلا منه وحبا للسينما وإشراك في المتعة لكل الشغوفين بالسينما، أبى إلا أن يشرك الجميع، بل يحرص على أن تستفيد الناشئة والشباب والمثقفون من هذا الفضل الفني الكبير.
اليوم كانت لي ولعدد من الشغوفين بالثقافة والفن فرصة زيارة الفضاء ومشاهدة مقاطع من فيلم، فعلا حلم يتحقق وروعة وشغف يصعب وصفه في مدينة تشبه في مصيرها العديد من المدن التي عدمت فيها وأعدمت دور السينما، وبعدما كانت الفرصة تسنح شريطة التنقل للرباط أو الدار البيضاء، ها هي وجدة تزهو أمام باقي المدن، وتحتفل وتحتفي بدار سينما.
فكل الشكر والشكر لا المتناهي للمبدع خالد، النموذج الحري بتعداد أفضاله على الجهة، ثقافيا وفنيا، وغيرته وتحقيقه لفكرة راودته وأسس بها مشروعا فكريا فنيا ثقافيا ومتنفسا وفضاء يحق له الفخر والاعتزاز بتملكه ومشاطرته مع من يتقاسمون معه شغف السينما، وشكرا للجمعية بأعضائها، وشكرا لمن جاء وحضر الافتتاح من مشارب فنية وثقافية متعددة ممن وعدوا بالمساهمة في نموذجية هذا المشروع وتميزه واستفادة شمولية عامة منه.