عبد المجيد بوجيدة
إن السياسة كما يراها مكيافيلي “الغاية تبرر الوسيلة”، أي السماح بتوظيف وسائل المكر والازدواجية (الخداع) في السلوك السياسي، مع إمكانية استعمال كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة لتحقيق أهداف شخصية وذاتية. ويطلق مصطلح النخبة في النظريات السياسية والاجتماعية على “الأشخاص المسيطرين على موارد مالية أو قوة سياسية تأثيرية”.
إن جدلية السياسة والنخب تجد صداها في التصورات التي يعبر عنها مختلف المهتمين والفاعلين في الشأن السياسي، كما تثار معضلة النخب عند كل موسم انتخابي على المستوى الوطني والمحلي، بحيث أصبحت أغلب الأحزاب السياسية تحت رحمة الضغط الانتخابي في اختيار من يمثلها.
إن النخب؛ على المستوى المحلي “إقليم ڭرسيف”، تعجز عن ترك المجال لغيرها في الساحة السياسية، حيث لا يهمها شيء بقدر ما يهمها الحصول على السلطة والنفوذ والمال. وهو الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال حول إصلاح العمل السياسي على مستوى هذا الإقليم، إذ أصبحت الأحزاب السياسية غير قادرة على محاولة الانفتاح على الطاقات الشابة في محاولة تجديد نخبها السياسية، بل تحاربها وتحاول قبرها بكل ما أوتيت من قوة.
وعلى مر عقدين من الزمن، لم تتغير الخريطة السياسية بإقليم ڭرسيف، فأصبحت نفس الوجوه تتحكم في المشهد السياسي، وهذا الأمر يوسع فجوة عدم الثقة في هذا المشهد المقيت الذي يؤثر سلبا على المواطن وعلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالإقليم، خصوصا وأن هذه الأحزاب تصارع بعضها البعض لتحقيق مكاسب سياسية ليس إلا، ولا تتصارع من أجل قوة برامجها الانتخابية أو لخدمة المواطن الذي يبقى عاجزا أمام هذه النخبة التي لم تستحيي من نفسها ولا من تواجدها.
هذه التمثلات والتصورات حول “أزمة سياسة أو أزمة نخب” على المستوى المحلي، سيكون لها عواقب وخيمة على الإصلاح السياسي من جهة، وعلى التنمية المحلية بكل أبعادها من جهة ثانية، وبالتالي فاستمرار هذه النخب التي تحاول في كل موسم انتخابي توجيه النقاش العمومي المحلي من خلال الانشغال بمناقشة الوجوه السياسية التي ستمثل الساكنة بدل مناقشة البرامج والخطط الاستراتيجية للتنمية.
إن صناعة النخب السياسية على مستوى إقليم ڭرسيف يشكل معضلة حقيقية، تتحمل فيها الأحزاب السياسية مسؤوليتها، خاصة وأن هذه الأخيرة أصبحت عبارة عن بدلة ترتديها النخب وتخلعها حسب الظروف وحسب المصلحة، ولم تعد ترتبط بأي برنامج سياسي.