عبد العزيز داودي
لم تعد أرقام الإصابات بفيروس كورونا، بمختلف أجناسها المتحورة، مقلقة فحسب، بل أضحت مخيفة وتنبئ بالأسوأ في الأيام القادمة، باعتبار تضاعف عدد الإصابات سيؤدي لا محالة إلى الضغط على المنظومة الصحية التي لم تسترد عافيتها، وبالتالي، فإن الأطقم الطبية والتمريضية وأقسام أسرة الإنعاش ليس بوسعها إطلاقا تحمل المزيد من الضغط.
والأكيد أن تخفيف التدابير الاحترازية المواكبة لجائحة كورونا، وفتح الحدود البحرية والجوية وعودة الآلاف من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ثم التنقل بين المدن، فمناسبة عيد الأضحى المبارك، ثم موسم الاصطياف، كلها عوامل مساعدة، وبشكل كبير، على تفشي الوباء بسرعة أكثر، وبانتشار أوسع.
وما يحدث في محيطنا المغاربي لدى الأشقاء التونسيين والجزائريين من ضحايا بالآلاف يستوجب منا التحرك بالسرعة المطلوبة قبل انفلات الوضع إلى ما لا يحمد عقباه. وليس هناك من حل سوى الرهان على الوعي المجتمعي المشترك، لأن الأمن الصحي، والحق في الحياة هو أقدس الحقوق المكفولة دستوريا. وبالتالي فإن انتكاسة وبائية أخرى، والرجوع إلى نقطة الصفر، من شأنه الإجهاز على كل المكتسبات التي حققها المغرب لحدود الآن، ومن شأنه كذلك تسفيه المجهود الجبار للدولة في تعاطيها مع الجائحة.
وفي أفق كسب المغرب الرهان بتلقيحه لما لا يقل عن 80 % من مواطنيه، على المجتمع، أفرادا وجماعات، الالتزام بأقصى درجات الحيطة والحذر. وطبعا هذه الإجراءات مملة وقد تكون مقيتة ومزعجة، كالتباعد الاجتماعي ووضع الكمامات بالشكل الصحيح، وقد تقيد حرية الأفراد والجماعات في التجمع والتنقل، ومع ذلك تبقى إجراءات لا مناص منها عملا بالمثل المأثور: “ما رماني على المر إلا الأمر منه”..